عادي

حوّل بحيرتها إلى بركة.. الجفاف يضرب الحبانية العراقية

13:01 مساء
قراءة 3 دقائق
٦

العراق (أ ف ب)

عمل محمد في متجره الصغير في المدينة السياحية القريبة من بحيرة الحبانية في وسط العراق لسنوات، لكنه لم يشهد عاماً مثل 2023؛ إذ طال الجفاف الذي يضرب العراق البحيرة، وأثّر سلباً في جذب السياح.

في أكثر أيّام شهر أغسطس/ آب حراً، لم يكن المكان الذي يضمّ شققاً سياحية وفندقاً، يهدأ في الماضي خصوصاً في أيام عطلة نهاية الأسبوع.

لكن، يوم الجمعة، هذا لم يأتِ سوى عدد قليل من الزبائن إلى متجر محمد. أما الشاطئ الذي ازدادت مساحته مع تراجع منسوب المياه، فبدا خالياً. ولم يعد المكان سوى ظلٍّ لما كان عليه في الماضي، حينما كان واحداً من أفضل المنتجعات السياحية في الشرق الأوسط بعد تأسيسه في عام 1979.

يروي محمد من أمام دكانه الذي يبيع فيه المرطبات والمياه وملابس ومعدّات السباحة لسياح لم يأتوا هذا العام أنه «خلال العامين الماضيين، كان هناك عمل وحركة»، لكن «الآن لا يوجد مياه، هذا عام جفاف».

ويضيف الشاب البالغ من العمر 35 عاماً والذي فضّل عدم إعطاء اسمه كاملاً أنه «بسبب قلّة المياه، توقف العمل وتوقفت الحركة، لا يأتي أحد...إذا عادت المياه، يعود الناس».

وبالفعل، فإنّ مياه البحيرة التي تبعد نحو ساعة ونصف الساعة في السيارة عن بغداد، تراجعت عشرات الأمتار.

يوضح مدير الموارد المائية في محافظة الأنبار جمال عودة سمير، أن «البحيرة تحتوى الآن على 500 مليون متر مكعّب من المياه» فقط، مقابل «قدرة استيعابية قصوى هي 3.3 مليار متر مكعب»، مضيفاً أنه في عام 2020، كانت البحيرة مملوءة إلى حدّها الأقصى.

بعد الظهر، خلت المدينة السياحية في الحبانية تماماً إلّا من بضعة كلاب شاردة، ونوارس حلّقت فوق ما تبقّى منها. ووُضعت مظلّات متفرقة على الشاطئ، بينما بدت الشقق السياحية المحيطة خالية.

قبيل غروب الشمس ومع تراجع درجات الحرارة قليلاً، افترشت عائلات قليلة، الأرض الموحلة، منهم من جاء من مدينة الفلوجة المجاورة، وجاء آخرون من بغداد. استمع البعض إلى الموسيقى، فيما طها آخرون اللحم والدجاج على الفحم، ودخّنوا النرجيلة. ولعب الأطفال في بقعة واحدة لا تزال المياه جارية فيها. أما في مواقع أخرى، فالمياه ضحلة وموحلة، ولا تصلح للسباحة.

جاء قاسم لفتة من مدينة الفلوجة المجاورة إلى البحيرة لقضاء وقت مع عائلته وأولاده. ويقول الرجل البالغ من العمر 45 عاماً والذي يعمل تاجراً إنه في السابق «كنا نأتي إلى هنا وكان الوضع أفضل، كانت المياه أعلى، ووضع المكان أفضل»، لكن هذه السنة «هي الأسوأ، بسبب قلة المياه، وانخفاض مستوى البحيرة».

وناشد الدولة «أن تهتم بالمكان، لأنه المتنفس الوحيد ليس فقط لأهل الأنبار؛ بل للمحافظات الجنوبية وبغداد أيضاً». ويعود هذا الوضع المأساوي لواقع أن العراق يعيش عامه الرابع من الجفاف، ويعدّ من الدول الخمس الأكثر تأثراً ببعض تداعيات التغير المناخي وفق الأمم المتحدة.

وفي زيارة إلى العراق الأسبوع الماضي، حذّر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، من أن ما يشهده العراق من جفاف وارتفاع في درجات الحرارة هو بمنزلة «إنذار» للعالم أجمع.

أما المخزون المائي في العراق، فهو «الأدنى في تاريخ الدولة العراقية الحديثة منذ مطلع عشرينات القرن الماضي»، كما قال المتحدّث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال في وقت سابق ل«فرانس برس».

في الحبانية، أسهم تراجع الأمطار وارتفاع درجات الحرارة في انخفاض المنسوب المتأثّر أيضاً بتراجع نهر الفرات الذي ينبع من تركيا ويعبر في سوريا ويغذّي البحيرة. وبحسب مدير الموارد المائية في الأنبار، فإن تراجع منسوب البحيرة ونهر الفرات يعود إلى «قلة الإطلاقات المائية من دول المنبع مثل تركيا وسوريا»؛ لذلك اضطرت الوزارة «إلى سحب المياه من بحيرة الحبانية، لتعزيز الحصص المائية في محافظات الوسط والجنوب».

وتقول السلطات العراقية إن السدود التي تبنيها الجارتان تركيا وإيران تعدّ سبباً رئيسياً في تراجع منسوب نهري دجلة والفرات على الأراضي العراقية. ويعمل صداع صالح محمد في إدارة المنتجع منذ 25 عاماً. ولحظ في حديث أنه «منذ أكثر من عام، بدأت البحيرة بالانخفاض».

وأضاف صالح، مدير قسم التدقيق والرقابة الداخلية في المدينة السياحية أنه «لا يمكن المقارنة» مع السنوات السابقة، «ففي مثل هذه الأوقات، تكون الحبانية مملوءة، سواء السكن أو الشاطئ».

لكن «حالياً، أصبح ارتياد السياح للحبانية ضعيف جداً»، كما قال. وفي عام 2020، وعلى الرغم من الحجر الصحي المرتبط بجائحة كورونا، فإن الشقق السياحية سجلت 9 آلاف حجز، لكنّها حالياً لم تتجاوز 3 آلاف منذ مطلع العام، وفق المسؤول.

وتابع بحسرة «البحيرة أصبحت عبارة عن بركة ماء راكدة لا تصلح لا للشرب ولا للسباحة».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4cvcnfnf

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"