عادي

طموحات «بريكس الموسع» أقرب للواقع

22:53 مساء
قراءة 4 دقائق
قمة بريكس

كتب- المحرر السياسي:

في الوقت الذي سلطت ماكينة الإعلام الغربي كل ما تملك من دعاية للتقليل من شأن قمة مجموعة بريكس التي اختتمت أعالها، أمس، في جوهانسبرغ عاصمة جنوب إفريقيا، من خلال التركيز على ما اعتبرته خلافات وتباينات جيوسياسية بين دول المجموعة، اتخذت القمة قرارات فورية بضم 6 دول لعضويتها بدءاً من الأول من يناير/كانون الثاني 2024.

تركزت كلمات قادة المجموعة على نقطتين أساسيتين هما توسعة المجموعة والبحث في الأدوات التي تضمن تعزيز تجارتها البينية والاستغناء عن الدولار لتعزيز سيادتها وحريتها الاقتصادية، وهو ما أكده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمته عبر الفيديو عندما قال أإن لا رجعة عن الاستغناء عن الدولار.

وقد أعلن رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، دعوة 6 دول جديدة إلى الانضمام إلى مجموعة «بريكس» للاقتصادات الناشئة. وقال رامافوزا، في مستهل اليوم الأخير من اجتماع قمة بريكس: «قررنا دعوة الإمارات والأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والسعودية، لتصبح أعضاء في المجموعة بدءاً من 1 يناير 2024».

وأكد راما فوزا، أن هناك توافقاً بشأن المرحلة الأولى لتوسيع المجموعة التي أكدت جاهزيتها للبحث عن حلول اقتصادية. ودعت المنظمات الدولية إلى التوصل لاتفاق عالمي بشأن السياسات المالية وضرورة حل الأزمات سلمياً.

وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، عبر حساب سموه بموقع التواصل الاجتماعي «X»، (تويتر سابقاً)، نقدر موافقة قادة مجموعة «بريكس» على ضم دولة الإمارات العربية المتحدة إلى هذه المجموعة المهمة. وأضاف سموه: «نتطلع إلى العمل معاً من أجل رخاء ومنفعة جميع دول وشعوب العالم».

ترحيب بالانضمام

ورحب الرئيس البرازيلي لولا دي سيلفا بانضمام الإمارات والأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والسعودية إلى المجموعة التي أصبحت حصتها بعد ضم الدول ال6 من الناتج الإجمالي العالمي إلى أكثر من 36%. وأصبحت تشمل 46 في المئة من سكان العالم. كما أعلنت القمة أن أبواب العضوية مفتوحة لدول العالم الراغبة فيها بعد وضع المعايير الرسمية للعضوية.

ورحب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر الفيديو بانضمام الدول ال6، وأكد عزم المجموعة على الاستمرار في التوسع وضم دول أخرى. كما شدد بوتين على قضايا التعامل بعملة مشتركة بالإضافة إلى العملات المحلية وضمان التعاون البناء والفعال مع الأعضاء الجدد.

وأكد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، أن هذه القمة كانت لها نتائج إيجابية جداً، خاصة توسيع مجموعة بريكس وهو قرار مهم ولطالما كانت الهند مؤمنة بضرورة توسيع المجموعة.

أما الرئيس الصيني شي جين بينغ، فقال إن دول بريكس مجتمعة تملك نفوذاً كبيراً وتتحمل مسؤولية إحلال السلام. واعتبر شي، توسيع عضوية المجموعة حدثاً تاريخيا. وقال: «هذا التوسع سوف يشكل نقطة بداية جديدة للتعاون بين دول المجموعة، وسيكون المستقبل مزدهراً ومثمراً للدول الأعضاء».

وانعقدت القمة في وقت يتسم بالتوترات الحادة بين الولايات المتحدة ومنافسيها، خاصة الصين وروسيا، حيث تستدعي الإخفاقات المتعددة للنظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة في دعم اثنين من المتطلبات الأساسية لدول الجنوب العالمي وهما التنمية الاقتصادية وحماية السيادة، البحث حثيثاً عن هياكل بديلة. وتشكل مجموعة «بريكس» ومنظمة شنغهاي للتعاون أهم ظاهرتين في هذا السياق؛ حيث تجمعان شرق العالم وجنوبه معاً في غرف لا تحظى فيها واشنطن وحلفاؤها بالترحيب.

وشكلت قمة جوهانسبرغ، مفترق الطرق التالي بالنسبة لمجموعة بريكس، بعد سنوات تأسيسها في الفترة 2009-2010 وإنشاء كيانها لتمويل التنمية (بنك التنمية الجديد) في عام 2015. من هنا ركز جدول أعمال القمة أولاً على إيجاد طريقة للتجارة والاستثمار البيني بعيداً عن استخدام الدولار الأمريكي، وثانياً قبول دول جديدة في النادي.

وبينما ركز الرئيس الروسي على تحييد الدولار والبحث عن عملة مشتركة بديلة، لا يزال الدولار يهيمن على النظام المالي العالمي ويتأثر بشدة بالاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. يمكن القول إن الاستخدام الواسع النطاق للدولار يسمح للدول بالتداول بسهولة أكبر، لكنه يضع اقتصاداتها أيضاً تحت رحمة أسعار الفائدة الأمريكية والتدابير السيادية مثل التيسير الكمي، ويسمح للولايات المتحدة بفرض العقوبات كيفما تشتهي. بالنسبة للجنوب العالمي، تعد المسارات البديلة لتمويل التنمية وتسويات العملة طرقاً جذابة لتحقيق الاستقلال الذاتي، وتعزيز النمو الاقتصادي، وحماية أنفسهم جزئياً على الأقل من امتداد العقوبات خارج الحدود الإقليمية.

وبينما قد يبدو التخلص من الدولرة بعيد المنال، فإن مجموعة بريكس تتخذ خطوات مهمة لتطوير بدائل لمؤسسات التمويل التي تهيمن عليها الولايات المتحدة مثل البنك الدولي. وعلى الرغم من أن الناتج المحلي الإجمالي للصين يزيد بأكثر من ضعف نظيره في بقية دول بريكس مجتمعة، فقد وافقت على شراكة متساوية في إدارة البنك وحصة متساوية من رأس المال المكتتب بقيمة 10 مليارات دولار لكل منها. والعضوية في بنك التنمية الجديد مفتوحة لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وقد أصبحت بنجلاديش، ومصر، والإمارات العربية المتحدة، وأوروغواي أعضاء في البنك، ومن المرجح أن تحذو دول أخرى حذوها.

وعلى صعيد توسعة المجموعة تبدي دول الجنوب حماسة عالية للانضمام للمجموعة؛ حيث تقدمت ما يصل إلى 23 دولة بطلباتها للحصول على العضوية.

وحضرت دول متعددة اجتماعات «أصدقاء بريكس» في جنوب إفريقيا في وقت سابق من العام. وقد شددت جوهانسبرغ دائماً على إشراك الدول الإفريقية الأخرى في اجتماعات بريكس كمدعوين.

مصالح مشتركة

ولكي تظل مجموعة بريكس قابلة للحياة وتحقق تأثيراً متزايداً، ليس من الضروري أن يكون أعضاؤها الأساسيون أصدقاء مقربين؛ بل يكفي أن تكون لديهم رؤية ومصالح مشتركة. ولا شك أن تشكيل تحالف مع روسيا والصين يمنح دول الجنوب العالمي نفوذاً في تعاملاتها مع الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة. كما أنه يساعد على خلق عالم متعدد الأقطاب، وهو هدف طويل الأمد للقوى المتوسطة في الجنوب.

وفي حين تخوض روسيا والصين منافسة عسكرية واقتصادية مريرة مع الولايات المتحدة، فإن دول الجنوب العالمي ترى في تجمع بريكس وسيلة تكميلية لإنشاء هياكل موازية للهيمنة والنفوذ في عالم كانت فيه واشنطن في كثير من المواقف الحرجة، مضطربة أو حتى محبطة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4vcw855k

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"