عادي

كاراباخ بقبضة أذربيجان في لمح البصر.. كيف تم ذلك؟

17:41 مساء
قراءة 3 دقائق
باريس- أ.ف.ب
يرى العديد من الخبراء، أن أذربيجان بدأت عمليتها العسكرية في إقليم ناغورنو كاراباخ، بعد توفر مجموعة ظروف مواتية لها.
وفي أعقاب عملية عسكرية استمرت 24 ساعة، قال الانفصاليون إنها أدت إلى مقتل أكثر من 200 شخص، أعلن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، الأربعاء، أن بلاده «استعادت السيادة» على الإقليم بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار شملت بنوده موافقة الانفصاليين على إلقاء أسلحتهم وإجراء محادثات مع باكو.
وكان الإقليم محور نزاع مديد وحربين مع أرمينيا آخرهما في عام 2020. لكن بنتيجة عملية، الثلاثاء، خرجت باكو منتصرة في ظرف توفرت فيه عوامل عدة، منها تراجع قوة أرمينيا، وانصراف الدول الغربية إلى قضايا أخرى وحاجتها إلى صادرات الغاز الأذربيجانية، وانشغال روسيا بحربها في أوكرانيا.
  • السياق
على مدى عقود، بقي إقليم ناغورنو كاراباخ الجبلي الذي تقطنه غالبية من الأرمن، محور نزاع مرير بين يريفان وباكو التي يعترف لها المجتمع الدولي بسيادتها على المنطقة. ودارت حربان بين البلدين بشأن كاراباخ، أولهما بين عامي 1988 و1994 راح ضحيتها زهاء 30 ألف شخص، وثانيهما في النصف الثاني من 2020.
وتكبدت أرمينيا هزيمة قاسية في الحرب الثانية التي انتهت باستعادة أذربيجان السيطرة على مناطق محيطة بالإقليم وحتى أجزاء منه.
وقالت الباحثة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ماري دومولان: «من الواضح أن أذربيجان تعتزم إنهاء الوضع القائم»، في إشارة إلى الوجود المسلح للإنفصاليين في الإقليم. وفي أعقاب حرب 2020، طالبت أرمينيا بمباحثات بشأن وضع الإقليم وحقوق سكانه. ورأت دومولان أن «باكو لا تبدي استعداداً للتفاوض على هذه المسألة التي تعتبرها شأناً داخلياً».
وتابعت: «من وجهة نظر أذربيجان، هذه منطقة من مناطق أخرى تحت سيادتها ولا يجب أن تستفيد من حقوق مختلفة». وفي أيار/مايو، أقر رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان بأن بلاده تعترف بناغورنو كاراباخ جزءاً من أذربيجان التي تؤكد أن مواطنيها والأرمن قادرون على التعايش معاً.
لكن الانتصار العسكري الأذربيجاني أثار مخاوف بشأن «حقوق السكان الأرمن» في كاراباخ، ودعوات دولية لضمان سلامتهم. كما أعاد فتح باب الانتقادات الداخلية بحق باشينيان وصولاً إلى اتهامه من قبل محتجين بالتخلي عن أرمن الإقليم.
  • التوقيت
بدأ الهجوم الأذربيجاني، الثلاثاء. وفي غضون 24 ساعة، تم الإعلان عن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار يشمل استسلام الانفصاليين وتسليم أسلحتهم وإجراء مباحثات بشأن «إعادة دمج» كاراباخ.
وكتب الباحث في مركز تشاتام هاوس البحثي لورانس برويرز على منصة «إكس» (تويتر سابقاً): إن العملية «أتت بعد تسعة أشهر من إغلاق أذربيجان العبور إلى المنطقة، وهو حصار زادت حدته اعتباراً من منتصف حزيران/ يونيو». ويؤشر ذلك إلى إغلاق أذربيجان ممر لاتشين، وهو الوحيد الذي يربط أرمينيا بكاراباخ، الأمر الذي أدى إلى الضغط على قادة الإقليم وانهاكهم.
من جهته، اعتبر الباحث في معهد «المسيحيين المشرقيين»، تيغران ييغافيان أن «أذربيجان تقطف ناغورنو كاراباخ بصفتها ثمرة ناضجة».
واستثمرت باكو ظروفاً سياسية مؤاتية في هجومها، فهي تحظى بدعم قوي من تركيا، في حين أن روسيا، الحليف التقليدي لأرمينيا واللاعب الوازن في منطقة القوقاز، منشغلة بحربها في أوكرانيا.
وقالت دومولان: إن «موسكو بلا شكّ لم تعد في موقع يتيح لها أن تكون حكماً (بين يريفان وباكو)، وهي تحتاج الآن إلى أذربيجان أكثر من أي وقت مضى، وليس فقط لأن الأسلحة التي تحصل عليها من بعض الدول تمرّ عبر أراضي أذربيجان».
وقال الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية كيريل شامييف: «ليست لدى روسيا النية أو القدرة على مساعدة حكومة (الانفصاليين) الأرمن في كاراباخ».
أما الاتحاد الأوروبي، فقد يكون «غضّ الطرف»، بحسب دومولان، مع الأخذ في الحسبان اتفاقاً تم توقيعه مع باكو في 2022 بهدف تقليص الاعتماد القاري على الغاز الروسي في أعقاب حرب أوكرانيا.
  • وبعد؟
يستبعد أن تؤدي الأزمة الحالية إلى اندلاع حرب جديدة بين أذربيجان وأرمينيا، خصوصاً مع تشديد باشينيان، الخميس، على ضرورة الخوض في مسار السلام في كاراباخ على الرغم من صعوبته. لكن هذه السياسة تثير انقسامات في أرمينيا نفسها؛ إذ واجه رئيس الوزراء على مدى اليومين الماضيين، تحركات احتجاجية خارج مقر الحكومة طالبت باستقالته ووصفته بـ«الخائن».
وبينما أكد علييف، اعتراف بلاده بسلامة أراضي أرمينيا وعدم وجود أطماع لديها فيها، يحذّر محللون من أن الانتصار في كاراباخ قد يثير شهية الرئيس الأذربيجاني للتقدم في جنوب أرمينيا وإقامة اتصال بري بين أراضيه وجيب نخجوان التابع لباكو. ورأت دومولان، أنه في حال حصول ذلك ستكون أرمينيا مرغمة على الذهاب إلى الحرب، ما يثير مخاوف من التصعيد في هذه المنطقة الحدودية مع إيران.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yz6ej6s5

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"