عادي
«كلباء للمسرحيات القصيرة»... صناعة النجوم

مهرجان كلباء.. وعي التجربة

23:15 مساء
قراءة 7 دقائق
1

الشارقة: عثمان حسن

رغم مرور عشر سنوات فقط على مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة، فقد بات هذا المهرجان بحق من المحطات المهمة في مسيرة «أبو الفنون» بالإمارات، وفي الشارقة بوجه خاص. وتنبع أهمية هذا المهرجان الذي نعيش اليوم أجواء دورته العاشرة من تركيزه على الأداء التمثيلي، التمثيل هنا، عتبة أساسية لتأهيل كوادر شابة قادرة على الحركة والتصرف من خلال قوة الجسد التعبيرية والإيحائية، وفي مرتبة لاحقة ولا تقل أهمية، يأتي اهتمام المهرجان بتقنيات الإخراج وعناصر السينوغرافيا، ما يجعله بكل تأكيد مختبراً للتجريب الفني، الذي يؤهل لصناعة نجم مسرحي واثق بقدراته الفنية.

كانت انطلاقة مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة، في عام 2012، من المناسبات السارة للجيل المسرحي الشاب في الإمارات العربية المتحدة. هذا المهرجان الذي يعتبر

بحق، مختبراً سنوياً لمتدربي الورش والدورات المسرحية التي تنظمها إدارة المسرح في الدائرة بمشاركة مجموعة من المختصين من خارج الدولة وداخلها، وقد شكل فرصة لإظهار القدرات المبدعة من جيل الشباب، ونافذة للجدل وتبادل الأفكار والأحلام والتطلعات من خلال «أبو الفنون».

استطاع المهرجان خلال سنواته القليلة أن يشكل رافداً فنياً للحركة المسرحية في الإمارات، ذلك أن الجهة المنظمة لهذا المهرجان وهي إدارة المسرح بدائرة الثقافة بالشارقة، قد بذلت جهداً مقدراً واستثنائياً في جعله مهرجاناً يحظى بفرص كبيرة للاستمرار والتأسيس على مخرجاته الفنية وهي كثيرة، وأول ما يلفت النظر في هذه المسألة، سعي الإدارة لعمل مراجعات متواصلة في كل دورة من دورات «كلباء للمسرحيات القصيرة» بدأ ذلك من خلال اختيار لجان للتحكيم وأخرى للمشاهدة من خلال مختصين ونخب مسرحية ونقدية من الإمارات والوطن العربي.

هؤلاء، أخذوا على عاتقهم مهمة استمرار المهرجان، من خلال ما يقدم فيه من عروض، بدءاً بالمشاركات المقدمة للتنافس على جوائز المهرجان وهي كثيرة في الإخراج والتمثيل والسينوغرافيا، وهناك جائزة أفضل عرض، والعرض المتكامل، وغيرها من الجوائز المهمة.

لقد شجع هذا المهرجان الطاقات الشابة في الإمارات على التقدم للمشاركة في فعالياته، وهذا التشجيع جعل مهمة اختيار العروض المتنافسة مهمة صعبة أمام لجان المهرجان، ما يعني أن هذه الانطلاقة القوية للمهرجان قد اختصرت الأعوام واستفادت من الخبرة المتراكمة في المشهد المسرحي المحلي والعربي، وخلصت إلى نتيجة مفادها بأنه لا بد من مسرح جديد ينسجم مع الحركة الفكرية والتنويرية لرسالة المسرح، بوصف «أبو الفنون» ميداناً رحباً تلتقي فيه كل مقومات الثقافة ببعدها الإنساني والحضاري.

ومن علامات النجاح التي امتاز بها «كلباء للمسرحيات القصيرة»، اهتمامه بالورش المسرحية، وقد رأت إدارة المهرجان أن يكون حضور هذه الورش إلزامياً ضمن شروط المسابقة، وفي هذا تأكيد ضرورة أن يكون المشاركون قد حسنوا من طريقة تعاطيهم مع الفن المسرحي، خاصة أن صقل المواهب وتطويرها يشكل عتبة رئيسية لا بد منها.

وفي التفاصيل، فرض المهرجان على المخرجين والممثلين العمل بميزانيات صغيرة جداً، وبتجهيزات متقشفة من ناحية السينوغرافيا، وأن الحوار على الخشبة باللغة العربية الفصحى، وهذا يبرز القدرات الفعلية للمخرج، لكي يستغل قدرات الممثل ويحفزه للتعبير من خلال الحركة والجسد، باعتبار أن التمثيل هو حجر الزاوية في العمل المسرحي.

ومن العلامات الفارقة في المهرجان الجوائز التقديرية والعينية التي تُمنح للمشاركين التي تعتمد نتائجها على تصويت الجمهور، وهذا منح فرصة كبيرة لتواصل هؤلاء الممثلين وجمهورهم، لاسيما أن العروض المقدمة هي من النصوص العالمية الماكنة التي تختبر قدرة الممثل على التجريب وبذل أقصى ما لديه من قوة ومرونة في تنفيذ فكرة العرض وسيمياءاته وإشاراته الكامنة في صلب هذه النصوص.

جولة

في أرشيف هذا المهرجان الكثير من التفاصيل الجوهرية، فقد عاينت لجنة العروض في النسخة الخامسة منه وذلك في 2016، 12 عرضاً لتنتقي الأفضل منها للمشاركة في المهرجان، وهذه النصوص معدة عن نصوص عالمية ل: (يوجين يونسكو، إدوارد آلبي سعد الله ونوس، يوجين أونيل، فرناندو آربال أنطوان تشيخوف، كارولو مانزوني، شكسبير، وجان بول سارتر).

وفي الدورة السادسة في 2017 شاركت 10 عروض مسرحية اختارتها لجنة فنية مختصة وفق المعايير التي يعتمدها المهرجان في فئتين، الأولى نافست على جوائز في فنيات العرض المسرحي، وتضم: «الذاكرة والخوف» وهو عمل تم إعداده من نصوص عدة لوليم شكسبير ومن إخراج سعيد الهرش، و«71 درجة» وهو الآخر نص معد من أعمال عدة لشكسبير من إخراج مهند كريم، و«أغنية طائر التم» من تأليف أنطون تشيخوف وأخرجه أحمد عبدالله راشد، و«سترة من المخملين» لستانيسلاف ستراتييف من إخراج رامي، «العميان» تأليف موريس ميترلنك وإخراج يوسف القصاب، و«التحيات» ليونسكو من إخراج يوسف جاسم عبدالله، إضافة إلى «استعد» لعزيز نيسين وأخرجه شعبان سبيت.

النص والعرض

في الدورة السابعة من المهرجان شهدت كلباء انطلاقة جديدة كرّم خلالها شخصية المهرجان فيصل الدرمكي، وشهدت الدورة 10 عروض مسرحية تم اختيارها من 20 عرضاً متقدماً، وفي هذه الدورة بدأ المهرجان كما يشير عدد من النقاد يتحسس خطاه نحو تأسيس حركة مسرحية في اكتشاف الموهوبين وفتح باب الإنتاج لشباب لم تتجاوز أعمارهم الستة عشر عاماً.

أما العروض التي تنافست على جوائز المهرجان، فهي كالتالي: «الطاعون» إخراج سعيد الهرش، وهو صاحب تجربة سابقة في المهرجان، ونال أيضاً جوائز عن إخراجه لنصوص أخرى، و«في العربة» من إخراج الشاب يوسف المغني بدأ أولى خطواته من هنا، وعمره 16 عاماً، و«شيلوك والعاصفة السوداء» من إخراج رامي مجدي، و«ناس في الريح» إخراج علي بيشو، و«الصورة» من إخراج دينا بدر، و«صديق» وأخرجه محمد حاجي، و«رأس المملوك جابر» من إخراج أحمد عبدالله راشد، و«روميو وجوليت» إخراج شمسة النقبي، و«الأعمى والمقعد» إخراج آمنة النقبي، و«حالة طوارئ» إخراج محمد الحنطوبي.

ونظمت نسخة المهرجان في حينه «الملتقى الفكري» تحت شعار «المسرحيات القصيرة بين النص والعرض»، بمشاركة باحثين من الإمارات ودول عربية عدة.

كما استضافت ذات الدورة النسخة السادسة من «ملتقي الشارقة للبحث المسرحي» المهتم بأحدث الرسائل العلمية المنجزة في كليات الدراسات العليا، وفي حينها استضاف ثلاثة باحثين من مصر والجزائر والمغرب.

وفي الدورة الثامنة من «كلباء للمسرحيات القصيرة» تنافست 10 عروض كذلك من 19 عرضاً مقدماً، واحتفت هذه الدورة بالفنان حميد فارس بوصفه «شخصية المهرجان»، كما نظمت النسخة الثامنة ملتقاها الفكري تحت عنوان «تعليم المسرح: الموهبة، التدريب، التطوير» بمشاركة باحثين من الإمارات ومن بعض الدول العربية، هم: إبراهيم سالم (الإمارات)، عبدالله العابر، وخليفة الهاجري، وعبير الجندي (الكويت)، عبدالناصر خلاف (الجزائر)، حكيم حرب وعدنان المشاقبة (الأردن)، محمد الحر (المغرب)، وسلي عبدالفتاح (موريتانيا). أما الدورة التاسعة للمهرجان، فشهدت تنافس 14 عرضاً مسرحياً تأهلت من بين 21 عرضاً، وهي: «فشل عرض مسرحي» للمخرج يوسف المغني، و«تخريف ثنائي» لهاكوب عيد، و«دون كيشوت» لراشد دحنون، و«الآنسة جوليا- جميلة» لدينا بدر، و«الوهم» لجاسم المراشدة، و«لغة الجبل» لعبيد البلوشي، و«جريمة في الشفق» لعمرو عبدالرحيم، و«الخيانة» لجاسم غريب، و«جريمة في جزيرة الماعز» لميثة الصخري، و«انتحار» لطلال قمبر البلوشي، و«ديستوبيا» لعبدالله محمد بوعبدالله، و«صورة ماريا» لأسيل زين العابدين، و«الخطوبة» لفاخر أبو زهير، و«أوديب» لأحمد عبدالله راشد.

وتميزت هذه الدورة ببرنامج ثقافي استثنائي، احتفى بمرور عشر سنوات على تأسيس «ملتقى الشارقة لأوائل المسرح العربي» الذي ينظم سنوياً على هامش أيام الشارقة المسرحية.

ودعت إدارة المسرح بدائرة الثقافة، جميع من شاركوا في الملتقى بدوراته العشر الماضية، إلى إحياء ومواكبة فعاليات النسخة الحالية من مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة، لتتيح لأغلبهم فرصة الظهور الأول على منصة مسرحية دولية.

كما احتفت الدورة التاسعة بالفنان الإماراتي خليفة التخلوفة، بصفته «شخصيَّة المهرجان»، كما نظمت ملتقاها الفكري بعنوان «مميزات الأداء التمثيلي في المسرحيات القصيرة»، بمشاركة خبراء في الفن المسرحي من الأردن ومصر والمغرب والكويت والعراق ولبنان.

الدورة العاشرة

في هذا العام، تضمنت الدورة العاشرة من مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة (13) عرضاً تنافست على جوائز الدورة الجديدة، واختيرت من 33 عرضاً متقدماً للمسابقة، وهي: «نهاية اللعبة» إخراج ياسين الدليمي، و«حلم المطر» لعبدالله الكمالي، و«انهيار» لأماني فاروق، و«الكراسي» لحميد محمد، و«الحمار الميت» لهاني عيد، و«مكان مع الخنازير» لحنان دحلب، و«حيوات» لمحمد التركماني، و«الخادمات» لهبة ذيب، و«الموت والعذراء» لدينا بدر، و«لنتحادث قليلاً» لجاسم التميمي، و«إن لم تخنهم الذاكرة» لرضوان النوري، و«الخيار الأخير» لعبدالله آل علي، و«601» لجاسم غريب.

وضمت لجنة مشاهدة العروض في هذه الدورة الفنان إبراهيم سالم (الإمارات)، والناقد خالد رسلان (مصر)، والممثلة سالمة بن آغا (تونس).

كما دعا المهرجان 4 من المشاركين السابقين في «ملتقى الشارقة لأوائل المسرح العربي» إلى حضور فعالياته، وهم: نديم هشام سلمان (مصر)، وجودي غسان العلي (سوريا)، وناي الفياض (لبنان)، وأنور اسم الله (الجزائر).

وكانت إدارة المهرجان قد وجهت الدعوة إلى ثلاثة من خريجي أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية للمشاركة في لجنتي مشاهدة العروض وتحكيمها لهذه الدورة، فاختيرت سالمة بن الأغا (تونس) في عضوية لجنة المشاهدة، واختير أحمد المازم (الإمارات)، وآلاء حماد (الأردن) للمشاركة في لجنة التحكيم.

وإلى جانب خريجي الأكاديمية شارك في «لجنة المشاهدة» الناقد خالد رسلان (مصر)، والممثل والمخرج إبراهيم سالم (الإمارات).

كما نظم المهرجان ندوة فكرية بعنوان «المسرحيات القصيرة: التجربة العربية وآفاقها» بمشاركة: مريم الجلاصي (تونس)، ربيع شامي (لبنان)، ومحمد علام (مصر).

واستضاف المهرجان نسخة تاسعة من ملتقى الشارقة للبحث المسرحي، بمشاركة أربعة ممن حازوا شهادة الدكتوراه في اختصاص المسرح هذه السنة، وهم: خالد البناي (الإمارات)، وعبدالحكيم الصويد (تونس)، وداليا همام (مصر)، وهشام حكام (المغرب).

فنون العرض

تشكّلت للنسخة الجديدة لجنة تحكيم من الخبراء والمختصين في فنون العرض المسرحي: قاسم إسطنبولي (لبنان)، وأحمد بوصيم، وأحمد المازم (الإمارات)، وآلاء حماد، وشفاء الجراح (الأردن).

وكانت هذه النسخة من المهرجان قد سبقتها دورة عناصر العرض المسرحي، إشراف عام الفنان إبراهيم سالم، بهدف اكتشاف وصقل المواهب المسرحية في المنطقة الشرقية، ونظمت خلال الشهرين الماضيين (يوليو - أغسطس)، وكانت احتضنت ثلاث ورشات، الأولى في «التمثيل» / إبراهيم سالم، والثانية في «السينوغرافيا» وأشرف عليها المهندس وليد عمران، والثالثة في «الإخراج» وأشرف عليها المخرج حسن رجب.

اقرأ أيضا:

علامة مضيئة في تاريخ «أبو الفنون»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yt6jedef

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"