عادي
عرضان يناقشان قضايا مجتمعية في «أيام الشارقة المسرحية»

«اصطياد» ينتقد الشائعات.. و«مرود كحل» يدين خيانة الأمانة

16:23 مساء
قراءة 4 دقائق
«اصطياد» ينتقد الشائعات.. و«مرود كحل» يدين خيانة الأمانة
«اصطياد» ينتقد الشائعات.. و«مرود كحل» يدين خيانة الأمانة
«اصطياد» ينتقد الشائعات.. و«مرود كحل» يدين خيانة الأمانة
«اصطياد» ينتقد الشائعات.. و«مرود كحل» يدين خيانة الأمانة
الشارقة: علاء الدين محمود
ضرب جمهور المسرح مساء، الخميس، موعداً مع المتعة عبر عملين مسرحيين في الدورة الـ33 من مهرجان أيام الشارقة المسرحية، العرض الأول بعنوان «اصطياد»، لجمعية دبا الحصن للثقافة والتراث والمسرح، سيناريو وإخراج مهند كريم، وجرت أحداثه في معهد الشارقة للفنون المسرحية، أما العرض الثاني «مرود كحل»، لجمعية دبا الفجيرة للثقافة والفنون، تأليف محمد سعيد الظنحاني، وإخراج إبراهيم القحومي، فقد احتضنه قصر الثقافة في الشارقة.
العرض الأول «اصطياد»، أُخذت فكرته في الأصل من الفيلم الدرامي الدنماركي «الصيد»، الذي صدر عام 2012، من إخراج توماس فنتربيرغ، وتدور أحداثه في قرية دنماركية صغيرة خلال فترة عيد الميلاد حول رجل يصبح هدفاً لهستيريا جماعية بعد أن تم اتهامه ظلماً بالتحرش بفتاة صغيرة، وعمل مهند كريم على مقاربة هذا الفيلم ونقله إلى عوالم المسرح، ورغم الصعوبة إلا أنه تصدى للمهمة بنجاح مستعيناً بتقنيات زاوجت بين نمطين إبداعيين هما المسرح والسينما.
تتناول قصة العمل المجتمع وما يحدث فيه في بعض الأحيان من ظلم بسبب المعلومات الخاطئة والفهم المغلوط، إلى جانب إطلالة على عوالم التحرش الموجّه نحو صغار السن، وقد استعان المخرج في هذا الصدد بالكثير من البحث والتقصي والإحصائيات العالمية في هذا الموضوع، إلا أن الجانب الأساسي للعمل يتركز في الأقوال التي تحاصر الأفراد وتحيل حياتهم إلى جحيم ولا ينتهي ذلك الأمر حتى بعد اتضاح الحقيقة.
وذلك ما أكده مهند كريم في تصرح له لـ«الخليج»، عندما ذكر بأن العمل يركز بصورة أساسية على الإشاعة في المجتمعات المختلفة، والضرر الكبير الذي تحدثه في نفوس أصحابها، حيث تصنع في داخل المرء شرخاً كبيراً يصعب ترميمه مع مرور الأيام، ليظل باقياً في الذاكرة يقضّ مضجع الشخص الذي تلاحقه الشائعة.
قصة
ينفتح العمل على قصة زكريا الذي يعمل في مجال التدريس في إحدى المدارس الثانوية، إلى جانبه صديقه يحيي، وفي إحدى الأيام يقوم مدير المدرسة بهاء، باستدعاء زكريا ويخبره أن هناك طالبة قد تقدمت بشكوى ضده واتهمته بالتحرش بها، ليتم إيقافه عن العمل وتحويله إلى التحقيق، على الرغم من براءة زكريا من تلك القصة المختلقة.
أصيب زكريا بالصدمة والذهول من وقع ذلك الخبر عليه، وزاد من الأمر سوءاً أن تلك الفتاة الصغيرة التي اتهمته بذلك الجرم هي ريم ابنة صديقه يحيي، التي وقعت في حبّه وقام هو بصدّها لصغر سنّها ولكونه متزوجاً، ويحاول زكريا أن يدافع عن نفسه بشتى السبل، فيذهب لمقابلة يحيي من أجل أن يبرّئ نفسه أمامه، لكن صديقه فيما يبدو قد اختار أن يصدق ابنته، خاصة أن زوجة يحيي ووالدة الفتاة، كانت متشددة في ذلك الأمر ورفضت فكرة الاستماع إلى زكريا.
كان لذلك الأمر وقع سيّئ على زكريا وكاد أن يقترب من الجنون، خاصة أنه قد عُرف بكونه رجلاً مهذباً وطيباً ويحبّه الجميع في القرية، لكن تلك المحبة تحولت إلى كراهية شديدة من قبل الأهالي إلى درجة قيامهم بضرب زكريا، ومما زاد الأمر تعقيداً أن بعض الفتيات في المدرسة قد ذكرن في التحقيق أن زكريا قد تحرش بهن أيضاً في سرداب منزله، لكن القاضي أمر بإطلاق سراحه، بعد أن اتضح أن زكريا لا يمتلك سرداباً في بيته، مما يشير إلى كذب الفتيات.
على الرغم من براءة زكريا إلا أن الوصمة ظلت تلاحقه، وابتعد عنه صديقه يحيي، حتى بعد أن أقرت الفتاة لوالدها بأنها كذبت في اتهامها لزكريا.
استعان المخرج بالعديد من التقنيات خاصة الفيديو لشرح الحالات النفسية، وقدم تشكيلات بصرية رائعة، مع أداء تمثيلي متميز.
حكاية شعبية
أما العرض الثاني «مرود كحل»، فهو يتكئ في نصه على حكاية شعبية تراثية جرت في أحد الفرجان في الماضي، ويدين العرض بقوة خيانة الأمانة.
قصة العمل تتحدث عن فتاة كفيفة تدعى شما، تعيش وحدها بعد وفاة والديها، وكانت تمتلك منزلاً كبيراً، ويقوم بقضاء حاجياتها مفتاح، وهو شاب تربى في بيت شما منذ أن كان صغيراً، حيث قام والداها بتربيته، وكانت شما تثق به بصورة كبيرة، حيث كان هو المسؤول عن تدبير أمور البيت من الأموال التي تمنحها له شما.
كانت شما تتمتع بسمعة طيبة وسط أهالي الفريج، فهي ابنة أناس طيبين من أصحاب الحسب والنسب، وكان يزورها في بيتها السقاء ضاحي، الذي كان يوفر لها الماء، وبخيتة الفتاة المسكينة التي كانت تعطف عليها شما، والدرويش المجنون ميمون.
في الجانب الآخر من الحكاية يبرز عبد الله، وهو رجل قد جار عليه الزمن فأصيب بنوبات من الجنون بعد أن فقد ابنته التي أخذتها زوجته وذهبت بها بعيداً هاجرة إياه، وظل عبد الله يبحث عن تلك الابنة دون طائل، الأمر الذي عرّضه لصدمة نفسية، فصار يسير في طرقات الفريج بلا هدى، يقضي يومه هنا ويبيت هناك، في الشارع أو في إحدى البيوت المهجورة، وفي إحدى الأيام دخل عبد الله منزل شما بعد أن ظن أنه منزل مهجور، وكان البيت متسخاً للغاية، بعد أن أهمله مفتاح الذي كان يوهم شما بأنه يهتم به وينظفه.
وأثناء وجود عبد الله في ذلك البيت، يستمع إلى حوار بين مفتاح وبخيتة الشابة المسكينة التي كذب عليها مفتاح وأوهمها أنه يحبها، في حين أنه كان يدبر خطة للاستيلاء على منزل شما، وهو الأمر الذي كشفه عبد الله من خلال الحوار الذي سمعه.
قام عبد الله بإخبار شما بما سمعه من حوار بين مفتاح وبخيتة، بعد أن عرّفها بنفسه واعتذر لها على دخوله بيتها الذي كان يظنه خرابة، لتنكشف مؤامرة مفتاح الذي يتضح أنه كان المسؤول عن هجر زوجة عبد الله له وهروبها مع ابنته، وأنه هو المسؤول كذلك عن العمى الذي أصاب شما، حيث كانت بخيتة تقوم بتكحيلها بمرود مسموم.
تتواصل أحداث الحكاية؛ إذ بعد أن تم إخبار كبير الفريج بالقصة، حيث تمت مواجهة مفتاح في بيت شما بحضور ضاحي السقا، وبخيتة والدرويش ميمون، ليقوم هذا الأخير في لحظة جنون بقتل مفتاح.
رؤية إخراجية
نص الحكاية حمل الكثير من المضامين والمعاني، واكتملت روعة القصة بالحلول والمقاربات والرؤية الإخراجية التي وضعها إبراهيم القحومي ببراعة مستعيناً بتوظيف عناصر السينوغرافيا بطريقة بارعة أنتجت صوراً وتشكيلات بصرية رائعة.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/cbx44vxn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"