عادي

كارتر ومارادونا أشهر زبائن علب السيجار في كوبا

20:03 مساء
قراءة 3 دقائق
علب السجائر

يعمل الحرفي الكوبي رينيه رييس على تنعيم باب قديم من خشب الأرز، باستخدام مسوّي خشب يعود إلى الحقبة السوفيتية، بغية تحويله إلى أحد صناديق ترطيب السيجار، وهي علب مزخرفة مخصصة لتوفير الظروف الفضلى لتخزين منتجات هافانا التبغية الشهيرة، إذ تعد هذه الصناديق المنحوتة ذات الزخرفات، والمزينة بنقوش معدنية، والمطلية أو المطعّمة بالأنماط، مرغوبة من هواة جمع التحف أو عشاق السيجار، وبعضها أشبه بأعمال فنية حقيقية يمكن أن تصل أسعارها إلى مستويات خيالية.

ويحقّ لتانيا دويوس أن تتباهى بقائمة زبائنها من المشاهير، كالرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، ولاعب كرة القدم الأرجنتيني الراحل دييغو مارادونا (1960-2020) ومغني «رولينغ ستونز» ميك جاغر.

كذلك أهدت باراك أوباما علبة سيجار عندما جاء إلى الجزيرة عام 2016 في زيارة تاريخية. وهي تحتفظ بعناية برسالة كتبها لها الرئيس الأمريكي السابق يومها: «شكراً لك على هديتك».

ويقول النجار، 55 عاماً، خلال جوله في ورشته الواقعة بوسط هافانا والتي تتكدس فيها المواد الأولية لفنّه، من عوارض قديمة وأبواب وقطع أثاث مستعملة: «إن الناس لا يتخيلون أن صناديق ترطيب السيجار هذه يمكن أن تخرج من هنا».

ويعبق المشغل برائحة الأرز القديم، فيما ينكبّ الحرفي على معالجة باب «عمره أكثر من 80 عاماً». ويصف مدخّن السيجار الشَرِه رائحة الأرز بأنها «جيدة جداً»، و«مثل الذهب؛ الذهب القديم».

يعمل رينيه رييس لدى تانيا دويوس، وهي تاجرة مستقلة، 53 عاماً، تتولى منذ نحو 20 عاماً تصميم هذه العلب التي تتيح حفظ السيجار على النحو الأمثل، أي في درجة رطوبة تراوح بين 65% و70% ودرجة حرارة من 16 إلى 18 درجة.

وتنتشر العشرات من ورش العمل الأخرى المماثلة في كل أنحاء الجزيرة. ويشرح الخبراء بأن صناديق الترطيب تتيح الحفاظ على صفات السيجار لمدة 15 عاماً، لا بل تؤدي إلى تحسينها.

ويستخدم الحرفيون في كوبا التي يُعدّ سيجارها الأفضل في العالم، أنواعاً عدة من الخشب، كالماهوغني أو الأبنوس، لكن التقاليد تقضي بأن يكون الجزء الداخلي مصنوعاً من خشب الأرز القديم.

لمسات تجميلية

يبيع الحرفيون بعض النماذج مباشرة إلى المطاعم الفاخرة أو رجال الأعمال في الخارج مقابل بضعة آلاف من الدولارات. ويمكن أيضاً شراء الصناديق الأقل إتقاناً من أسواق الحرف اليدوية بأسعار أدنى.

وفي كل عام، يقام مزاد مميز في العاصمة الكوبية خلال ختام مهرجان هافانا، يستقطب المحترفين والهواة والمشاهير. وخلال الدورة الأخيرة في شباط/فبراير الفائت، وصل سعر ستة صناديق ترطيب سيجار مشغولة بإتقان كبير إلى رقم قياسي بلغ 11.9 مليون دولار، إلا أن نجم المزاد كان علبة ترطيب وصل سعرها إلى نحو 4.4 مليون دولار، وهي دائرية الشكل يبلغ عمقها 100 سنتيمتر، مصنوعة من خشبي الأرز والماهوغني الثمينين، ومزينة بالتيتانيوم والبرونز. وكانت العلبة تحتوي على 500 سيجار من ماركة «كوهيبا» التي تُعدّ الأفخر في هافانا.

ويعمل رينيه رييس في الوقت الراهن على إنجاز نسخة طبق الأصل من صندوق ترطيب السيجار أكثر تواضعاً كان يملكه إرنست همنغواي (1899-1961) الحائز جائزة نوبل للآداب والشديد الإعجاب بهافانا. أما النسخة الأصلية، فمعروضة في فينكا فيهيا، المنزل الذي كان الكاتب الأمريكي يملكه في شرق العاصمة، والذي تحول الآن إلى متحف.

وبعد أن ينتهي النجّار من الشقّ المتعلق به، تمر كل قطعة على فريق مكون من صائغين وصانعي خزائن واختصاصيي طلاء لوضع لمساتهم التجميلية الفريدة.

ويقول رينيه رييس: «نحن عملياً نصنع العجائب من دون أي شيء». ويرى أن «السر هو حب» المهنة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5xx23wyn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"