عادي

الموالد الشعبية.. طقس احتفالي في مصر

22:44 مساء
قراءة دقيقتين
  • سرادقات الإنشاد تسهر حتى الصباح
  • نابليون بونابرت أولاها اهتماماً كبيراً

القاهرة: «الخليج»

يبرق مسجد العارف بالله السيد أحمد البدوي، تحت الأضواء المبهرة، مثل قطعة من الألماس، في تلك الفترة من كل عام، والتي تصادف مولده السنوي، الذي يجذب الآلاف من المصريين، من مختلف قرى الدلتا والمحافظات المجاورة، للاستمتاع على مدار أسبوع، بالعديد من الطقوس الشعبية، التي تعد إحدى السمات الأساسية للموالد في مصر.

يصنف خبراء الاجتماع، الموالد الدينية في مصر، باعتبارها طقساً شعبياً بامتياز، إذ تعد مناسبات للاحتفال الديني بيوم مولد أو وفاة ولي من الأولياء، تكريماً لصاحبه وليس البكاء عليه، وهو ما يتجلى في مئات من الموالد التي تقام بصورة دورية، في مختلف المدن والقرى المصرية، حيث لا تخلو قرية أو مدينة من ولي أو فقيه، يقام له مولد سنوي، يشارك فيه الآلاف من المسلمين والأقباط.

ويعد مولد الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما، أحد أشهر الموالد السنوية، التي تشهدها العاصمة المصرية، لا ينافسه شهرة سوى مولد السيدة زينب، الذي يقام بالحي العريق الذي يحمل اسمها على تخوم القلعة، وتستمر الاحتفالات بالمولدين في العادة لمدة تستمر لنحو سبعة أيام، يتوافد خلالها الزائرون على المسجدين الكبيرين، وتتزين فيهما الشوارع بالأضواء والزينات، وتقام سرادقات الإنشاد التي تسهر حتى الساعات الأولى من الصباح، في حفلات يومية يحييها كبار المنشدين.

وتقدر العديد من الدراسات الاجتماعية المتخصصة في التراث الشعبي، عدد الموالد في مصر، بنحو 2800 مولد، تتراوح ما بين موالد الأولياء والصالحين، أو بين موالد القديسين بالنسبة للمسيحيين في البلاد، ولا تقتصر الاحتفالات في هذه الموالد على المناسبات الدينية العامة، مثل مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما تمتد إلى مناسبات دينية أخرى مثل الاحتفال بأول العام الهجري، وليلة الإسراء والمعراج، وليلة النصف من شعبان.

ويقدر عدد المشاركين في تلك الموالد أكثر من 40 مليون مصري، يحرصون على المشاركة في أغلب المحافظات المصرية، وتتشابه فيها الاحتفالات والطقوس الشعبية، لا فرق في ذلك بين الموالد الإسلامية والأخرى المسيحية، مثل مولد السيد إبراهيم الدسوقي في مدينة دسوق التابعة لمحافظة كفر الشيخ في دلتا مصر، والسيد أحمد البدوي في طنطا، وعبد الرحيم القنائي في قنا، وأبو الحجاج الأقصري بالأقصر، ومولد السيدة مريم العذراء والشهيد مارجرجس في القاهرة وكفر الدّوار، وميت دمسيس، والقديسة دميانة بمحافظة الدقهلية، ومار مينا بالصحراء الغربية.

ويرجع كثير من الباحثين تاريخ الموالد في مصر، إلى جذور فرعونية. ويقول المؤرخ سليم حسن صاحب موسوعة مصر القديمة، إن الموالد امتداد تاريخي لما كان يفعله قدماء المصريين في احتفالاتهم بموالد الفراعنة، إذ كان المصريون القدماء، يحتفلون على هذا النحو بمعجزات وخوارق، وتشبه إلى حد كبير الكرامات المنسوبة لكثير من الأولياء، والتي يؤمن بها كثير من المتصوفة.

كانت الموالد على مدار عصور، بوابة رئيسية، استغلها كثير من الحكام في مصر، للتقرب من الشعب، وقد أولى قائد الحملة الفرنسية على مصر نابليون بونابرت، اهتماماً كبيراً بها، بعد احتلاله مصر عام 1798، فأمر بالاهتمام بالموالد وبخاصة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2w4jab3n

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"