عادي
عالم خفي لتطبيقات «الرواتب بالدولار»

«برامج تواصل».. أموال مشبوهة وغراميات وابتزاز

00:13 صباحا
قراءة 15 دقيقة

تحقيق: أحمد صالح

لم يكن اختراق عالم «شات التواصل»، وتطبيقات وبرامج «كسب الأموال»، والدعم المادي، وتحقيق الملايين من الدولارات على شكل رواتب شهرية والسلوكات التي تشهد تجاوزات، بالأمر السهل؛ إذ كان لا بد من اختيار اسم مستعار، تفرضه طبيعة هذه المنصات والبرامج، وشراء الهدايا من عملات رقمية، وإرسالها إلى المذيعة، وحضور النقاشات والتحاور؛ لمعرفة الأسرار والخبايا، وتفاصيل هذا العالم المثير للدهشة والريبة. هذه العالم قائم على فكرة بسيطة: «امتلكي هاتفاً وتزيني وتحاوري مع الضيوف، وسوف يدعمونك بالهدايا، وستحصلين على الراتب بالدولار، بكل سهولة ومن بيتك». وطبيعي أن يتطلب تحقيق ذلك، بعض التصرفات والأفعال التي سيأتي ذكرها خلال هذا التحقيق الاستقصائي. هذا العالم الغريب، يثير العديد من التساؤلات التي حاولنا الإجابة عنها في ظل تزايد عدد هذه البرامج، المختلفة تماماً، والتي لا تصنف على أنها برامج مواعدة وتعارف، ودخول العديد من الفنانين والفنانات هذا المضمار، وارتفاع عدد حالات الطلاق، وتدمير العلاقات الأسرية، وانتشار ظاهرة المكسب السهل السريع من دون تعب أو مشقة، والبذخ الشديد في الإنفاق على هذه البرامج، وانتشار شبهات غسل أموال والتحايل المالي، وألعاب وتحديات وأحكام على المهزوم فيها، تهدد السلامة والصحة.

تصنف بعض المنصات أو أجزاء منها على أنها «شات مصدر للرزق والدخل الشهري بالدولار» ويندرج منها ما يُسمى ب«التحديات والدعم»، وتحقيق رواتب «تارجت» للمذيع أو المذيعة من خلال فتح ساعات بث «أون لاين»، يتم خلالها تلقي الهدايا المرسلة بالعملات الرقمية التي يطلق عليها «فاصوليا»، «ماسات»، و«نقاط».

وبعد أن تفتح المذيعة البث، يرسل الضيف أو الداعم، هدايا مدرجة في جدول صفحة البث، ولكل هدية قيمة مالية محددة، يرسلها الضيف عبر شحنها من خلال البطاقات المصرفية أو عبر وكيل شحن أو متجر «جوجل» أو شركة للاتصالات إلى المذيعة التي تحول قيم هذه الهدايا إلى راتب شهري بالدولار في جميع أنحاء العالم.

وتتفاوت أسعار الهدايا بين البرامج والمنصات، ويُقسم مردودها بين المذيعة التي تنال في الأغلب من 50% إلى 60% مقابل 20% للوكالة التابعة لها، ومثلها للبرنامج والشركة الأم، ولو افترضنا أن مذ يعة حققت مليون ماسة في الشهر، قيمتها وفق الجداول التي تحددها الشركة 15 ألف دولار، يحصل الوكيل الذي تتبعه المذيعة على 3000 دولار، والشركة أو البرنامج على مثلها من دون أي مجهود من الطرفين الأخيرين؛ وذلك عن مذيعة واحدة، فما بالكم إذا كانت الوكالة تضم 40 أو 50 مذيعة ومذيعاً، ومتوسط رواتبهم بين 500 و10 آلاف دولار؟ وبدون أي ضرائب مستحقة.

الشيء الخطير أن بعض الداعمين يشحنون هدايا بقيم تثير الشك والريبة، فكيف يشحن أحدهم ماسات ب 50 ألف دولار، و100 ألف دولار في الشهر؟ من الشخص الذي يشحن بكل هذه القيم؟ وماذا يعمل؟ وهناك من يدعم مجموعة من المذيعات وليس مذيعة واحدة تحص على تلك القيم المادية. وتجني عمولتها.

هذا الأمر جعلني أتقصى الحقائق، للوصول إلى إجابات منطقية، في ظل ما يثار عن وجود تجار سلاح ومخدرات يغسلون أموالهم من خلال مساعدة المذيعات والمذيعين.

في برنامج اسمه «بارتي ستار» تحصل المذيعة أو المذيع على 60% من قيمة الماسات، وتذهب 20% للوكيل، ومثلها للبرنامج، وحصلت مذيعة على إجمالي 70 مليون ماسة من 8 داعمين؛ أولهم ساندها ب 7.4 مليون ماسة، ويبلغ إجمالي قيمة شحن هذه الهدايا 70 ألف دولار ( مليون ماسة كُلفتها 1000 دولار)، ومن خلال نقاشات المذيعة مع الضيوف في أثناء البث المباشر «أون لاين»، اتضح أن هذا الشخص الذي دعمها بالقيمة الأكبر له أموال مجمدة في أحد البنوك بدولة عربية، ويحظر عليه التصرف فيها، لكنه استطاع أن يحول قيمة ما أنفقه من الماسات عبر البطاقة المصرفية، واتفق مع المذيعة من خلال أحد الوسطاء الذين كثيراً ما يقومون بمثل هذه الأفعال، على أن ترسل إليه الكم الأكبر من راتبها الذي حصلت عليه من هذه الهدايا بالدولار، وهذا الوسيط استطاع تجميع نحو 10 حالات مماثلة.

وفي برنامج «لايكي» تنتشر العديد من حالات مشابهة، بذخ وإرسال هدايا بشكل جنوني، يثير الشك والريبة واحتمالات غسل الأموال.

الصورة
1

تجاوزات و«هاكرز»

تنطوي أغلب البرامج على مخاطر أخلاقية، وتجاوزات، وعلاقات بعضها قد تكون مشبوهة، خاصة بين الداعم والمذيعة، ومن خلال وقائع وشهادات لمذيعات، نتعرف إلى هذا الأمر..

المذيعة «ضوء القمر»، هذا اسمها في البرنامج؛ لأن 99% من المذيعات يخترن أسماء يتوارين خلفها، ولا يظهرن بالحقيقية، قالت: إن إحدى صديقاتها طلبت منها الانضمام إلى وكالة وما عليها سوى أن تتجمل وتبتسم للداعمين، وترد عليهم، وسوف يغدقون عليها بالهدايا والماسات، وفي النهاية ستحقق راتباً شهرياً بالدولار من دون معاناة.

وأوضحت: أحياناً يدخل بثي شخص ما يتكلم بأسلوب غير لائق، وأصده وأعرف أنه يحاول أن يفرض عليَّ سلوكاً سيئاً، مقابل الدعم، فما يكون منه إلا أن يقوم بما يُسمى «التحفيل»؛ بمعنى أنه يتكلم عني بشكل غير لائق في بث آخر، ويرسل «بوستات» مزيفة تتسبب بالإساءة لي.

وتقول: إنها ومذيعات عدة يتعرضن لمثل هذه المواقف من أجل الرضوخ لابتزازات، وهنا يجب على إدارة البرامج اتخاذ مواقف شديدة ورادعة مع مثل هؤلاء الناس؛ «لأنهم يسيئون إلينا وإلى البرنامج، ويمنعون الرزق، ويعطون صورة غير لائقة».

«كيداهم»، هكذا تطلق على نفسها، تقول: إنها تعرفت إلى داعم، فأنفق عليها ببذخ، واضطرت إلى التواصل معه خارج البرنامج، ونشأت علاقة حب بينهما، ووعدها بالزواج إلا أنه لم يفِ بوعده، ولجأ إلى مذيعة أخرى.

«فراولة»، تؤكد أنها حصلت على ليسانس آداب، ولم تعمل، جذبها شخص إلى برنامج، فأجرت عملية تجميل، ووضعت أفخر أنواع الزينة وهي الآن تحقق 1500 دولار شهرياً.

«أم الأيتام» تقول: إن زوجها توفي ولديها 5 أولاد ولا تعمل، فلجأت إلى برنامج لتقديم بث مباشر بالصوت من دون صورة، وتعاني ولا تربح كثيراً؛ إذ إن أرباحها لا تتعدى ال100 دولار، لأن البث المرئي، يحقق أرباحاً أكثر.

«كبسولة حب» قالت: إن زوجها علم أنها تعمل في برنامج «شات»، وتتحدث إلى رجال، ولم يقتنع بفكرة العمل هذا، فتشاجر معها وهددها بالطلاق، وبالفعل خرجت من البرنامج، وعندما سافر للعمل خارج بلدها، عادت إليه من دون الكشف عن وجهها.

وأشارت إلى أن المذيعات لا يفصحن عن معلومات وبيانات شخصية عن أسمائهن الحقيقية، وحالاتهن الاجتماعية إلا للمقربين فقط في البرنامج.

أما «فريد» فيقول: البنات ينجحن بسهولة، أما الشباب فمن الصعب أن ينجحوا في مثل هذه البرامج. ويقول: «معانق الغيم» إنه توقف عن الدعم بعدما صرف ما يقرب من 20000 دولار على البرامج، وتعرف إلى العديد من المذيعات وكان يرسل إليهن هدايا من باب المساعدات إلى أن أحب إحداهن، وعلمت زوجته، وتركت البيت ولم تعد إليه إلا بعد كتابة تعهد بحضور أفراد من أسرتيهما بعدم الرجوع لمثل هذه البرامج.

أما «ابن عز» فقال: إنه أحب مذيعة بأحد البرامج، وكثيراً ما نشبت بينهما خلافات وتوتر في العلاقة؛ بسبب غيرته الشديدة عليها، لكثرة الرجال الداعمين لها، وهو ما أصابه بتفكك أسري، وتطليق زوجته، وفي النهاية انفصلت عنه المذيعة، وتعرفت إلى داعم آخر. وأكد «الزيتوني»، داعم آخر، أنه تعرض لسطو وقرصنة على بطاقته المصرفية التي استخدمها للشحن في أحد البرامج، وكانت خسارة كفيلة بالابتعاد عنها.

وفي برنامج «لايكي» وصل الأمر إلى اعتداء ومحاولة قتل المذيع المصري «بكار الأهلاوي»؛ نتيجة خلافات وتداول معلومات وشائعات عن علاقات مشبوهة، ودعم مجهول المصدر، بما أساء إلى طرف آخر، فأرسل «بلطجية» بعد أن عرف عنوان المذيع «بكار» الذي وثق الجريمة في بث مباشر كان مفتوحاً حين وقعت الحادثة.

الصورة

وكلاء

يمكن فتح وكالة في العديد من البرامج، ولا يشترط دفع أي مقابل مادي، فيستطيع أي فرد أن ينشئ وكالة بشرط أن يجلب 10 مذيعين على الأقل على أن يحققوا في الشهر الأول «تارجت» تحدده الشركة. وبالتالي يتم تفعيل الوكالة، ويستطيع الوكيل هذا أن يضم إلى وكالته ما شاء من المذيعين والمذيعات، مقابل حصوله على نسبه تراوح بين 10% و20% من إجمالي ما يحققه كل من المذيعة أو المذيع من «تارجت» شهري. وإضافة إلى ذلك، كلما زادت الحصيلة المحققة، يحصل الوكيل على مكافآت من البرنامج أو الشركة الأم، ويعيد توزيعها على المذيعين والمذيعات، وبعض الوكلاء يتاجرون في العملة من خلال إقناع المذيعات أو المذيعين بتحويل رواتبهم بالدولار بالسعر غير الرسمي، خاصة في الدول التي تشهد ارتفاعاً بسعر الصرف.

وهناك حالات لوكلاء استولوا على رواتب المضيفين من مذيعات، وهربوا وأغلقوا الوكالات؛ لأنه لا شيء يربط الوكيل بالشركة الأم سوى «التارجت»، ورقم تحويل مصرفي له.

وتختلف نسبه الوكيل من برنامج إلى آخر، فهناك وكلاء في برنامج «لايكي» يحصلون على 11 دولاراً من كل 5000 ماسة تحققها المذيعة، ويحصل على 21 دولاراً من كل 10000 ماسة تعادل تارجت 25000 ماسة، و52 دولاراً عن كل 80000 دولار.

ويلجا بعض الوكلاء إلى آخرين، يمكن أن نطلق عليهم «وكلاء من الباطن»، كل شخص منهم، يجلب 5 مذيعات أو مذيعين، مقابل عمولة أو نسبة من الوكيل الأساسي، وأحياناً يعاني البرامج اكتظاظاً في الوكلاء، فترفض الطلبات المقدمة للحصول على ترخيص وكالة، وتوضع على جداول انتظار.

أسعار الشحن

يختلف سعر شحن الماسات من برنامج إلى آخر مع اختلاف مسمى الهدايا، عن طريق شحن «كريدت» أو وكيل شحن أو «جوجل» أو أي قنوات متاحة، يتم توضيحها للمشتركين والداعمين. وتتفاوت القيمة من برنامج إلى آخر، ففي بعض البرامج قيمة نفس الشحن مرتفعه عن برنامج آخر.

مثلاً في «لايكي» تصل قيمة شحن 1000 ماسة إلى 20 دولاراً عبر البطاقة المصرفية، ونفس القيمة تقريباً من خلال وكيل شحن مرخص، و25 دولاراً في «جوجل»، بينما تبلغ قيمة شحن نفس عدد الماسات في برنامج «بارتي ستار»، سعراً أقل عن بقية البرامج؛ إذ تبلغ دولاراً ونصف الدولار فقط، ودولارين في «جوجل».

والغريب أن 1000 دولار تشحن مليون ماسة في «بارتي ستار»، مقابل 50 ألف ماسة فقط في برنامج «لايكي»، ولمعرفة سبب ذلك، قال مذيعون: إن «تارجت» المذيعة عند تحقيق 25 ألف ماسة في «لايكي» يعادل نفس القيمة من تحقيق 250 ألف ماسة في «بارتي ستار»؛ أي أن الأول أعلى 10 مرات في سعر الماسات، وأقل 10 مرات في قيم ال«تارجت» التي يجب أن تحققها المذيعة، وتحصل على نفس الراتب، وفي الحالتين الخاسر هو الداعم الذي يتكلف قيمة شحن وإرسال نفس الهدايا بعشرة أضعاف قيمتها في برنامج آخر أو عليه شحنها 10 مرات أكثر، لتحقق المذيعة نفس «التارجت» في البرنامجين.

ألعاب ومراهنات

تتيح البرامج للداعمين العديد من «ألعاب المراهنات»؛ كي يستطيعوا زيادة حصيلتهم من الألماس والهدايا، فيمكنهم كسب بنحو ضعف القيمة إلى 45 ضعفها في بعض الهدايا، وهو الأمر الذي يجذب الداعمين واللاعبين، لكن يتعرض العديد منهم للخسائر مثل أي لعبة، وبالتالي تزيد المعاناة. في برنامج «لايكي» مثلاً هناك ألعاب «الخضار»، «الفواكه» و«الأسماك»، وفي «بارتي ستار» هناك «النرد» و«الخضار» و«سباق الخيل».

هناك لاعبون محترفون يربحون كثيراً، ومنهم من يبيع حصيلة المكاسب من الماسات بأسعار أقل من قيمة شرائها عبر البطاقات المصرفية أو حتى وكلاء الشحن، أو يرسلها إلى المذيعين والمذيعات من دون أن يتكلف شيئاً في شرائها.

تسول «أون لاين»

تنتشر في هذه البرامج ما يُعرف باسم «التسول الإلكتروني»؛ حيث يقوم المذيع أو المذيعة بفتح صفحته، وعرض لوحة تظهر أنه محتاج أو لا يعمل أو أرملة أو تربي أيتاماً أو أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو أنها تحتاج إلى مساعدة ودعم، وتطلب من كل من يدخل الصفحة أن يرسل هدية لها، وهناك من يصدقون هذا الأمر، ويرسلون هدايا، وبالتالي هو التسول بعينه الذي نراه في الواقع، لكنه أخذ شكلاً إلكترونياً.

ويقول أحد الداعمين إنه في إحدى المرات طلبت منه مذيعة أن يرسل لها هدايا، وعندما طلب منها أن تحدثه عن حالتها الاجتماعية، قالت: إنها أم لولدين مصابين بمرض يستدعي علاجهما شهرياً، بنفقة كبيرة، وعندما طلب منها أن ترسل صورة من الأشعة الطبية والعلاجات حتى يستطيع تأمين العلاج لها رفضت.

التحديات.. جاذبة للداعمين

تعد «التحديات» التي يجريها المذيعون والمذيعات من أهم عناصر الجذب بالبرامج، لأنها بمنزلة المسابقات؛ حيث إن اللعب المثير يتطلب دعم ومساندة الداعمين؛ كي يفوز أحد أطراف المسابقة. وفي الأغلب يشترط الوكيل أو إدارة البرنامج على المذيع والمذيعة إجراء تحدٍ أو تحديين رسميين في الشهر بخلاف التحديات العادية التي تجرى بشكل يومي.

ويبدأ التحدي بظهور كلا اللاعبين أو المذيعتين في نافذتين على الشاشة، ويرسل داعمو كل طرف الهدايا طوال فترة التحدي التي في الأغلب تكون ما بين 5 إلى 10 دقائق، ويفوز من يربح أكثر.

أما ما يُعرف ب«تحديات الأحكام»، فهي الأهم؛ حيث يحكم الطرف الفائز على الخاسر ب 3 أحكام، يجب أن ينفذ أحدها، وفي الأغلب تجمع بين الفكاهة والخطورة على الحياة، فهناك مذيعة مثلاً تحكم على منافستها بأن تقلد أصوات الحيوانات أو سكب ألوان على الوجه أو التعلق بالباب أو الدخول بالملابس تحت «دش الاستحمام» أو تعليق أثقال وأوزان على الرأس، وهي أمور تعرض الجسد للإيذاء، وتظهر الشخص بصورة غير لائقة.

وفي الأغلب تقوم المذيعة باستفزاز داعمي المذيعة المنافسة بأنهم لا يستطيعون هزيمتها، وأن داعميها أقوى وأفضل، وكل من يدعم أكثر يكون «أكثر رجولة». وهناك من يدخل في نقاش محتدم وصراع، فيزيد تأجج الموقف من حصيلة وغنيمة المذيعة من الدعم والهدايا.

الصورة
تيك توك

«تيك توك».. رد مغلف بالتحفظات

انتشرت ظاهرة العمل كمذيعين ومذيعات عبر بث مباشر من خلال منصة «تيك توك»، ولعب التحديات، وتنفيذ الأحكام، فتوجهت إلى المنصة بتساؤلات، وكانت الإجابات عبر مسؤولة فيها على النحو الآتي:

* ما القواعد التنظيمية للتحديات التي تُجرى «أون لاين» وتصاحبها أحكام على الخاسر؟

- تخضع جميع هذه التحديات إلى إرشادات المجتمع، وشروط الخدمة الخاصة بنا، ويتم اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه المحتوى المخالف.

* هل تأخذ «تيك توك» نسبة من الهدايا التي ترسل إلى المذيعة والمذيع.. وكم أسعار شحن الهدايا؟

- نحن لا نشارك علناً تفاصيل حول كيفية توزيع الإيرادات من البث المباشر!!.

* يظهر بعض المذيعين وصنّاع المحتوي بملابس غير لائقة.. ما معايير ذلك؟

- «تيك توك» منصة تشجع أفراد مجتمعنا على التعبير عن أنفسهم، وانطلاقاً من هذا الواقع، يهمنا أن نتيح لمستخدمينا دائماً الظهور على طبيعتهم، والتصرّف على سجيّتهم، لكننا لا نسمح بالمقابل بنشر أيّ محتوى غير لائق.

البعض يلجأ إلى ما يسمى بالتسول أون لاين.. كيف يتم التصدي لذلك؟

* ينتهك هذا النوع من المحتوى إرشادات المجتمع الخاصة بنا بشأن الاستغلال البشري، وتحديداً سياساتنا بشأن التسول الاستغلالي أثناء البث المباشر أثناء عرض الأطفال و/أو أثناء عرض الأشخاص المستضعفين في محاولة لزيادة الهدايا.

* نستخدم مجموعة من التقنيات وفرق الإشراف؛ لتحديد ومراجعة وإزالة المحتوى أو الحسابات التي تنتهك إرشادات المجتمع الخاصة بنا ومراجعتها، في أي وقت مناسب لذلك. كما أننا نسهل على مجتمعنا، الإبلاغ عن المحتوى الذي قد لا يكون ملائماً للجميع، ونقوم بمراجعته.

* ما حجم إجمالي العائد لكم من البث المباشر؟

- لا نشارك علناً تفاصيل حول كيفية توزيع الإيرادات من البث المباشر!.

* ماذا عن التحديات التي يطلقها أشخاص ومشاهير عبر البرنامج، قد تهدد حياة من يتابعونه سواء من الأطفال أو الكبار؟

- إن سلامة وأمن مجتمعنا أولويتنا القصوى؛ لذلك فإن التحديات الخطرة محظورة تماماً من على «تيك توك»، وإذا صادف وجودها تتم إزالتها على الفور. ويتم تعيين الحسابات للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 16 عاماً على خاص افتراضياً، ويجب أن يكون عمرك 16 عاماً فما فوق لاستخدام الرسائل المباشرة، وأن يكون عمرك 18 عاماً فما فوق لإجراء بث مباشر، أو لإرسال هدايا إلى مُنشِئ محتوى خلال جلسة البث، أو لاستخدام ميزات تحقيق الدخل. نقوم بإلغاء الوصول إلى الميزات إذا وجدنا حسابات لا تلبي متطلباتنا العمرية.

الصورة

إغراءات مالية وإدمان إلكتروني ورقابة غائبة

ترى د. سهير صفوت، أستاذ النظرية الاجتماعية بكلية التربية جامعة عين شمس بالقاهرة، أن هذه الظاهرة انتشرت على وسائل التواصل على مستوى العالم في خضم العولمة وسياساتها الثقافية وانعكاساتها واندمجت مع السياسة الاقتصادية. وتقول: في هذه البرامج، أصبحت المرأة أداة جذب لهذه المواقف التي تداعب أهواء الرجال الذين يندمجون في الفكرة المستحدثة في البحث عن المرأة النموذج الجميلة التي تقابله بالترحاب، وبشكل هو يبحث عنه، بغض النظر عن وجود بعض التجاوزات الأخلاقية. وتعتمد أغلب هذه البرامج على نساء بحاجة إلى الدعم المادي أو لزيادة الدخل مع غياب الزوج؛ بسبب الانشغال في عمله أو عدم وجوده، فتكون المرأة المطلقة أو الأرملة متشوقة لجمع الأرباح.

تضيف د. سهير صفوت: هنا نبحث عن الأطر القانونية المنظمة إذا ما تعرضت المرأة في بث مباشر لمضايقات ومشاكل وابتزاز، هنا نحتاج إلى وعي شديد من خلال وسائل التواصل نفسها، وتجريم قانوني وتشريعي لمثل هذه الأمور، ونحتاج إلى دراما وإلى أعمال درامية تتناول مثل هذه القضايا مع تقنين ومراقبة التمويل، الذي يتحول إلى راتب للمذيعة، ومعرفة من أين يأتي؟ وكيف ينفق؟، ونحتاج إلى توعية النساء والشباب بمخاطر حلم المكسب السريع السهل، ونحذر هنا من ذوبان قيم المجتمع، بفعل هذه الثقافات الناعمة مع تزايد هذه البرامج.

تسلية وانهيار

تقول د. ياسمين الخالدي، الاستشارية التربوية: تتعدد أضرار برامج «الشات» في ظل تطور البرامج في صناعة مقاطع الفيديو مع توفير «الفلاتر»، والإضافات السهلة، التي يمكن استخدامها من قبل المبتدئين، ومن دون أي خبرة، بما يتسبب في ضياع الوقت والمال. وقد يؤدي استخدام هذه المنصات وما يشبهها من الشبكات الاجتماعية بشكل مستمر ولفترات طويلة إلى فقدان الشهية أو اتباع أنظمة غذائية غير صحية. كما تزداد نسبة إصابة الفرد بأمراض الاكتئاب والتوتر والاضطراب النفسي. وأمراض الضغط وغيرها من الأمراض الخطرة. وتصيب المستخدمين بهوس الشهرة؛ حيث يعد إعلاماً موازياً للتلفزيون ونجوم السينما. وهذا بدوره قد يؤدي إلى الرغبة في تنفيذ أعمال ضارة أو خطرة؛ لجذب المتابعين والمشاهدين. كما تسبب الألم النفسي، نتيجة تجارب تفاعلية وعاطفية فاشلة. ويقوم البعض بمشاركة حياتهم وأملاكهم ونشاطاتهم اليومية خلال البث، ما يجعل الفرد يبدأ في المقارنة، ويشعر بعدم الرضا عن حياته، والإحساس بالعجز والدونية.

وفي بعض الأحيان، قد يتسبب هذا التطبيق في حدوث نهاية مأساوية لمستخدميه. مثل السجن؛ بسبب قضايا التنمر والسب والقذف، ونشر العري أو ترويج المخدرات والممارسات غير الأخلاقية. كما قد يؤدي التقليد الأعمى للآخرين إلى إيذاء النفس أو الانتحار في حالة الفشل في الحصول على الشهرة أو المال.

ونقف عند الكثير من المخاوف بشأن صلاحيات هذه التطبيقات على الهاتف؛ حيث إنها تحتوي على انتهاك لخصوصية المستخدمين، وجمع معلوماتهم، والتجسس على هواتفهم، وسرقة بياناتهم الشخصية؛ لذلك فإن هناك بعض الدول تحظرها؛ كونها تشكل خطراً أمنياً ومصدراً لنشر المحتويات غير الأخلاقية، والتنمر الإلكتروني والسب والقذف. والابتزاز والتحرش.

تضيف د.ياسمين الخالدي: تزداد مخاطر وسلبيات هذه البرامج على الأطفال وفئة المراهقين بشكل خاص؛ وذلك لأن هذه الشريحة تمتلك وقت فراغ أكثر من غيرها.

وتسبب كثرة استخدام تلك البرامج للمراهقين والأطفال، عدم الانتباه لما يدور حولهم، وتجعلهم يعيشون في عالم افتراضي خيالي. ما يؤدي في النهاية إلى العزلة الاجتماعية، النرجسية والتوحد.

وتعد عنصر جذب للمراهقين والأطفال الذين يستخدمون الهواتف الذكية، ويريدون الظهور على الشاشات. بأي أسلوب أو طريقة حتى لو كانت ممنوعة، أو خطرة؛ مثل التحديات «أون لاين».

وتستهدف هذه التطبيقات الخبيثة الفتيات القاصرات بشكل أكبر من الفئات الأخرى؛ لجذب المراهقين والشباب للانضمام، وتسجيل الدخول إلى التطبيق مع تقديم إغراءات ودعم من المتابعين؛ بهدف السعي لانحراف الفتيات عن عادات المجتمع والدين، للحصول على أرباح مالية بسهولة. ومع زيادة الإغراءات، وانعدام الرقابة في الأسرة، تتجه البنات القاصرات إلى أساليب غير لائقة، للحصول على المشاهدات والمتابعين وربح المال، ما قد يسبب لهن السجن في النهاية، بتهمة نشر الرذيلة كما حدث لبنات «التيك توك» في مصر أمثال: حنين حسام، ومودة الأدهم وغيرهما. إلى جانب سيطرة ثقافات غريبة على المجتمع من مأكل، وملبس، وتوجهات وغيرها.

ولمواجهة هذه المخاطر بقدر المستطاع، تنصح د. ياسمين الخالدي ببعض الحلول من أهمها:

* التوجيه والإرشاد بمؤسسات التنشئة ومراكز الشباب وغيرها.

* مراقبة هواتف الأبناء، والتأكد من التطبيقات التي تناسب أعمارهم.

* إدراك أن التطور التكنولوجي هو سلاح ذو حدين، فعلينا الأخذ في الاعتبار كيف يمكن أن نحقق أقصى استفادة منه مع تقليل المخاطر.

ولعلاج إدمان الإنترنت لا بد من تكاتف البلدان والمؤسسات، لمنع المحتويات الهابطة والمسيئة، وكذلك نشر الوعي الثقافي؛ للتخلص من الإدمان الإلكتروني وأضراره.

الصورة

مودة وحنين.. أشهر قضية

في عام 2020 تفجرت قضية الفتاتين المصريتين حنين حسام، ومودة الأدهم، وهما في أوائل العشرينات من عمرهما، واتهمتا باستغلال الفتيات، مقابل المال عبر منصات مشاركة الفيديو.

واكتسبت حنين حسام، الطالبة الجامعية، 900 ألف متابع على «تيك توك» من خلال نشر مقاطع فيديو، تُظهرها وهي تغني وترقص. وقُبض عليها لأول مرة في إبريل/ نيسان 2020 بعد دعوتها لمتابعاتها للانضمام إلى منصة مشاركة فيديو أخرى، «لايكي»؛ حيث قالت: إن بإمكانهن جني الأموال من خلال بث مقاطع فيديو مباشرة.

وفي يوليو من ذلك العام، دانت المحكمة الاقتصادية في القاهرة حنين حسام ونجمة أخرى في «تيك توك» هي مودة الأدهم، بتهمة «انتهاك قيم ومبادئ الأسرة». وحكمت عليهما بالسجن لمدة عامين.

وواجهت المتهمتان العديد اتهامات؛ أهمها استدراج الفتيات، واستغلالهم عبر البث المباشر، والإتجار بالبشر، وتلقي تحويلات بنكية من إدارة التطبيق، مقابل ما حققته كل واحدة منهما من مشاهدة».

الصورة

فنانون يدخلون اللعبة

جذبت هذه البرامج العديد من الفنانين والفنانات، أغلبهم من مصر، والعديد منهم انحسرت عنه النجومية، وقلت أعماله الفنية، فكانت البرامج فرصة للتربح. وبعضهم يبررن اللجوء إلى التحديات بعد ملازمة المنازل، ففكروا بوسيلة للبقاء على الشاشات، وتحت الأنظار، والتواصل مع المعجبين والمعجبات، وأحياناً اكتساب تعلم لهجات عربية جديدة بالتحاور مع جنسيات مختلفة، وهذا ما أكدته فنانة مصرية طلبت عدم ذكر اسمها.

وقبل فترة خرج علينا الفنان المصري فادي خفاجي، ومن أشهر أدواره «شرف الدين» في مسلسل «يوميات ونيس»، وقال بكل غضب في بث مباشر: «هذا ليس مكاني ولا يليق بي، أريد أن أمثل، أنا خريج المعهد العالي للفنون المسرحية، لا أرغب في الجلوس عبر الشاشة، منتظراً الداعم الذي يرسل لي ماسة أو ماستين».

ومنذ فترة اُتهمت فنانة مصرية بنشر الفسق والفجور على تطبيق «ميكولايف» والكلام بطريقة غير لائقة.

وعبر بثها سئلت فنانة مصرية كأحد الضيوف الموجودين باسم مستعار: لماذا يلجأ الفنانون إلى «بث لايف»؟، فانفعلت وقالت باللهجة المصرية: «وأنت مالك ليس لك دخل أظهر أو لا أظهر»، فيبدو أن هذا السؤال يصيب من يسمعه بالغضب، فسألتها: هل تقومين بشيء تخجلين منه حتى تردي عليَّ بهذه العصبية؟ فانفعلت أكثر، وطلبت مني الخروج من البث.

الصورة
الصورة
1

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/45xkbjjr

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"