عادي
قرأت لك

كرة القدم.. عالم من المتعة والسحر

23:37 مساء
قراءة 4 دقائق
مهند العنزي

الشارقة: علاء الدين محمود

«كرة القدم الإماراتية... التاريخ وأسس التدريب»، كتاب للاعب الإماراتي السابق مهند العنزي، صدر في طبعته الأولى عن دار أوراق بالتعاون مع شعلة الإبداع للنشر والتوزيع، هو أحد المؤلفات التي تتحدث عن خصوصية اللعبة وجماليتها وفنياتها وأساليبها وتقنياتها وطرق التدريب فيها، وهي حصيلة تجربة طويلة وعامرة قضاها العنزي لاعب كرة قدم في المنتخب الإماراتي وفي عدد من الأندية، وكذلك في مجال التدريب، حيث تعد هذه اللعبة من الرياضات التي تجد شعبية ومتابعة كبيرة في الدولة.

جاء الكتاب في 185 صفحة من القطع المتوسط، ويشتمل على 8 فصول، حيث يتناول الأول تاريخ وفلسفة كرة القدم، والثاني: مراحل تطور طرق اللعب، أما الثالث فيركز على الأسس العامة للتدريب، فيما يتناول الرابع: الإعداد المهاري في كرة القدم، بينما يخصص الكتاب الفصل الخامس للحديث عن الإعداد البدني، ويغوص السادس في مسألة الإعداد الخططي، فيما يركز السابع على الإعداد النفسي، أما الفصل الثامن والأخير فهو يتناول كرة القدم الإماراتية، كما يشتمل الكتاب على قائمة بالمراجع ونبذة عن المؤلف.

الكتاب يبرز كرة القدم بوصفها أكثر من لعبة وهي عالم من السحر والجمال والإثارة، واللافت في الكتاب، أن المؤلف قد استعاد الكثير من تناول الأدباء والمفكرين العالميين لكرة القدم ودهشتهم بها واستعارتهم وتوظيفهم للكثير من مصطلحاتها ومفرداتها، ففي مقدمة الكتاب يستدعي المؤلف الإهداء الذي وجهه الكاتب الأورغواني إدواردو جاليانو للأطفال من مشجعي كرة القدم، في كتابه الشهير «كرة القدم بين الشمس والظل»، الذين فهموا جوهر اللعبة باعتبارها تنافساً ينطوي على النبل والروح الرياضية، والتمسك بتشجيع النادي مهما كانت النتيجة والأهم من ذلك تقبل الهزيمة، فقد كان أولئك الأطفال الذين ذكرهم جاليانو يرددون أهزوجة تقول: «ربحنا أم خسرنا/ لن تتبدل متعتنا/ متعتنا تبقى كما هي/ سواء أخسرنا أم ربحنا».

آداب وفنون

ويركز الكتاب على المتعة في عالم اللعبة، ويكشف عن وجه الشبه الأول بين الحياة وكرة القدم، بكل ما فيهما من تأرجح مستمر بين المتناقضات الكثيرة: المجهول والمأمول، الحزن والبهجة، الجهد والحسرة، الأمل والخيبة، بل أن لعبة الكرة تتماهى كذلك، وإلى حد كبير، مع الآداب والفنون، باعتبارها تقليداً أو محاكاة للحياة، وقد يصعب حصر المتشابهات في ما بينها، وإن كان أبرزها يتمثل في اللحظات الدرامية، حيث التقلبات النفسية والسيناريوهات الديناميكية، والتعبيرات الاجتماعية وغيرها، ويلفت الكتاب إلى أن ذلك التشابه ربما هو الذي جعل كرة القدم هي الرياضة الأكثر شعبية في العالم، حيث بلغت من الشهرة حداً لم تبلغه الأنشطة الرياضية الأخرى، ويظهر ذلك من خلال الإقبال الكبير على ممارستها من طرف عامة الناس كوسيلة ترفيهية، أو بشكل مهيكل ضمن النوادي والفرق الرياضية، وكذا التغطية الإعلامية لمنافساتها والدعم المالي الذي أصبحت ترصده الدول لهذه الرياضة إضافة إلى الحضور الجماهيري الكبير الذي تستقطبه المقابلات بشكل عام.

بدايات

وينتقل الكتاب للحديث عن بدايات ظهور هذه اللعبة التي لها تاريخ قديم جداً يصل إلى القرنين الثاني والثالث الميلاديين، حيث عرفت في الصين باسم «تسو شو» كأول بداية لها؛ وتشير الأدلة إلى أنها كانت عبارة عن تدريب عسكري في ذلك الوقت، حيث كان اللاعب يحاول إدخال الكرة إلى الشباك المثبتة على أعواد الخيزران، وكانت الكرة التي يلعبون بها محشوة بالشعر والريش، ثم ظهرت كرة القدم أيضاً في اليابان باسم «كيرامي»، كما دون بعض المؤرخين أن هذه اللعبة مورست في اليونان قديما كانوا يسمونها إبسكيروس، فيما كان الرومان يلقبونها هاربارستوم، وفي عام 1300ميلادية ظهرت كرة القدم في إنجلترا، وكان اللاعبون يلعبون بكرة مصنوعة من جلد الحيوانات، وقد تم فرض الحظر على من يلعب كرة القدم، نظراً لتخوف السلطة الحاكمة آنذاك من انشغال الناس بها، عوضاً عن تعلمهم الرماية؛ وذلك لأن إنجلترا كانت في خضم أحداث حربها مع إسكتلندا في ذلك الوقت.

واستمرت الساحرة المستديرة في نشر سحرها في مختلف الأوساط الاجتماعية في إنجلترا بشكل سريع وكبير، وكانت مباريات كرة القدم في عام 1800م عنيفة جداً، حيث كانت أشبه بحلبات الملاكمة أو المصارعة؛ نظراً لما يحدث فيها من ضرب ولكم بين اللاعبين؛ وأصبح اللاعبون يراهنون على بيوتهم وأموالهم في حالة الفوز أو الخسارة ضد الفرق الأخرى، لكن عندما تم إقرار قانون الطريق السريع عام 1830م والذي ينص على أن من يقوم بلعب كرة القدم على الطرقات الرئيسية والسريعة سوف يتم تغريمه بمبلغ من المال، فقد أدى ذلك إلى خفض معدلات العنف المرتبطة باللعبة.

مع بدايات عام 1863، كان لكرة القدم موعد مع تاريخ جديد من التطور، إذ تم تأسيس أول اتحاد لكرة القدم في العالم ألا وهو الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، وفي أواخر القرن التاسع عشر وفي ظل الحرب العالمية الأولى لم تعد كرة القدم حكراً على الرجال فقط، فقد دخلت الكرة عالم النساء، وبالرغم من الحظر الذي فرض على كرة القدم بسبب الظروف السياسية في ذلك الوقت؛ إلا أنه بعد رفع الحظر من قبل الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم عام 1971 استمرت كرة القدم النسائية بالانتشار على مستوى العالم كله، وفي عام 1904م وبعد الانتشار الكبير الذي حققته هذه اللعبة في مختلف بقاع الأرض، أصبح وجود هيئة رسمية دولية معنية بشؤون هذه اللعبة أمراً ضرورياً؛ فتم تأسيس الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، لتتطور اللعبة وتنتشر عالمياً.

إبداع إماراتي

ويعرج الكتاب على فلسفة كرة القدم ودعمها للمحبة وتشجيعها على الاحترام، ويتوقف المؤلف عند محطات مهمة في تاريخ اللعبة ومراحل تطورها، قبل أن يدلف إلى الحديث عن كرة القدم في الدولة وبدايتها في سبعينات القرن الماضي بعد أن تشكلت ثلاثة اتحادات لإمارات أبوظبي ودبي والشارقة، وهي الاتحادات التي كان لها الفضل في تأسيس الاتحاد الإماراتي في عام 1971، ويتناول الكتاب المنتخب الإماراتي وأهم محطاته، وأبرز الأندية في الدولة، إضافة إلى الحديث عن أهم اللاعبين الذين صالوا وجالوا في ملاعب الإمارات مثل: عدنان الطلياني، وفهد خميس، وزهير بخيت، وعلي مبخوت، وعمر عبد الرحمن «عموري»، وغيرهم من نجوم لمعت في سماء اللعبة في الدولة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n6axyvy

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"