التكامل الحسي وســرعة التعلـم

00:06 صباحا

غالباً ما نجد كثيراً من الأمهات أثناء مذاكرة الدروس لأبنائهن يقمن بقراءة المواد المختلفة بصوت مسموع وشرحها بشكل لفظي أمام الطالب، ويكون دور الطالب هنا الاستماع لقراءة الأم لمحتوى الدروس وشرحها للمعلومات الواردة في المنهج، وبمجرد أن تقوم الأم بسؤال الابن عن المعلومات التي تم شرحها من قبلها غالباً ما يتلكأ الطالب، وقد تكون معظم المعلومات قد تبخرت ولم يبق منها في ذاكرته إلا القليل.
وهنا تكون الأم أو المعلم غير مدركين لأنهما بهذه الطريقة يتعاملان مع حاسة واحدة فقط وهي حاسة السمع، ولو أنهما عملا خلال تقديم الدروس على تنشيط الحواس جميعاً السمعية والبصرية، واللمسية والشمية والتذوقية لدى الطالب، أو ما يطلق عليه (بالتكامل الحسي) لكان من الصعب على المعلومات أن تضمحل أو تتلاشى، وكنا قد حافظنا عليها لأطول مدة ممكنة.
فالتكامل الحسي في التدريس يشير إلى توجيه الأنشطة التعليمية بحيث تستهدف جميع الحواس الخمس، وتعزز تجربة التعلم بشكل شامل ومتكامل، ويمكن أن يكون التكامل الحسي مفيداً في تحسين فاعلية التعلم وتوفير بيئة تعلم محفزة ومثيرة، مما يؤثر إيجابياً في أداء الطلاب الأكاديمي والاجتماعي، إضافة إلى تحسين قوتهم الذهنية وتركيزهم وانتباههم. 
وهناك بعض الاستراتيجيات التي يمكن تنفيذها لتحقيق التكامل الحسي في التدريس، ولها أثر كبير في الاحتفاظ بالمعلومات في الذاكرة لأطول مدة واستدعائها عند الحاجة، ومن هذه الاستراتيجيات استخدام وسائل التعلم المتعددة كتوفير موارد تعليمية تستند إلى النصوص والصور والصوت والفيديو والرسوم التوضيحية والأفلام التعليمية لتلبية احتياجات الطلبة المتنوعة، كذلك لا بد من تشجيع الطلاب على التفاعل الحسي من خلال تشجيعهم على المشاركة في الأنشطة التفاعلية التي تعتمد على التدريب العملي على المهارات والتجارب العلمية، أيضاً يمكن تعزيز الخبرات المتعلمة من خلال استخدام وسائل التكنولوجيا التفاعلية والتطبيقات التعليمية المختلفة التي تشمل محتوى متعدد الوسائط، وبالطبع لاستراتيجية التفاعل الجسدي واستخدام الأنشطة الأدائية أو الحركية أثر كبير في تذكر المعلومات، وتلعب الزيارات الميدانية والرحلات التعليمية والاستكشافية دوراً كبيراً في التعرف الذاتي الى المعلومة وبقائها في الذاكرة، ولا نغفل هنا دور الألعاب التعليمية واستراتيجية التعلم باللعب كوسيلة فاعلة في سرعة التعلم وثبات المعلومة وخاصة لدى  الأطفال.
وفي الختام تمثل استراتيجية التكامل الحسي جوهراً لتحسين تجربة التعلم، حيث تفتح أفقاً جديداً من التفاعل والفهم من خلال توظيف الحواس المتعددة، ويصبح التعلم تجربة شاملة وشائقة، تسهم في تحفيز الطلاب وتعزز فهمهم العميق وتطوير قدراتهم بشكل مستدام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc68mfuj

عن الكاتب

دكتوراه الفلسفة في التربية الخاصة
أستاذ مساعد في جامعة كلباء، حاصلة على دكتوراه الفلسفة في التربية الخاصة، لديها خبرة تمتد 17 عاماً في تعليم وتدريب أصحاب الهمم من ذوي الإعاقة العقلية واضطراب التوحد.
حصلت على عدد من جوائز التميز مستوى الدولة، منها: (جائزة خليفة التربوية، جائزة حمدان للتميز التربوي ، جائزة الشارقة للتميز التربوي، جائزة الناموس للتميز التربوي، جائزة مدامة للاستدامة البيئية، جائزة الفجيرة للإستدامة البيئية)، ولديها عدد من الأبحاث العلمية المنشورة في مجلات علمية محكمة.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"