د. موزة سيف الدرمكي
انهمك الأب مع ابنه في إصلاح دراجته، وأخذا وقتاً طويلاً في إصلاحها، هنا مر الجار، فسأل الأب: لماذا كل هذا الوقت الذي تقضيه في إصلاح دراجة، وبجانبك ورشة لإصلاح الدراجات؟ فأجاب الأب: أنا أقوم بإصلاح العلاقة بيني وبين ابني وليس إصلاح الدراجة..
وهي نقطة مهمة في بناء علاقة إيجابية بين الوالد وابنه، لما لها من نتائج ممتازة بين الطرفين. وتشير الدراسات إلى أن علاقة الطفل بأسرته تتمثل في ثلاث حالات: الأولى علاقة آمنة وصحية من خلال شعور الطفل بأن أسرته تحبه دون شروط، وهي قادرة على فهم حاجاته وتلبيتها. والثانية علاقة متحاشية تتسم بالإهمال العاطفي المتكرر، ما يؤدي بالطفل إلى رفض كل طرق التواصل والرعاية من قبل الأسرة. أما الثالثة فهي علاقة قلقة نتيجة التربية المتذبذبة التي تسبب الإحباط وعدم الإحساس بالأمان.
ولبناء الوالدين علاقة إيجابية بينهما وبين أطفالهما لا بد من إزالة الخوف، ففي بعض الأحيان نجد الابن يلبي المطلوب منه فقط لأنه خائف من والديه، ومن أساليب التخويف التي يتبعها الوالدان الصراخ على الطفل، رفع الصوت، تقطيب الجبين، الضرب. كما لا بد من توقف الوالدين عن التحكم والسيطرة الزائدة في حياة الطفل، فإعطاء الطفل مساحة للاستقلالية وتشجيعه على أخذ زمام المبادرة يجعل الطفل مستقلاً نفسياً ومعنوياً وذهنياً ومادياً. أيضاً لا بد من اللعب مع الطفل والتعرف الى اللعبة التي يحبها من باب الدخول إليهم من خلال اهتماماتهم.
أيضاً لا بد أن يهتم المربي بالاحترام وحسن الخطاب للطفل، وهنا لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، حيث مر ذات يوم بطفل قائلاً (يا أبا عمير، ما فعل النغير؟) أي ماذا فعل طيرك الصغير؟ هنا استخدم رسولنا صلوات الله وسلامه عليه الاحترام، وحسن الخطاب، والكنية، واللطف، لبناء علاقة إيجابية مع ذلك الطفل. ناهيك عما للمصادقة كقاعدة تربوية من عظيم الأثر في تربية الطفل، حيث روي عن أحد السلف قوله: لاعبه سبعاً، وأدّبه سبعاً وصاحبه سبعاً، حينها يكون الابن يافعاً، واكتمل استعداده للخروج للعالم الخارجي؛هنا لا يخرج الابن بمفرده؛ بل لديه صاحبٌ لا يكذبه ولا يغشه وهو والده أو والدته. هذا إضافة إلى ضرورة إشعار الابن بالحب بلا ثمن، حيث يولد أطفالنا وهم يعتقدون أننا نحبهم لأنهم أبناؤنا، ولكن بعد ذلك يكتشفون أننا نحبهم بثمن أو شروط معينة، كأن أقول: أحبك لأنك سمعت كلامي/ لا أحبك لأنك ضربت أختك.. فهذه رسالة للابن مفادها (لكي تحصل على الحب يجب أن تقدم).
ويجب أن يفهم الأبوان أنهما (إذا ما قصرا في علاقتهما مع أبنائهما، فإن الأبناء سيرمون هذه العلاقة في مزبلة العلاقات).