عادي
ثلاثية المناخ والفائدة وعدم الاستقرار رسمت مشهداً ضبابياً

2023 عام التقلبات لأسواق السلع.. والنتيجة «مكاسب سنوية»

22:51 مساء
قراءة 6 دقائق
دبي: «الخليج»

  • 8 % الارتفاع السنوي في 24 سلعة طاقة ومعادن وزراعة
  • 12 % تراجع المعادن الصناعية.. والذهب يلمع بمكاسب 12%
  • ضعف أداء النيكل والزنك والألمنيوم ومكاسب للقصدير والنحاس
  • تأجيل في تداول السلع الأساسية يعكس الظروف الضاغطة

2023 سنة مملوءة بالمفاجآت، فكيف مرت على سوق السلع الرئيسية، وسط التغيرات المناخية، إضافة إلى معدلات النمو الاقتصادي ومخاوف تراجع الطلب، التي كان لها تأثير كبير على سوق الطاقة والمعادن الصناعية دوراً مهماً، ما أدى إلى أداء هو الأفضل في جانب والأسوأ في جانب آخر.

يقول أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في «ساكسو بنك» إن العام بدأ في حالة من التفاؤل، نتيجة عودة النشاط الاقتصادي في الصين، بعد أشهر من عمليات الإغلاق المرتبطة بانتشار وباء كوفيد، التي أسهمت في انطلاقة جيدة للأسواق، لكن الأمور لم تكن جيدة في المطلق، حيث تزايد قلق الأسواق بشأن خطر التداعيات الاقتصادية الناجمة عن سياسة البنك المركزي المستمرة والشرسة في رفع أسعار الفائدة، بهدف السيطرة على التضخم.

بدأت هذه المخاوف في التراجع في الربع الأخير، بعد أن تلقت الأسواق أخيراً إشارات ترجح أن الخطوة التالية هي خفض أسعار الفائدة. كما أدت الحرب في غزة، والحرب في أوكرانيا، والهجمات على السفن في البحر الأحمر مجتمعة إلى زيادة المخاطر الجيوسياسية، وتزايد الانقسامات على مستوى العالم.

حقق مؤشر «بلومبيرغ» للعائد الإجمالي للسلع، الذي يتتبع أداء 24 عقداً آجلاً للسلع الرئيسية، موزعة بالتساوي تقريباً بين الطاقة والمعادن والزراعة، في العامين الماضيين، عائداً بنسبة 27% عام 2021، و16% عام 2022. وربما لم يكن مفاجئاً، بالنظر إلى التحديات التي شهدها العام الماضي، أن يحقق المؤشر أرباحاً بنسبة 8% تقريباً. كما يجب الانتباه إلى أنه إذا استثنينا الغاز الطبيعي الأمريكي، الذي انخفض بنسبة 67%، من المؤشر، فإن التداولات حافظت على استقرارها على مدار العام.

وتم دعم العوائد على الاستثمار لعام آخر، حيث شهدت السوق حالة تأجيل في تداول السلع الأساسية، وهي حالة تعكس الظروف الضاغطة على الأسواق، وساعد هذا في توفير عائد إيجابي، عندما تم تحويل عقود العقود الآجلة، التي تنتهي إلى عقد الشهر التالي بسعر أقل، في حين أن عائد العقود على أساس سنوي انخفض إلى 3.3 % من نحو 9.4% في مثل هذا الوقت من العام الماضي، فإنه لا يزال يوفر بعض الدعم للمستثمرين، والذي كان غائباً في سنوات ما قبل كوفيد، عندما كان متوسط عائد العقود الآجلة نحو -5 %.

  • التحول الأخضر

ويرى هانسن أن العام 2023 شهد زخماً في التحول الأخضر، خاصة في الصين، حيث يبدو أن الطلب على الوقود سيصل إلى ذروته العام المقبل، إلا أن هذا التركيز على هذا التحول لم يسهم بشكل كبير في دعم الشركات، التي تتطلب الكثير من التمويل للمشاركة في عملية الانتقال، حيث واجهت ضغوط بيع شديدة خلال النصف الثاني من العام، وسط تقييمات عالية تعرضت لضغوط من الارتفاع السريع في تكلفة الحصول على التمويل، نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة والعوائد.

وتسلط تصنيفات الأسهم في «ساكسو بنك» الضوء على هذا الضعف، حيث كان التحول الأخضر والطاقة المتجددة وتخزين الطاقة هي التصنيفات الأسوأ أداءً، في حين تمركزت السلع الرئيسية بالقرب من منتصف الجدول، بعد أن حققت عوائد بنسبة تقارب 12%.

ومن المتوقع أن تشهد هذه القطاعات، التي تعاني ضعف الاستثمارات، تحسناً عام 2024، نتيجة انخفاض تكاليف التمويل في العام المقبل، إضافة إلى الجهود المستمرة لمواجهة تغير المناخ. ومع استمرار ارتفاع الطلب العالمي على الطاقة فإن عملية التحول نحو الطاقة النظيفة لا تعد بديلاً مطروحاً في الوقت الحالي، حيث وصل الطلب على الغاز والنفط الخام والفحم أيضاً إلى مستويات قياسية جديدة.

  • تراجع الطاقة

ووفقاً لهانسن، شهدت بداية العام تراجعاً في العرض في قطاع الطاقة في المقام الأول، حيث تراجع المعروض من النفط الخام والمنتجات المكررة، مثل البنزين وخاصة الديزل، بشكل كبير نتيجة العقوبات المفروضة على روسيا والتوقعات المتفائلة بخصوص حجم الطلب الصيني. ومع ذلك، احتل القطاع الزراعي اعتباراً من مايو/ أيار فصاعداً الصدارة، حيث ساعدت التطورات المناخية لظاهرة النينيو، نصف الكرة الجنوبي بشكل أساسي، على إثارة الظروف الضاغطة على الأسواق، وارتفاع أسعار السكر والكاكاو والقهوة، التي قدمت أفضل أداء لهذا العام، كان أكثر من كافٍ لتعويض التأثير السلبي الناجم عن تراجع أسعار الحبوب، بعد موسم حصاد وفير في نصف الكرة الشمالي.

ويمكننا أن نرى الدور الذي لعبته بعض السلع الأساسية في المساعدة بالسيطرة على التضخم، حيث أظهر مؤشر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) لأسعار الغذاء انخفاضاً بنسبة 10.7% على أساس سنوي في نوفمبر/ تشرين الثاني، مدفوعاً بتراجع أسعار الحبوب مثل القمح والذرة، وكذلك الزيوت النباتية ومنتجات الألبان. كما عانى الغاز الطبيعي، وهو مصدر رئيسي للطاقة المستخدمة في توليد الكهرباء، انخفاضات كبيرة في جميع أنحاء العالم، وعلى الأخص في الولايات المتحدة، حيث ساعد مستوى الإنتاج القياسي والمخزونات المرتفعة والطقس المعتدل على انخفاض الأسعار بنسبة 67%، وكذلك أيضاً في أوروبا، حيث استمرت أسعار الغاز في الانخفاض بعد ارتفاعها عام 2022، نتيجة الإنتاج الكبير من المصادر المتجددة، والطقس المعتدل، وتحسين القدرة على الحصول على الغاز الطبيعي المسال، ليحل محل الغاز المسال من روسيا، إضافة إلى ضعف الطلب الصناعي.

  • النحاس

ويعود تراجع مؤشر «بلومبرغ» للمعادن الصناعية بنسبة 12%، في المقام الأول، إلى ضعف أداء النيكل والزنك والألمنيوم، وتقابله جزئياً فقط مكاسب في القصدير والنحاس، الذي ارتفع بنسبة 5%، نتيجة الطلب القوي بشكل مفاجئ في الصين، إضافة إلى التوجه نحو التحول الأخضر، نظراً لاستخدامه في تطبيقات متعددة. ولقي سوق النحاس مع اقتراب العام من نهايته دعماً من العديد من حالات عدم الاستقرار في العرض على المديين القصير والطويل، يضاف إلى ذلك انخفاض مستويات المخزون بالفعل، وإعادة التخزين المحتملة من المستخدمين الصناعيين، مع انخفاض تكاليف التمويل، ومن المرجح أن يشهد دعماً مستمراً في عام 2024.

  • النفط الخام

وقضى برنت العام في التداول، ضمن نطاق ضيق نسبياً يبلغ 27.5 دولار، مقارنة بنطاق 64 دولاراً عام 2022، عندما دفعت الحرب في أوكرانيا السوق إلى الارتفاع بشكل حاد قبل الانهيار، ليصل إلى السعر الحالي البالغ نحو 80 دولاراً، ويتم تداوله بأقل بقليل من المتوسط لهذا العام، ويمكن أن يُعزى هذا النطاق الصغير نسبياً إلى محاولة «أوبك+» الحفاظ على أسعار مستقرة من خلال التحكم في العرض بشكل فعال. ومع ذلك، ليس هناك شك في أن المجموعة ترغب في رؤية الأسعار ترتفع، لكن ارتفاع الإنتاج من الولايات المتحدة وإيران إضافة إلى دول أخرى، إلى جانب ضعف الطلب في الربع الرابع، ترك المجموعة بنصف انتصار، نظراً للفشل في تعزيز الأسعار مع التنازل عن حصتها في السوق.

  • صناديق التحوط

أدى استمرار البيع، منذ أكتوبر/ تشرين الأول من قبل صناديق التحوط ومستشاري تداول، إلى انهيار صافي الاستثمارات الطويلة الأمد عبر 24 عقداً آجلاً للسلع الرئيسية إلى مستويات شوهدت آخر مرة خلال أزمة كوفيد في أوائل عام 2020، عندما انخفض الطلب العالمي على السلع، وخاصة الوقود، بشكل حاد.

ويؤكد هانسن أن هذه التطورات تسلط الضوء على فئة الأصول التي تعاني قلة الاستثمارات بشكل متزايد، والتي عانت عام 2023 وسط مخاوف تراجع النمو في الصين والعالم، والارتفاع الحاد في تكاليف التمويل، ما دفع الصناعات إلى تقليل المخزونات الزائدة. كما تسلط الضوء على قطاع قد يشهد في ظل الظروف المناسبة انتعاشاً قوياً عام 2024، بمجرد أن تصبح النظرة الفنية أو الأساسية أكثر دعماً، ما يؤدي إلى عمليات شراء جديد وتغطية قصيرة.

ويمكن أن تتمثل الدوافع، التي قد تؤدي إلى مثل هذا التغيير، في تخفيض أسعار الفائدة، ما يسهم في خفض تكاليف التمويل، ومع ذلك فإن فرق الأسعار للعقود الآجلة قد يؤدي إلى إعادة ملء المخزونات، حيث تحافظ أوبك على رقابة صارمة على إمدادات النفط الخام، وخاصة إشارات تراجع العرض لعدد من السلع الأساسية، التي ستساعد على تعويض خطر التباطؤ الاقتصادي في العديد من الاقتصادات الرئيسية.

  • الذهب

حقق الذهب، الذي ارتفع بنحو 12% على أساس سنوي، بعد التداول ضمن نطاق 330 دولاراً، أداءً قوياً إلى حد ما، مدفوعاً باستمرار طلب البنك المركزي ومشتري التجزئة في آسيا، ما أسهم في موازنة عمليات البيع المستمرة من قبل المستثمرين الذين يركزون على عوائد حقيقية أعلى بشكل حاد، وارتفاع تكلفة التمويل للحفاظ على استثماراتهم، وسط الارتفاع المستمر في أسعار الفائدة القصيرة الأجل في الولايات المتحدة. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الجزء الأكبر من المكاسب تحقق خلال الربع الرابع، عندما أشارت البنوك المركزية أخيراً إلى أن الخطوة التالية هي نحو تخفيض أسعار الفائدة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/y774d6fa

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"