وداعاً لوكالات أنباء النجوم

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل تستطيع ألا تتذكّر بائية أبي تمام في نهاية العام؟ لا أحد يفتقد اليوم أكاذيب المنجّمين عند استقبال كل سنة جديدة. الطريف الذي لا يعلمه الناس، هو أن الكواكب والنجوم، تعمل بلا أجر لديهم، فهم يأمرونها بمضاعفة إنتاجها في المواسم. كم كان رائعاً شاعر الحماسة في رسم كاريكاتور المفترين: «والعلْم في شُهُب الأرماح لامعةً.. بين الخميسيْن لا في السبعة الشهُبِ»، ويسخر بملء فكره: «أين الرواية بل أين النجوم وما.. صاغوه من زخرفٍ فيها ومن كذبِ».
يبدو أن أمور الدنيا، من تشابكات عالية الشحنات في العلاقات الدولية، قد وضعت المنجّمين حيث يجب أن يكونوا، فوزن الواحد منهم لا يمثل ولا حتى بضعة غرامات إلى وزن كوكبنا، فكيف لو قيس على وزن نجم في وزن شمسنا، وهي من أصغر النجوم؟ 
هؤلاء لم يعد لهم ما يقدرون على توقّعه أو حتى تصوّره وتخيّل تداعياته. الحلبة الدولية اليوم أشدّ هولاً ألف مرّة ممّا كانت عليه في عصر الحرب الباردة. 
تعدّدت الجبهات وكثرت الصدامات، فالعالم أشبه بحرب عالمية غير معلنة، غير مفتوحة، لأن كل الذين يخوضون غمارها ويثيرون غبارها، يتظاهر كل طرف منهم بأنه لا دبّابة له فيها ولا طائرة، لا رصاصة ولا قذيفة.
لك أن تُجيل في ذهنك أن أهل الزور والبهتان في أخبار الأفلاك، لو تَركوا ترّهاتهم المضحكة، من أنباء العلاقات الأسريّة والاجتماعية والمهنية والعاطفية، وحشروا أنوفهم في المصائب الجيوسياسية والنوائب الاستراتيجيّة، وطفقوا يختلقون أن عطارد وزحل والمشتري نقلت إليهم أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرّر أخذ أوكرانيا أخذة رابية، وأن القرد والخنزير والأرنب أخبرتهم أن الرئيس الصيني شي جينبينغ سيضمّ تايوان في الوقت والساعة، حينئذ لا تعود المسألة لعب أطفال من قبيل: فنانة استعراضية ستخلع زوجها، خبر مهمّ لم تكن تنتظره.
الآن حصحص الحق، لقد أفلس المفترون على الأفلاك حتى من خير نشر البشرى الجوفاء، فلا يقولون مثلاً لأمّتيهم العربية والإسلامية: إن الشمس في برج الأسد (طالع السعد عند المنجّمين)، وهي تبشرهم بأن غزّة صاحت: «واعرباه، وامسلميناه»، وسوف تستجيب لها الأمّتان ببيض الصفائح، لا بسود الصحائف.
لزوم ما يلزم: النتيجة التطوّريّة: منذ مطلع القرن العشرين طويت صفحة علم الفلك، حلّت محلّه الفيزياء الفلكيّة. فليدرسوها، ونستريح.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/yb4sf3v8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"