عادي
جون رايلي أحد رموز فن البورتريه في القرن الـ 17

«بريدجت هولمز».. لوحة تؤرخ للمجتمع الإنجليزي

22:47 مساء
قراءة 3 دقائق
جون رايلي

الشارقة: عثمان حسن

جون رايلي (1646 – 1691) هو رسام بورتريه، لا يُعرف الكثير عن حياته المبكرة، كان أحد رواد الفن في القرن السابع عشر في إنجلترا، ولم ينافسه سوى الرسام نيلر. في عام 1681، عيّنه تشارلز الثاني رساماً للبلاط، فرسم العديد من البورتريهات لكل من تشارلز وأيضاً جيمس الثاني، وكان كذلك رسام البلاط لويليام الثالث وماري الثانية.

ولد رايلي في لندن، والده هو ويليام رايلي، حارس السجلات في برج لندن، درس الرسم على يد الرسامين إسحاق فولر وجيرارد سوست، وتعلم من الأخير الأسلوب القوي والمباشر في رسم البورتريه مما جعل صوره جديرة بالملاحظة. لم يكتسب رايلي شهرة كبيرة حتى وفاة الرسام الهولندي السير بيتر ليلي، الذي رسم بدوره لوحات للملك تشارلز الأول وأوليفر كرومويل، والملك تشارلز الثاني.

من أشهر اللوحات جون رايلي واحدة بعنوان «بريدجت هولمز» وكانت خادمة رئيسية ومهمة في عهد جيمس الثاني، وكانت مسؤولة عن تنظيف وإعداد حجرة النوم الملكية، وتلميع الأثاث الهش وإزالة الغبار عنه، وإشعال النيران بمساعدة الخدم الآخرين. وأسندت لها مهمة التنظيف والكنس وأيضاً تفريغ وتنظيف أوعية الحجرة وإغلاق أوعية الروائح الكريهة في المنزل، حصلت هولمز على أجر جيد مقابل هذا العمل، كما واصلت الخدمة في عهد ويليام الثالث، وعند وفاتها دفنت في أديرة كنيسة وستمنستر، وكتب في نصبها التذكاري أنها خدمت أيضاً تشارلز الأول وتشارلز الثاني.

لوحة «بريدجت هولمز»

يحاكي وضع بريدجت في اللوحة الصور الباروكية في ذلك العصر، حيث يحمل الأشخاص في الغالب أدوات تشير إلى القوة والهيبة. توجد في خلفية اللوحة مزهرية مزينة بحوريات راقصات، أسفلها نقش بطولي للجنود الرومان. وبحسب خبراء الفن تعتبر لوحة «بريدجت هولمز، التي أنجزها رايلي في 1686عملاً مثيراً للإعجاب، ويجسد جوهر امرأة مسنة تتمتع بحياة ملأى بالخبرة، والعمل بأبعاد كبيرة الحجم، (225.4 × 148.6 سم).

اتبع جون رايلي في هذا العمل المفعم بالحيوية الأسلوب الفني للرسم الواقعي، مما يعني أن الفنان سعى إلى تمثيل بريدجت هولمز بأمانة قدر الإمكان، نلاحظ ذلك من خلال استخدام رايلي لتقنية الرسم الزيتي بحيث ظهرت الألوان غنية وعميقة، مما يجعل هذه اللوحة أكثر إثارة للإعجاب.

هذا التكوين الفني المثير للاهتمام، حيث بريدجت هولمز في وسط اللوحة، مما يجعلها محور العمل، تجلس على كرسي، وعلى وجهها تظهر تعابير امرأة هادئة ومتماسكة. وفي خلفية اللوحة يمكن للمشاهد رؤية نافذة تسمح بدخول الضوء الطبيعي مما يعطي شعوراً بالهدوء.

لقد قامت بريدجت في اللوحة بثني مئزرها الأبيض للحفاظ على نظافته، حيث يقوم أحد الصبية بسحب الستارة ليكشف عما ورائها، مما يوحي بأنها شخصية ذات أهمية كبيرة.

يحتل لون الطلاء جانباً آخر مثيراً للاهتمام في هذا العمل الفني، حيث استخدم جون رايلي الألوان الدافئة، مثل درجات اللون البني والأصفر والبرتقالي، مما منح العمل شعوراً بالدف والحيوية، كما حرص الفنان على إبراز مجمل التفاصيل الصغيرة لملابس بريدجت هولمز والأشياء المحيطة بها بشكل جيد للغاية، مما يدل على قدرة الفنان على التقاط التفاصيل كافة، وهذا شأن مجمل أعماله التي قدمها في حياته القصيرة.

قصة

رسم رايلي اللوحة عندما كانت بريدجت تبلغ من العمر 90 عاماً، مما يجعلها واحدة من اللوحات القليلة لكبار السن في تاريخ الفن، وكانت هذه اللوحة على الدوام بمثابة تحفة تستحق التقدير والإعجاب لجمالها وقيمتها التاريخية، كما تشير الدلائل إلى أن بريدجت هولمز المتوفاة في عام 1691، كانت قد بلغت من العمر 96 عاماً.

ما يضيف أهمية استثنائية لهذه اللوحة، أنه قد كان من النادر في القرن السابع عشر أن يكون خدم المنازل موضوعاً للصور، مع أنه يوجد عملان آخران في ذات الموضوع رسمهما رايلي بالتعاون مع جي بي كلوسترمان وهما ضمن (المجموعة الملكية).

دفنت بريدجت هولمز، في الجهة الشمالية لدير وستمنستر، لكن نقش قبرها قد تآكل كما يشير أحد الكتب المؤلفة عن الدير ونشر عام 1723 وقد ورد ما يفيد: «هنا يرقد جثمان بريدجت هولمز، الأرملة، التي توفيت في 23 أكتوبر 1691 عن عمر يناهز 100 عام في ليلة القديس لوقا الأخيرة، وخدمت الملك تشارلز الأول والثاني والملك جيمس الثاني والملك ويليام، ويشار في العادة إلى منطقة الدير بوصفها المكان الذي تم فيه دفن المسؤولين والخدم في الدير أو البرلمان، أو أولئك الذين يعيشون في مكان قريب»، ولا يعرف أي شيء آخر عن حياة بريدجت أو عائلتها، وصورتها تحتل مكاناً بارزاً لمجموعة جون رايلي في المجموعة الملكية في قلعة «وندسور».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/mrx3fwa6

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"