عادي
جون مايكل رسام إنجليزي من القرن الـ 17

«الجدة سالزبوري».. التاريخ يسكن الوجوه

17:21 مساء
قراءة 3 دقائق
لوحة «الجدة سالزبوري وحفيداها»

الشارقة: عثمان حسن

جون مايكل رايت (1617 - 1694) هو رسام إنجليزي- أسكتلندي برع في إنجاز بورتريهات كثيرة على الطراز الباروكي.
تدرب جون مايكل رايت في إدنبرة على يد الرسام الأسكتلندي جورج جيمسون، واكتسب شهرة كبيرة كفنان وباحث خلال إقامته الطويلة في روما. هناك تم قبوله في أكاديمية «سان لوكا» وكان مرتبطاً ببعض الفنانين البارزين في جيله.

كلفه الأرشيدوق ليوبولد فيلهلم من النمسا، حاكم هولندا الإسبانية، بإنجاز مجموعة أعمال فنية في إنجلترا، وذلك في عهد أوليفر كرومويل عام 1655، ولذلك حصل على إقامة دائمة في إنجلترا في العام نفسه.

يصنف جون رايت كأحد الرسامين البريطانيين الرواد في جيله، ويرجع ذلك إلى حد كبير، إلى السمات الواقعية المميزة في لوحاته، ولكونه استطاع أن يدشن لوحاته بمسحة عالمية تتقاطع مع أبرز التأثيرات الفنية في عصره، ولقد كان هذا الفنان الكبير مفضلاً من قبل رعاة الفنون على أعلى مستوى في زمن كان فيه الفنانون الأجانب هم المفضلون في بريطانيا، وقد حرصت معظم الغاليريهات الفنية على تضمين لوحاته عن الملوك والأرستقراطية ضمن مقتنيات الأعمال الشهيرة والرائدة في عصره.

*بواكير

تمتع جون رايت بسمعة طيبة كرسام بورتريه وهو شاب يافع لم يتجاوز العشرين عاماً، وقد كلفه مدربه جيمسون برسم كثير من اللوحات عبر تعاقدات فنية طيلة سنوات تدريبه مع الأخير والتي اتفق معه على أن تستمر لمدة خمس سنوات، تقلصت هذه الفترة بسبب سجن جيمسون في أواخر عام 1639. وأول عمل معروف لرايت كان عبارة عن لوحة صغيرة لروبرت الأول ملك اسكتلندا ( 1274 - 1329)، وهو المعروف باسم روبرت بروس، ورسمها في أوائل أربعينيات القرن السابع عشر خلال فترة وجوده في روما.

التقى جون رايت زوجته أثناء إقامته في اسكتلندا، وهي سليلة أنبل العائلات وأكثرها تميزاً في اسكتلندا. وهذا ربما يفسر كيف تمكن رايت لاحقاً من الحصول على رعاية أرستقراطية.

من اللوحات الشهيرة لجون رايت واحدة بعنوان (الجدة سالزبوري وحفيداها)، وهي تعتبر عملاً مركزياً في مجموعة من ست صور عائلية تم تكليف رايت برسمها في عام 1675، وهذا التكليف جاء من قبل رجل نبيل من مقاطعة «ستافوردشاير» في إنجلترا، وهو السير والتر باجوت (1644-1704).

*سمات

تظهر اللوحة الجدة سالزبوري، وهي والدة زوجة والتر باجوت، كما يظهر فيها ولدا باجوت (إدوارد وإليزابيث)، وتبرز في اللوحة من جهة اليسار تلال كلويد في المنطقة الشهيرة باسم «بول بارك» وهي منطقة ريفية صغيرة بلندن ترتبط بنهر كلويد بالقرب من مدينة «روثين»، حيث تنتمي الجدة سالزبوري.

واللوحة كما يصفها نقاد الفن لمجموعة عائلية ساحرة. ومع ذلك، فعندما رسمها جون رايت، فقد حرص على أن تخدم غرضاً آخر، كدليل مرئي على ذلك الخلاف المرير بين السلالات الحاكمة على ملكية الأرض في «بول كلويد» والتي تظهر في الخلف على يسار اللوحة.

امتازت هذه اللوحة بحسب خبراء الفنون بواقعيتها الحميمة بما فيها من تفاصيل في التكوين الفني للمنظر التصويري، وهنا، تظهر الجدة سالزبوري وهي ترتدي ملابس أرملة ثرية، أما قبعتها المدببة، فهي من النوع الذي ترتديه النساء الثريات في جميع أنحاء بريطانيا في تلك الفترة، وعلى الرغم من أنها ترتدي ملابس معاصرة.

تظهر في اللوحة سمات من أساليب الرسم الإنجليزي الذي كان متبعاً حوالي القرنين السادس والسابع عشر، وهو الأسلوب الذي تطور على أيدي مجموعة كبيرة من الفنانين الإنجليز الذين درسوا في روما، وعادوا إلى بلادهم، وهذا هو شأن جون رايت، فقد سبق أن أمضى أربعة عشر عاماً في روما، وتم قبوله في نقابة الفنانين هناك.

تكشف الناقدة الفنية ماري بوستين في دراستها للوحة، أن الطفلة الرضيعة في حجر جدتها، كانت في «السكتش الأول» من هذا الرسم لرضيعة يقدم لها شقيقها إدوارد زهرة بدلاً من الدمية التي نراها في الرسم، استخدم الفنان جون رايت مجموعة من الأصباغ الملونة في هذه اللوحة الساحرة من بينها (الأبيض الرصاصي، والأزرق الداكم، الأحمر القاني، اللون القرمزي، الأسود الفاحم، وغيرها، من الأصباغ باهظة الثمن)، كما أضاف رايت نحو 10 جنيهات إسترلينية إلى التكلفة الإجمالية للرسم، وعندما اشتكى والتر باجوت (والد الطفلين)، أوضح جون رايت: «كان بإمكاني منحك ألواناً كانت ستبدو غنية في الوقت الحاضر ولكنها رخيصة الثمن ولن تدوم».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/2cfkpd77

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"