عادي
أغلبيتها نظرية ونتائجها يصعب الاستفادة منها

بحوث علمية.. تغرد خارج سرب القضايا المجتمعية

01:50 صباحا
قراءة 10 دقائق

تحقيق: جيهان شعيب

البحث العلمي هو صناعة العقول على أساس من شمولية الفكر، ونضج الوعي، وصواب الرؤى، وسعة الأفق، والقدرة على استشراف المستقبل، هكذا تقوم معطياته التي تسفر عن وجود كوادر بشرية قادرة على التحليل، والاستنباط، ورسم الأطر السليمة، لمجتمع متطور.تأتي هنا البحوث العلمية التي يناقش من خلالها الباحث تفصيلات الواقع، بظواهره، وقضاياه، ومشكلاته، ومتطلباته، ويطرح في صددها مقترحات للتطبيق، وتوصيات للنظر، والنقاش، وصولاً لمنطلقات عمل موضوعية، تؤدي لواقع مضيء الجوانب، مزدهر بالفكر السليم.

لكن.. المؤسف أن هذا الواقع العلمي المستهدف، قد يكون منقوصاً، والأصح قد لا يتحقق بالشكل الأكمل، أو الأفضل، والمأمول، في ضوء أن كثيراً من البحوث العلمية تغرد خارج سرب القضايا والهموم المجتمعية، حيث جاء في تقرير برلماني للجنة شؤون التعليم والثقافة والشباب والإعلام والرياضة في المجلس الوطني الاتحادي، انفردت بالحصول عليه ونشر في «الخليج»، أن أغلبية أبحاث مدرّسي «التعليم العالي» للترقية والتثبيت الوظيفي، مع محدودية ارتباط البحث العلمي في مؤسسات التعليم العالي، بمشكلات المجتمع وقضاياه، مما أدى إلى ضعف الكفاءات، والمهارات البحثية لأعضاء هيئة التدريس، وعدم القدرة على مواكبتهم للتطورات، والاكتشافات العلمية المتجددة خاصة في المجالات الطبية، والهندسية، والاقتصادية.

الصورة

كما أورد التقرير أنه تبين عبر بعض الدراسات أن أغلبية البحوث العلمية لطلبة الماجستير والدكتوراه، نظرية، ونتائجها، يصعب الاستفادة منها في رؤية الدولة، ومشروعاتها المستقبلية، وغير ذلك، فضلاً عما تبين للجنة التربية والتعليم بالمجلس الوطني من أن الأسباب الرئيسية لذلك تتمثل في محدودية الميزانيات المخصصة للإنفاق على البحث العلمي في مؤسسات التعليم العالي، وغياب دور القطاع الخاص في عمليات البحث والتطوير، وعدم المشاركة في الإنفاق على البحث العلمي، في حين أنه في الدول المتقدمة يضطلع القطاع الخاص بمعظم عمليات البحث والتطوير، فضلاً عن الكثير غير ذلك.

تساؤلات موضوعية

أهمية البحوث العلمية التي تلامس الواقع وتنهض به، ودورها في خلق قاعدة بحثية مدركة لبنود المستقبل، وقادرة على تعزيز أركانه، مع ما يتطلبه ذلك من دعم مادي، ومعنوي وخلافه، ناقشناها مع عدد من الأكاديميين، وكانت لهم آراؤهم حول ذلك، واستهل الحديث الدكتور عيسى صالح الحمادي مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليجي، وأستاذ مساعد بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، متطرقاً للسياسة الحكومية في تنظيم التعليم العالي، وأهمية وجود مركز وطني للبحث العلمي أو مؤسسة حكومية معنية تنسق مع مؤسسات العليم العالي حول اختيار البحث العلمي، ووجوب اختيار موضوع البحث العلمي بمؤسسات التعليم العام، طبقًا للاحتياجات التطويرية للمؤسسات الحكومية.

كما تحدث عن معايير البحوث العلمية والدراسات بمؤسسات التعليم العالي، التي تواكب العالمية المعاصرة للدول المتقدمة، وعن الآلية الواجبة لحصر وفرز الدراسات، والبحوث العلمية بمؤسسات التعليم العالي، لتحديد المتميزة، والإبداعية، لتوظيف، وتفعيل الاستفادة منها، وغيرها، وفي ذلك قال: التطور المستمر للدول المتقدمة رهين بدعم المحركات الرئيسية له، ويأتي ذلك ضمن أولويات القيادة الوطنية، من خلال مؤسسات الدولة، ومن السياسات الحكومية المحركة والرئيسية لتحقيق التطور المنشود، الذي يُستشرف به في المستقبل، تلك التي تعمل على تنظيم مؤسسات التعليم العالي، حيث تُعد البيئة المثلى لإنتاج العلم، والمعرفة، والإبداع من خلال البحث العلمي، وذلك لا يتحقق إلا من خلال العقول المؤهلة، وذات الخبرة الأكاديمية في مجالها، طبقاً للهوية التخصصية للباحث كلٌّ في مجاله واختصاصه.

ومن خلال ما تقدم فإننا بحاجة إلى دراسة تتناول الواقع الحالي للسياسات الحكومية الخاصة بمجال التعليم العالي، ومدى تحقق أهدافها، ومدى تفعيلها في تلك المؤسسات بعامَّة، وبالبحث العلمي لتلك المؤسسات بخاصَّة، وسيكون الهدف الرئيسي من الدراسة تحسين وتجويد السياسات الحكومية للتعليم العالي، وكذلك وضع معايير ومؤشرات لقياس جودة مخرجات، أو نتاجات الجامعات من البحوث، والإنتاج العلمي والمعرفي، ومقارنتها مع الدول المتقدمة.

ولابد من أن تقرأ الدراسة الواقع الحالي لمستوى البحوث، والدراسات في الجامعات، والمؤسسات المحلية ومعاييرها، ولابد كذلك من الرجوع في هذه الدراسة إلى أحدث الدراسات الدولية، وأفضل التجارب والممارسات، حتى تتوصل نتائجها إلى تحديد معايير الجودة العالمية، لمواصفات البحوث العلمية المطلوب من الجامعات، ومؤسسات التعليم العالي بالدولة، أن تحققها وتنتجها، وبالتالي سنتوصل في هذه الدراسة إلى استقراء ووصف الواقع الحالي للبحوث العلمية، ومعاييرها، ومواصفاتها، وتقييمها في مؤسسات التعليم العالي، بالإضافة إلى الهدف الرئيسي، وهو إعداد معايير عالمية معاصرة ذات جودة للارتقاء بالبحث العلمي في هذه المؤسسات بالدولة.

مركز وطني

وواصل د. الحمادي: ونقترح أيضاً تأسيس مركز وطني للبحوث العلمية في جميع المجالات المعرفية والأكاديمية، لقياس مدى جودة تلك البحوث، وأثرها في تطوير مجالات مؤسسات الدولة الحكومية والخاصة، ومن هنا تأتي أهمية دور القطاع الخاص في دعم البحث العلمي، بالإضافة إلى الدعم الحكومي، وبهذا سيكون هذا المركز رافداً، وداعماً، ومرجعاً لقياس أثر تلك البحوث، والنتاج العلمي والمعرفي للباحثين في مؤسسات التعليم العالي بالدولة، واستشراف المستقبل بثوابت، وضوابط أساسها البحث العلمي كما في الدولة المتقدمة علميّاً، ومعرفيّاً.

وبالإمكان تأسيس هذا المقترح من خلال الاطّلاع على المراكز البحثية الأكاديمية والعلمية في الدول السبَّاقة في هذا الشأن، والاستفادة من تجاربهم حتى يتم تأسيس هذا الكيان البحثي من حيث انتهى الآخرون، وأيضاً فالمركز المقترح سيكون مرجعاً في التنسيق بين مؤسسات التعليم العالي، وتحقيق توجهات الدولة، وتلبية احتياجاتها من التطوير والاستفادة من تلك البحوث، وبخصوص الكفاءات العلمية لتدريبها في مجالات العلوم التطبيقية، فضلاً عن دوره في التركيز على برامج أكاديمية وتدريبية في إعداد البحث العلمي التطبيقي، كذلك بالإمكان وضع حوافز مادية ومعنوية، واستقطاب العقول العربية الإبداعية، والمتميزة ببحوثها العلمية، والمعرفية من العلماء العرب، للاستفادة من علمهم، وبحوثهم، واستثمارها في مؤسسات الدولة.

أساس علمي

وانتهى للقول: وبالنسبة لبحوث الماجستير والدكتوراه فلابد أن يكون اختيارها على أساس علمي، كأن تكون توصيات ومقترحات لدراسات، أو مؤتمرات، أو ندوات علمية، وتلبي احتياجات سوق العمل، وتطوره المنشود، حتى لا تكون موضوعاتها اعتباطية أو مكررة.

وبشكل عام، فإن مقترح إعداد دراسة علمية تحدد مستوى البحوث، والمجالات، وآليات اختيارها للاستفادة منها، واستثمارها في تطوير مؤسسات الدولة والتعليم، وكذا مقترح تأسيس المركز الوطني للبحث العلمي، أو مركز الإمارات الوطني للبحث العلمي، يسهمان في استشراف المستقبل، وتحقيق الأهداف الخاصة بسياسات الحكومة في التعليم العالي، سواء على مستوى مؤسساته، أو على مستوى الباحثين في تحقيق الترقيات الوظيفية، والعلمية لتحقيق أهدافهم، وطموحاتهم العلمية.

تمويل وتحكيم

وذهب د محمد بطي الشامسي، رئيس مجلس إدارة الحقوقيين، وأستاذ مشارك في أكاديمية شرطة دبي إلى أن الأعباء التدريسية تزيد وتنقص بحسب الدرجة العلمية لعضو هيئة التدريس، فكلما زادت درجته العلمية يفترض أن تقل ساعاته التدريسية، وتزيد إنتاجيته البحثية، قائلاً: بخصوص مدى جودة النتاج العلمي للباحث في التعليم الجامعي، مشيراً إلى أن البحوث العلمية المقدمة للترقية تخضع للتدقيق العلمي من قبل لجان داخلية، ولجان خارجية، للتأكد من استحقاق الباحث الترقية العلمية، وذلك وفقاً للوائح الداخلية للجامعات، ولاعتبارات تتعلق بالحوكمة.

أما بخصوص البحوث المقدمة للترقية، ومدى ارتباطها بالواقع الإماراتي، فالأمر يختلف باختلاف مجالات التخصص، ويمكن القول إن الباحث يتلمس في بحثه توجيه نظر المعنيين إلى التحديات، والإشكاليات التي يثيرها في بحثه من خلال الموضوع الذي اختاره، بحيث يمكن أن يتم الاستفادة من توصيات البحث في الواقع العملي، وتلك مسؤولية المؤسسات الجامعية، وقدرتها على توصيل توصيات البحوث، والدراسات إلى الجهات المختصة، وقد يشكل بحثه إضافة نوعية في مجال تخصصه، وذلك يعود لمسؤولية لجنة تقييم البحوث، والدراسات قبل نشره في المجلات العلمية.

لجنة للفحص

وعموما فجودة البحوث العلمية تتطلب تمويلاً مناسباً، وتفريغاً علمياً، وجهة تحكيم مناسبة، والأهم من كل ذلك قناعة الباحث بأهمية البحث الذي يعكف على كتابته، عدا ذلك وبالنسبة للبحوث التي يقوم بإعدادها الطلبة للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فوفقاً لما هو متعارف عليه بين الجامعات، يفترض أن يتناول الطالب بالدراسة إشكالية معينة، أو أن يتناول في بحثه نقطة لم تتطرق إليه الدراسات العلمية السابقة.

وتعتمد جودة تلك البحوث على ما يتوفر للطالب الباحث من مقومات الدراسة، والتي منها توفر قواعد البيانات اللازمة للاطّلاع على أحدث الدراسات، وتوافر المعامل اللازمة لإجراء الأبحاث، إلى جانب التفرغ العلمي لإنجاز البحث، فضلاً عن توفر الإشراف العلمي المناسب على الطالب، وتخضع الدراسة التي يخلص إليها الطالب إلى مراجعة دقيقة من قبل لجنة علمية، تفحص مدى أهمية الدراسة، وإشكاليتها وإلى أي مدى تشكل توصياتها، ونتائجها، التي خلص إليها الباحث، إضافة في مجال تخصصه.

إلا أننا نرى أن تتولى هيئة الاعتماد الأكاديمي تخصيص لجنة مستقلة تماماً، كما هو الحال بالنسبة للجنة الاعتماد الأكاديمي، ولجنة الترخيص المؤسسي، لفحص الدراسات والأبحاث، التي يقوم بإعدادها الطلبة للتأكد من جودتها وفقاً لمعايير الحداثة، والأصالة، والاقتباس، وصحة النتائج والتوصيات.

أداة ثانوية

بوضوح تام حدد د. عبد الله سالم بن حمودة الكتبي، رئيس المجلس الاستشاري لكلية القرآن الكريم بالجامعة القاسمية عضو مجلس استشاري في جامعتي الشارقة وعجمان، دور البحث العلمي في أنه يشكل أداة قياس مهمة جداً إن لم تكن الأهم في تحديد المستوى العلمي، والأكاديمي لأعضاء الهيئات التدريسية، وهو المعيار الأول لقوة الجامعات، وهذا ما انتهجته الكثير من الجامعات، والمعاهد، والمدارس العالمية، إلا أن ذلك يأتي خلافاً لما نراه في عالمنا العربي.

وقال: لا يخفى دور البحث العلمي في تطور، ونماء المجتمعات، وصناعة، وصياغة مستقبل مستدام ترنو جاهدة العديد من الدول المتقدمة إلى تحقيقه، فيما غفلت عنه دول ومجتمعات أخرى، حيث جعلت من البحث العلمي أداه ثانوية لقياس قدرات الهيئات التدريسية، أو لبيان إنجازات تكميلية للمؤسسات التعليمية، دون التركيز على أهميته، أو دوره، و آثاره، أو قوته في مجال التغيير، بل أصبح خارج أجندة العديد من الجامعات، والمؤسسات التعليمية، التي تهدف في المقام الأول إلى الربحية التجارية، أو إلى تحقيق معايير أخرى، تهدف إلى تسليط الضوء على الكم، وليس الكيف، أي العدد وليس الجودة.

كما أن العديد من أعضاء الهيئات التدريسية أصبح عازفاً عن الخوض في غمار البحوث العلمية المنتجة، واللجوء إلى البحوث العلمية التي قتلت بحثاً، أو التي أصبحت تجارةً مربحه للبعض، بهدف الترقيات العلمية أو تغطية متطلبات إجبارية، علاوة على أن معظم الجامعات تفتقر إلى الأبحاث العلمية الفعالة، وتغيب فيها السياسات، والقوانين، والدعم المالي، الذي يعرقل بدوره قيام الجامعات بدورها في عملية الأبحاث العلمية المنتجة، كما أن نسبة ما ينفق على البحوث العلمية ضعيف جداً، ولا يمثل الطموح لخلق قاعدة بحثية، ترتقي للمستوى المطلوب، لتطور عمل تلك الجامعات، إلى جانب عدم ربط البحث العلمي بالمجتمع، واحتياجاته التنموية.

بحوث هشة

وأكمل قائلاً: لاشك أن التقنية الحديثة التي أصبحت في متناول الجميع، ساهمت بشكل كبير في إعداد بحوث علمية هشة، فقيرة في جوهرها، وإن كانت قوية في مضمونها، مع بروز مواقع إلكترونية، وتطبيقات برمجية مثل (chat gpt) وغيره، دفعت العديد من الباحثين، والمهتمين إلى التخلي عن بذل الجهد في البحث والتحليل والتحري، والاكتفاء فقط بإملاء الأوامر، والتعليمات لمثل هذه المواقع، والبرمجيات لتقوم بدورها بصياغة بحوث علمية، لا عناء فيها ولا جهد، مما ساهم بشكل كبير في إثراء الجامعات، والمؤسسات العلمية ببحوث علمية لا تسمن ولا تُغني من جوع.

إضافة إلى ذلك فإن مهمة أعضاء الهيئات التدريسية في المؤسسات العلمية على اختلاف درجاتها، لم تقتصر على التعليم، وإعداد البحوث العلمية المنتجة، بل تشعّبت، وتنوّعت لتشمل مهام روتينية، واستراتيجيات علمية، ومتطلبات أكاديمية، ومتابعات، وإشراف، وشؤون إدارية وغيرها، مما ساهم في إرهاق كاهل أعضاء الهيئات التدريسية، رغم ضعف المردود المالي، ودفع الكثيرين إلى العزوف عن الالتحاق أو الانتماء لهذه المهنة، التي تكاد تكون في دول متقدمة منافسة لأعلى المناصب القيادية، إن لم تكن أفضلها.

وقفة

وانتهى للقول: البحوث العلمية السليمة المنتجة، ودورها الفعال في المجتمعات، تعكس العلاقة الوثيقة بين ما تقدمه في المجال الثقافي والعلمي، وبين البحث العلمي الذي يعكس طبيعة النهضة، والتقدم في تلك المجتمعات، علماً أن سياسات البحث العلمي في الدول المتقدمة لا تحددها الجامعات، أو الجهات الخاصة، وإنما تكون سياسة مركزية من قبل الحكومة، وعلى ذلك تقدم العديد من الدول المتقدمة الدعم للأبحاث العلمية في مجالات الفضاء، وتقنية المعلومات، والصحة، والكثير من المجالات الأخرى مما ساهم في نهضتها وتقدمها، مقارنة بغيرها من الدول.

بل وساهم بشكل كبير بطريقة أو أخرى في حل الإشكاليات المجتمعية والحكومية، من خلال وضع حلول ومقترحات، وتوصيات كان لها الدور البارز في ما وصلت إليه منظومه تلك الدول، من تقدم وتطور ورقي، ونحن نتمنى أن يكون للمعنيين هنا وقفة إدراك، ونظرة تأمل، وكلمة تغيير، تساهم في دعم منظومة البحث العلمي، والارتقاء به، وتحديد مساره الطبيعي المنتج، والداعم لمستقبل متطور مستدام.

كما نتمنى أن يكون للبحث العلمي، من خلال المؤسسات التعليمية، دور في حل الإشكاليات المجتمعية، أو المؤسسية أو الحكومية، مما يساهم في التركيز على الفائدة المرجوة منه، ودفع القائمين عليه إلى التغيير الفعلي الإيجابي من خلاله، وأخيراً نتمنى وضع مساحة، وحيّز إضافي لحجم ودور البحث العلمي الأكاديمي في المؤسسات العلمية، ودعمه بالشكل المطلوب واللازم، ليحقق دوره الصحيح في المجتمع ومؤسساته.

مميزات مالية

وبتأكيد تام وبحسب د. سرحان المعيني قوله: جودة التعليم بشكل عام والجامعي بشكل خاص هي أولوية قصوى لدى صناع القرار في الدولة، فالطالب الجامعي هو الخريج الواجب أن يكون ملبياً لاحتياجات المجتمع، وسوق العمل فيها، فيما التعليم الجامعي الحكومي هو التابع للدولة ومؤسساتها، ورقابتها المباشرة، ويكون هادفاً للتعليم في حد ذاته، ويقع العبء أكبر علي عضو هيئة التدريس، نظراً لكثرة عدد الدارسين، وزيادة عدد الساعات الدراسية، بعكس التعليم الجامعي الخاص بجامعاته، حيث مرجعيتها، ومنظورها تجاري بحت، فهي قائمة علي هدف أساسي، وهو التربح من المؤسسة التعليمية، وليس خلق خريج جامعي قادر على تحدي الواقع، والتطلع للمستقبل، فيتم جلب أعضاء هيئة تدريس دون المستوي المأمول.

ولعل ذلك يظهر جلياً في مجال الأبحاث العلمية داخل الجامعات، فلم يعد هناك بحث عن موضوعات مبتكرة، أو أفكار مستحدثة، بل أصبح عضو هيئة التدريس شغله الشاغل فقط هو الترقية دون وجود للتطبيق العملي، أو دافعاً للتطور، فمجال كالقانون على سبيل المثال وهو خصب للدراسة، والتبحر في علومه المختلفة قطعاً، يحتاج إلى جانب تطبيقي عملي، وللأسف ذلك مفتقد وبشدة، بحيث أصبح تدريس القانون يعتمد فقط على الأسلوب النظري، واتسمت معظم الأبحاث الصادرة عن أساتذته بالجمود، من خلال موضوعات قتلت بحثاً.

العموش: برامج هادفة

د.أحمد العموش

أشار د. أحمد العموش، مدير مركز الموارد لذوي الإعاقة في جامعة الشارقة، إلى أن التحولات العالمية المتسارعة في العقد الأخير من هذا القرن، وتنامي التحديات التقنية الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، أدت إلى الحاجة الملحة لتوجيه الجامعات للبحث عن الحلول لهذه المشكلات النامية، عن حركة الحداثة، وانعكاساتها السلبية على البنى والهياكل المجتمعية والتقنية، قائلاً هنا: ولعل مجتمع الإمارات أحد هذه المجتمعات نظراً للتطور السريع الذي يشهده في كافة مناحي الحياة.

وقد اتجهت الجامعات في الدولة إلى البحث العلمي الموجّه إلى حل المشكلات بأنواعها كافة، وخاصة في مجال السياسات الاجتماعية التطبيقية، لوضع السياسات الرامية إلى تعزيز، وتطوير النظم الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، وهناك العديد من هذه الدراسات التي أجريت بالشراكة مع مؤسسات المجتمع في كافة المجالات والتي بنيت على شركات استراتيجية، وتعد جامعة الشارقة أنموذجاً رائداً في هذا المجال.

ولتفعيل هذه الشراكة العلمية بين قطاعات المجتمع والجامعة، لا بد من توفير الدعم المادي من أجل تحقيق الأهداف المرجوة بينهما، وصولاً إلى وضع الخطط، والبرامج العلمية الهادفة، فحلّ المشكلات التي تواجه قطاعات المجتمع كافة، ومن أجل تحقيق التنمية المستدامة في المجتمع، لابد من تفعيل المسؤولية المجتمعية الموجّهة لخدمة البحث العلمي، والمجتمع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/4v2s3n4r

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"