الإدمان الجديد

00:42 صباحا

د. موزة سيف الدرمكي

دخول عصر المعلومات قلب فهم المجتمعات للتفوق، فمن التفوق العسكري حتى منتصف القرن العشرين إلى التفوق المعلوماتي حالياً الذي أصبح هاجس الدول، قدمت التكنولوجيا والإنترنت فرصاً هائلة في التواصل وتبادل المعلومات والتجارة والبحث العلمي وغيرها، ومع ذلك، يظهر الإنترنت بوجه آخر عند العدد الأكبر من المستخدمين حول العالم، فهو لديهم مجرد وسيلة للتسلية. والأدهى والأمرّ أنه أصبح المعلم والمربي والمؤسس لأطفالنا وفلذات أكبادنا، كما أنه ساهم في دخول بعض القيم السيئة والمنحرفة لبيوتنا، وقد يؤدي في بعض الحالات إلى الجريمة بكل أبعادها.

إن غياب رقابة الأهل، وعدم وجود حدود لاستخدام هذه الألعاب عبر الإنترنت، ساهم في إدمان الأبناء لها. وما يزيد الأمر سوءاً أن بعض أولياء الأمور يعتقدون أن قضاء الابن الوقت في اللعب داخل المنزل هو البديل الآمن لخروجه مع زملائه لساعات طويلة، والمطمئِن الآخر للوالدين أن الإنترنت أصبح يُستخدم في التعليم والعمل وفي شتى مناحي الحياة، فلا ضرر من استخدام الابن له.

وما زاد الطين بلة، انتشار الألعاب المجانية على شبكة الإنترنت في السنوات الأخيرة، والذي جذب اهتمام كثير من الأطفال والمراهقين الباحثين عن التسلية والمتعة، وفتح الباب أمام مرض إدمان الألعاب الإلكترونية. ومن الدلالات على إدمان الطفل الألعاب الإلكترونية أننا نجد أن أول ما يقوم به الطفل بعد رجوعه من المدرسة هو الانطلاق نحو جهازه الإلكتروني، وتبدأ كلمات التحدي تتعالى، ويستمر في اللعب حتى ساعات متأخرة من اليوم، ليذهب إلى النوم منهكاً بدون أي إنجاز واضح.

وكما أن للألعاب الإلكترونية أثراً في زيادة ثقة الطفل بنفسه وشعوره بالسعادة، إلا أن ممارسة تلك الألعاب لأكثر من 5 ساعات متتالية يتسبب في فقدان الإحساس بالوقت والمحيطين، وسرعة استثارة الغضب والعصبية والاندفاع لأدنى الأمور، إضافة إلى العزلة وتأخر الطفل عن القيام بمهامه اليومية، وظهور اضطرابات النوم والفزع الليلي.

وكشفت هيئة الصحة بدبي في وقت سابق عن أنها تستقبل نحو حالتي إدمان على الألعاب الإلكترونية شهرياً، وعلاج بعضها يتطلب الاحتجاز داخل المستشفى، كما أن حوالي 70% من الأطفال الأكثر عرضة لإدمان الألعاب الإلكترونية ينتمون إلى الشريحة السنية الأقل عن خمس سنوات، بسبب انشغال الوالدين عنهم.

وهناك طرق عدة لمساعدة الوالدين في تقنين الألعاب الإلكترونية لدى أبنائهما، من ذلك تشجيعهم على ممارسة أنشطة وهوايات كالرسم والغناء والأعمال اليدوية. ويمكن تقليل وقت استخدام هذه القنوات بتحديد أجزاء من اليوم لممارسة الرياضة والأنشطة البدنية. أيضاً يمكن تحديد أوقات للاجتماعات العائلية، وتشجيع المشاركة في أعمال المنزل لتعزيز التفاعل والمشاركة الاجتماعية بعيداً عن الأجهزة الإلكترونية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/5n9xdrep

عن الكاتب

دكتوراه الفلسفة في التربية الخاصة
أستاذ مساعد في جامعة كلباء، حاصلة على دكتوراه الفلسفة في التربية الخاصة، لديها خبرة تمتد 17 عاماً في تعليم وتدريب أصحاب الهمم من ذوي الإعاقة العقلية واضطراب التوحد.
حصلت على عدد من جوائز التميز مستوى الدولة، منها: (جائزة خليفة التربوية، جائزة حمدان للتميز التربوي ، جائزة الشارقة للتميز التربوي، جائزة الناموس للتميز التربوي، جائزة مدامة للاستدامة البيئية، جائزة الفجيرة للإستدامة البيئية)، ولديها عدد من الأبحاث العلمية المنشورة في مجلات علمية محكمة.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"