عادي

بلاد الجزر الثلاث

23:00 مساء
قراءة دقيقتين
ميسون أبو بكر

ميسون أبوبكر
حين تشير على الخارطة إلى مالطا الوادعة في حضن المتوسط ستعرف سبب وجود الكثير من التسميات العربية لمدنها (الرباط، المدينة وغيرها) وسبب تحدث أهلها بالعربية مع الإنجليزية والمالطية، فهي من دول «الشنغن» الأوروبية وقريبة جداً من دول شمال إفريقيا التي لا تفصلها عنها ساعة سفر بالطائرة، مثل ليبيا وتونس.

فرحة غامرة تشعر بها وأنت تحس أنك ضيف عزيز على المالطيين، وتشعر أن هناك شيئاً ما يجمعك بهم وأنهم يتحدثون لغتك ويشبهون العرب في الكرم والترحيب بالضيف الزائر.

وهي من أصغر دول العالم، و تتكون من ثلاث جزر: مالطا، كمونة (comino)، غودش (Gozo)، بها آثار عظيمة تذكرك بأحداث مهمة، وقد ظل عبق الماضي حاضراً في تفاصيل المدينة التي يطوقها البحر من كلّ الجهات ويهدي شطآنها خيراته الشهيّة من أنواع مختلفة من صيد البحر، خيرات جعلت شواطئها مطاعم مفتوحة للسياح ومحبي الأكلات البحرية.

نافذة «أزور» من أشهر معالمها وكأنك تجلس أمام الصخرة على شواطئ بيروت، المدينة أو «إمدينة» كما ينطقها البعض، تكاد وأنت تسير فيها يصافحك الورد من على نوافذها الملونة، وتبهرك شوارعها الضيقة وتسمياتها العربية، ويسكنها أهلها الذين تقل أعدادهم عن أعداد الزائرين للبلد. كل الطرق تؤدي إلى البحر في مالطا، وفي المدينة يخلص الزوار من زيارتهم إلى مقاهٍ ومطاعم على البحر تذكرك في أغلبها بيافا الفلسطينية وشوارعها الحجرية.

هناك معجزة أو رحمة إلهية لا يمكن إلا أن يرويها لك المرشد السياحي أو تراها عبر شاشات كنيسة «سان ماري» التي تعرضها بكل اللغات، فإن زرت الكنيسة العريقة صاحبة الطراز المعماري المذهل والأرض الرخامية والزخرفات الرائعة والقبة الكبيرة ستجد في ركن فيها قنبلة اخترقت أحد جدرانها خلال الحرب العالمية الثانية، قنبلة ألقتها جيوش النازي على الجزيرة المستعمرة من بريطانيا آنذاك، ولكن رحمة الله ومعجزته أنها اخترقت الجدار وسكنت على الأرض دون أن تنفجر.

وهناك كاتدرائية «القديس يوحنا» ومعبد «غانتيجا» في جزيرة Gozo وهو مجمع المعابد الصخرية التي بنيت في العصر الحجري، وتعتبر من أقدم الآثار التاريخية على وجه الأرض.

يقصد الزائر مالطا في أشهر الصيف لممارسة الرياضات المائية المختلفة على شواطئ المتوسط.. الذي يعتبر همزة الوصل بين أوروبا وآسيا وإفريقيا، ولا تكاد تنجو الدول الواقعة عليه من تشابه في الطقس والتضاريس.

بعض الشعراء العرب المقيمين في مالطا كتبوا قصائدهم بلغتها، ومن يريد العزلة والابتعاد عن ضجيج الهاتف فليذهب إلى مالطا حيث لا يعمل الهاتف والإنترنت في الأماكن المنعزلة، ستسحره زرقة البحر وامتداد الأفق وأشجار الصبار المنتشرة بكثرة فيها، ستشاركه الطبيعة معزوفته الخاصة حيث تخرج به من ضجيج المدن وصخبها إلى البحر والانفراد بذاته وصوته الداخلي.

سواء كانت تسمية هذه الجزيرة عربية أو فينيقية أو رومانية، فإنها جمعت بين ثقافات مختلفة ولغات متعددة يتكلم بها أهلها، وهي الدولة التي رغم صغر مساحتها إلا أنها وجهة العالم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/4h57xnks

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"