«بطن الحوت».. الأمل المفقود

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

كلما صعد مسلسل سلّم «الترند»، وقالوا لنا إنه في قائمة الأكثر مشاهدة، سارعنا للبحث عنه من باب الفضول، ومن باب البحث المستمر عن أفضل الأعمال، كي نستمتع بالمشاهدة، ونستمتع بالحالة الفنية التي يستطيع بثها أي عمل متقن، وناجح، تعرضه الشاشات، أو المنصات. «بطن الحوت»، مسلسل قفز سريعاً إلى صدارة الأكثر مشاهدة على منصة «شاهد»، واستطاع لفت أنظار الناس، فتحدثوا عنه، وتابعوا أحداثه التي لم تتجاوز ال 15 حلقة؛ حسناً فعل صنّاع المسلسل باختصار العمل، المخرج أحمد فوزي صالح، وهو صاحب فكرة المسلسل وشارك في كتابته، بجانب الكاتب محمد بركات (السيناريو والحوار)، ومجموعة من الشباب أحمد الشماع ورامي علام ونورهان عماد ومنة عدلي القيعي.. صحيح أنهم يتغنون بأنه مأخوذ عن قصة حقيقية حصلت ما بين عامي 2005 و2008، وأنه يقدم «ثيمة» قابيل وهابيل من خلال الشقيقين هلال (باسم سمرة)، وضياء (محمد فراج)، لكن طبيعة القصة وانحصار شخصياتها ضمن دائرة المخدرات، والاتجار بها، وارتباطها بغسل الأموال، لا تتحمل أكثر من 15 حلقة، خصوصاً أن كل الأحداث شديدة السوداوية، لا بصيص أمل يطل من أي نافذة، في كل حلقة قتيل وجريمة، أو أكثر. يقول أحمد فوزي صالح، إنه يحب «تدوين هوامش المدن»، واقعي في تجسيد الحياة كما هي، قد يكون إخراجه بأسلوب سينمائي، والموسيقى المصاحبة للأحداث وحسن توظيفها، أكثر ما يميز هذا العمل، أكثر من القصة نفسها. أداء الممثلين لا غبار عليه، محمد فراج يؤكد في كل عمل يقدمه أنه من القلائل الذين يجيدون الانخراط كلياً داخل الشخصية، وعالمها، باسم سمرة كما عهدناه، سماح أنور بالكاد نتعرف إليها في بداية المسلسل، فهي تبدو أكبر من سنها، ولكن الشخصية التي تؤديها لا تمشي على خط مستقيم طوال الأحداث، فهي تبدو منحازة لابنها البكر، هلال، طوال الوقت، وتنصره وتؤيده في كل قراراته، رغم تعسفه، وظلمه، وجبروته، ثم نفاجأ بها قبيل وفاتها تقول إنها كانت تخاف دائماً على ضياء، وحاولت إبعاده عن سكة أخيه، وتجارة الكوكايين. يتطرق العمل أيضاً إلى تيار المتطرفين وصعود «الإسلاميين» واستغلالهم لكل الظروف من أجل تحقيق مآربهم، لكن ما لم نفهمه هو ظهور الشخصية التي أدتها أمينة خليل بين الحين والآخر، واختفاؤها، ثم رغبتها الجامحة في قتل هلال، كنوع من التأكيد على مدى جبروته وظلمه للناس، لكن كل أفعاله خلال المسلسل لم تكن إلا في هذا الاتجاه، وارتكب أبشع الجرائم وأفظعها، وقتل ابنته، فما سبب وجود تلك الشخصية التي لم تضف للأحداث شيئاً؟ المسلسل قاتم، لا يجب مشاهدته لمن هم دون السن القانونية، لم يضء أي شمعة أمل، بل انتهى بفكرة أن لكل شر من هو أشر منه، وأن هذا العالم الموبوء لا بد أن ينتصر فيه الشر، ويكمل طريقه.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/yc4bjyjx

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"