عادي
ترميم وتطوير المشروع لإحياء قلب المدينة القديم

سوق كلباء التراثي.. متحف مفتوح يستحضر عراقة المدينة

00:03 صباحا
قراءة 5 دقائق

كلباء: «الخليج»

يُمثل سوق كلباء التراثي الذي افتتحه مؤخراً، صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مقصداً لأهالي وزوار المدينة، وإحدى الوجهات السياحية التي تستحضر ذاكرة الماضي، بعد أعمال الترميم والتطوير التي أسهمت في إحيائه، والمنطقة المحيطة به، تحقيقاً لرؤية صاحب السمو حاكم الشارقة، في تعزيز المكانة الاقتصادية والاجتماعية لمدينة كلباء، وتوفير فرص استثمارية حقيقية تدعم رواد الأعمال والأسر المنتجة وتحقق الحياة الكريمة والرفاه المعيشي لهم.

وعبّر المواطنون من أصحاب المشاريع عن فرحتهم، وشكرهم، وامتنانهم لصاحب السمو حاكم الشارقة، على دعمه اللامحدود وإتاحة ما وصفوه ب«الفرصة الذهبية» لهم بافتتاح هذه المشاريع في موقع حيوي من المدينة.

الصورة

وقال علي عبيد العاشق الزعابي صاحب مشروع ( قطرة عود للتجارة): لقد كان لي في الماضي عدد من المحاولات التجارية، ولكني لم أوفق فيها، بينما أنا سعيد اليوم لرؤية مشروعي هذا في سوق كلباء التراثي يُجسد نجاحاً مبهراً، ويحقق ما كنت أتمناه من الخوض في مجال التجارة والمشاريع، لما يتمتع به السوق من مقومات النجاح والموقع المميز، والإقبال الكبير من الأهالي والزوار، لكونه يعد من أهم معالم المدينة.

قالت لطيفة محمد البلوشي صاحبة مشروع (البيت الجميل للتجارة العامة): حرصت أن تكون فكرة مشروعي وطنية، وفي سياق محلي يتماشى مع الطابع التراثي للسوق، ويُلبي احتياجات زواره من خلال المنتجات الوطنية والأزياء التقليدية، وقد شهد المشروع خلال فترة قصيرة منذ افتتاحه، إقبالاً كبيراً ما يُعزز نجاح المشروع، ويحقق الدخل المناسب، ولهذا يعجز اللسان عن شكر والدي صاحب السمو حاكم الشارقة، على مكارمه السخية على أبنائه، وتلبية كل احتياجاتهم في مختلف المجالات.

الصورة

ورأت شيخة الكندي صاحبة مشروع (الرين للأزياء) أن مشروعها يُلبي الطموح والتطلعات، وهو عبارة عن ملابس وأزياء متنوعة لكل الأعمار، ووجود المشروع في سوق كلباء التراثي يُعزز من فرص النجاح لكون السوق مصمماً على أحدث مستوى من الخدمات، ما يجعله وجهة رئيسية للمدينة، وحتما سيكون له مردود بالنفع على أصحاب المشاريع ويرفع نسب المبيعات.

الصورة

التراث المحلي

بدوره تحدث سالم الدهماني صاحب (سدو كافيه) عن مشروعه وسر نجاحه في سوق كلباء التراثي وقال: «حرصت على اختيار اسم (السدو) للمشروع، وهو من التراث المحلي، ومعناه المادة الناتجة عن الحياكة التقليدية للمشغولات المحلية، حيث يقدم المشروع القهوة بمختلف أنواعها على أعلى طراز، ولكن بطابع محلي يتناسب مع السوق التراثي، ويحقق الرؤية المطلوبة بإقامة مشاريع متطورة تحقق لأصحابها مصادر دخل تعكس عراقة المدينة وتاريخ هذا السوق.

سالم الدهماني

ومن جانب آخر نجح الطفلان محمد وخميس عبدالله التفاق، في استقطاب زوار السوق إلى مشروعهم التجاري (نسايم الغلا للعطور) والتسويق للعطور والبخور، وغيرها من التي تنتجها والدتهم صالحة خميس سعيد، بشكل شخصي في المنزل، من خلال عرض وتقديم المنتجات للزوار وفق «السنع» الإماراتي، من حيث استقبال الزوار بالمداخن المحلية، والترحيب بهم بصورة تعبر عن عراقة وأصالة عادات وتقاليد مجتمع ألأمارات.

وقالت والدتهم صالحة خميس: «نحن من الأسر المنتجة، وقد تحقق حلمي وحلم أسرتي بتحول مشروعنا البسيط إلى مشروع نظامي في أهم سوق في المدينة».

وقد تولت هيئة تنفيذ المبادرات وتطوير البُنى التحتية في إمارة الشارقة (مبادرة) تصميم وتنفيذ مشروع إعادة إحياء سوق كلباء التراثي، الواقع بمنطقة القلعة على جانبي طريق الشيخ سعيد بن حمد القاسمي، والتي تعد إحدى أقدم مناطق مدينة كلباء.

وتضمن المشروع ترميم السوق القديم، والبيوت المجاورة له، والمسجد القديم، وتخصيص محال تجارية متنوعة لخدمة أهالي وزوار مدينة كلباء، كالمطاعم، والمقاهي، ومحال العطور والملابس، وغيرها، ويهدف المشروع إلى إعادة إحياء قلب المدينة القديم من خلال إخضاعه لعملية تجديد حضري، مع الحفاظ على العراقة والأصالة والتصاميم التراثية والعناصر المعمارية التراثية ومواد البناء التقليدية، وربط أبناء الجيل الجديد بماضيهم وتراثهم ومناطق آبائهم وأجدادهم، التي تحمل ذكرياتهم، وأفراحهم، وأعيادهم، وتذكّرهم بجيرانهم وأرحامهم، كما تمت إزالة المباني المتهالكة والتعديات والعشوائيات والاستعمالات الصناعية، وإعادة المنطقة للمواطنين والجيل الجديد لكي يساهموا في إعادة الحياة إلى مركز المدينة الأقدم، بحيث يصبح سوق كلباء التراثي متحفاً مفتوحاً، ونقطة جذب سياحي تتكامل مع قلعة كلباء التراثية، وتسهم في النشاط السياحي والاقتصادي والثقافي لمدينة كلباء.

علي الزعابي

ترميم المباني

يتكون السوق التراثي من صفين من المحال القديمة، بإجمالي 104 محال تجارية، يتولى مهمة تشغيلها 39 مستثمراً محلياً، كما اشتملت الأعمال التطويرية لإحياء السوق على ترميم المباني القديمة، وتحسين الواجهات، وإعطائها طابعاً تراثياً يتماشى مع النمط العمراني التقليدي لقلب المدينة القديم، وإضافة رواق تراثي أمام كل المحال بطرازين مختلفين، من الخشب والجص، والأقواس ذات الطابع المعماري التراثي، ومواد البناء التقليدية.

كما تم ترميم أحد المساجد التراثية في مدينة كلباء والواقع في منتصف السوق التراثي، والذي بناه المرحوم حسن بن علي المطروشي عام 1970م، مع الحفاظ على المسجد الأثري داخل صالة الصلاة الجديدة، ليبقى شاهداً حياً على تاريخ المنطقة، ويُعد المسجد من المباني الحجرية التي بنيت بصلافة البحر، وتم الحفاظ على تصميمه الأصيل والعناصر المعمارية المميزة، مع تزويد المسجد بالعزل المائي الحديث، وعناصر الكهرباء والتكييف الحديثة، وتزويده بأماكن الوضوء، ودورات المياه. وتميزت أعمال ترميم السوق باستخدام الطرق التقليدية والشعبية القديمة، اعتماداً على عناصر البيئة المحلية، مثل الصاروج، والجندل، والعريش، والدعون، لتحاكي النمط المعماري القديم للمنطقة.

لطيفة البلوشي

دعم التجار المواطنين

ويدعم السوق التجار المواطنين بتأثيث جزئي لمحلاتهم والأروقة المواجهة لها، وبإعفاءات من الإيجارات للسنة الأولى، تحفيزاً لأنشطة ومشاريع رواد الأعمال الشباب.

وقد زود الرواق بإكسسوارات تراثية لتصبح متحفاً مفتوحاً للزوار، إضافة لرصف كامل السوق أمام الرواق والمحال بالانترلوك ذي الحليات التراثية، وتم توفير إضاءة زخرفية جميلة في الأرصفة، ورفع كفاءة شبكة الطرقات الداخلية عبر تجديد طبقات الأسفلت المار بوسط السوق.

ونظراً لإقبال المستأجرين على السوق تم بناء محال بطراز تراثي في الأراضي الفارغة المطلة على الطريق لتكتمل الصورة المعمارية للسوق وتلبي احتياجات الزائرين.

شيخة الكندي

الخدمات والمرافق

تم تزويد السوق بعدد من الخدمات والمرافق العامة والصحية وتطوير البنية التحتية للمنطقة، وتعبيد كل الطرق المحيطة بالسوق، وذلك تلبية لاحتياجات الزوار، واستقطاباً لمزيد من الأنشطة التجارية الجديدة لتحقيق الرواج الاقتصادي والسياحي بالمنطقة.

وقد تم تخصيص 473 موقفاً للسيارات تحيط بالسوق من مختلف المواقع، والشوارع الأمامية والخلفية، تسهيلاً على الزوار في الوصول لمختلف مناطق التسوق، والترفيه بالسوق.

ويضم السوق 6 مطاعم شعبية مختلفة الأنواع، و5 مقاهٍ، تقدم أجود أنواع القهوة الحديثة، ومحال للرقاق الشعبي، ومطابخ شعبية، ومطعم لتقديم الأسماك الطازجة، ومطاعم شامية، وعراقية، وهندية، وتركية، إضافة لمحال متخصصة في تقديم أجود أنواع الحلوى العمانية، ومحال متنوعة لبيع الملابس الشعبية والحديثة، وقطع الخام القديمة، والعطور، والدخون المصنعة يدوياً ودهون العود الجاهزة، إضافة لوجود بقالات متخصصة في تقديم المنتجات الشعبية القديمة، والبحرينية، والمستوردة، ومحال صنع الصابون والمساحيق التجميلية المصنعة يدوياً.

وتم تزويد السوق بمسار لركوب الخيول مخصص للأطفال، ومكان لالتقاط الصور مع الصقور، إضافة لتوفير منطقة ألعاب للأطفال، إضافة لرفع كفاءة الوادي المار بالقرب من السوق من خلال تنظيفه وتعميقه ورصفه وتدعيم أجزاء منه بالحجر الطبيعي التي تم جلبها من جبال كلباء، كما تمت إزالة العديد من التحديات داخل الوادي ورصف جانبي الوادي وتوفير صفين من النخيل على طرفي الوادي مع تشجير وجلسات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/yc786euc

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"