عبور آمن لتحديات «أوبك بلس» في 2023

21:55 مساء
قراءة 3 دقائق

د. محمد الصياد *

واجه ائتلاف «أوبك بلس» تحدي قيام الاتحاد الأوروبي بفرض حظر على الخام الروسي المنقول بحراً اعتباراً من 3 أكتوبر 2022، في الاجتماع الوزاري الذي عُقد يوم 4 كانون أول/ ديسمبر 2022، بقرار مواصلة الإبقاء على مستوى الإنتاج الذي جرى الاتفاق عليه من قبل الائتلاف المكون من 23 دولة منتجة ومصدرة للنفط، في اجتماع 5 أكتوبر 2022، والذي قضى بخفض إنتاج نفط الدول الأعضاء بمقدار مليوني برميل يومياً، أو نحو 2% من الطلب العالمي، اعتباراً من نوفمبر 2022 وحتى نهاية عام 2023.

وكانت مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا قد اتفقت يوم الجمعة 2 كانون الأول/ ديسمبر 2022، على وضع حد أقصى لسعر برميل النفط الخام الروسي المنقول بحراً قدره 60 دولاراً، اعتبارا من 5 كانون الأول/ ديسمبر 2022.

ورداً على ذلك حظَر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الثلاثاء 27 ديسمبر 2022 بيع النفط الروسي إلى الدول التي انضمت إلى قرار تسقيف سعر النفط الروسي اعتباراً من 1 شباط/ فبراير 2023.

ذلكم التطور دفع بعض مديري محافظ وصناديق الاستثمار (لحسابات خاصة بهم، تبغي جعل سوق السلع المستقبلية Future commodity market في حالة صعود Bullish market لجذب المستثمرين لمحافظهم)، لرفع سقف توقعاتهم بأن يعود سعر برميل النفط إلى مستوى 100 دولار. كذلك توقع بنك أوف أمريكا أن يصل السعر في عام 2023 إلى 100 دولار، تعويلاً على تعافي الطلب الصيني على النفط بعد تخفيف الإجراءات الاحترازية من كوفيد، إلى جانب انخفاض الإمدادات الروسية بنحو مليون برميل يومياً. لكن ديناميكيات السوق التي شملت تحول النفط الروسي إلى أسواق آسيوية بديلة لسوق الاتحاد الأوروبي، وتراجع الطلب العالمي على النفط الخام بأقل من التوقعات أنهت معاملاتها على متوسط سعر خام برنت عند 83 دولاراً للبرميل في عام 2023، انخفاضاً من 101 دولار للبرميل في عام 2022، بفارق 19 دولاراً للبرميل تقريباً، بحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA).

معلومٌ أن ائتلاف أوبك بلس رد على سيناريوهات السوق المقروءة (توقعات)، بقرار اتخذته الدول الأعضاء (13 دولة هي المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والكويت، والجزائر، وليبيا، والعراق، وأنغولا، والكونغو، وغينيا الاستوائية، والغابون، وإيران، ونيجيريا، وفنزويلا، و10 دول منتجة ومصدرة للنفط خارج أوبك هي روسيا، وسلطنة عمان، والمكسيك، وأذربيجان، والبحرين، وبروناي، وكازاخستان، وماليزيا، والسودان، وجنوب السودان)، يوم الأربعاء 5 أكتوبر 2022، في اجتماعه الذي عقده حضورياً في فيينا، بقرار قضى بخفض إنتاج الائتلاف بواقع مليوني برميل يومياً، وذلك في ضوء «حالة عدم اليقين التي تحيط بالتوقعات الاقتصادية العالمية وتوقعات سوق النفط»، كما ورد في بيان الائتلاف يومها. الائتلاف جدد في اجتماعه الذي عقده نهاية شهر نوفمبر 2023 التزامه بسياسة تأمين توازن السوق (عرضاً وطلباً)، بقراره خفض الإنتاج بمقدار 1.7 مليون برميل يومياً حتى نهاية الربع الأول من عام 2024. ويشمل هذا الخفض الطوعي مليون برميل يومياً من قبل المملكة العربية السعودية و700 ألف برميل يومياً من العراق، والإمارات، والكويت، وكازاخستان، والجزائر، وعمان. إضافة إلى تخفيض روسيا حصتها بمقدار 500 ألف برميل يومياً (300 ألف برميل يومياً للنفط الخام و200 ألف برميل يومياً لمنتجات الوقود). يمكن القول إن عام 2023 انتهى بالنسبة ل«أوبك بلس» نهاية آمنة، وذلك مع الوضع في الاعتبار نجاح الائتلاف في المحافظة على متوسط سعر يعتبر معقولاً إن لم يكن جيداً لبرميل النفط (83 دولاراً) رغم التحديات التي واجهته في ظل العواصف الجيوسياسية التي هبت على معظم مكونات العلاقات الاقتصادية الدولية، والتغيرات التي صاحبتها وطالت مؤشرات قياسية ترتبط بصميم الطلب الكلي على إجمالي الناتج العالمي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن هذا النجاح تحقق بفضل دفع تكلفة تعتبر باهظة بالنسبة لعدد لا بأس به من الدول الأعضاء في الائتلاف، لجهة خصم جزء مهم من حصتها الإنتاجية (بحسبان نظام تقسيم الحصص الإنتاجية المعمول به)، وبالتالي من إيرادات موازناتها العامة، لذا فإن ما ينتظر الائتلاف في عام 2024 الجديد، أكثر تحدياً من سابقه، وهو ما سنعرض له لاحقاً.

* خبير بحريني في العلاقات الاقتصادية الدولية

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/mr48a4hy

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"