لثغة تشرشل

00:11 صباحا
قراءة دقيقتين

يوصف أشهر رئيس وزراء في تاريخ بريطانيا، ونستون تشرشل، بأنه «كان رجل دولة وخطيباً مفوهاً ومؤلفاً وخدم كرئيس للوزراء مرتين». ما يهمنا في هذا التعريف وصف تشرشل الذي عاش نحو تسعين عاماً، ب «الخطيب المفوه»، والمفارقة هي أن الرجل كان يعاني لثغة في الكلام. ويفيدنا موقع طبي بأن اللثغة تعني أن الشخص غير قادر على نطق أصوات محددة (الصاد، السين، الزاي، الراء، اللام) واستبدالها بأصوات أحرف أخرى؛ وتنتج اللثغة عن وضعية اللسان الخاطئة أثناء النطق.

معاجم اللغة العربية تقول إن مفردة «لُثغة»، واسم الجمع منها:«لُثُغات»، تعنى «تحوَّلُ اللسانِ من حرف إِلى حرف، كقلب السين ثاء، والراء غيناً»، ويقال عن أحدهم: «وُلد عنده لُثْغة في الرَّاء». وألقى تشرشل أول خطاب له في البرلمان عام 1901، وكان عليه أن يتغلب على لثغته بتحضير دؤوب، وهو الحريص دائماً على تحضير ملاحظات مفصلة عندما يتحدث، ما أهله لأن يوصف ب«الخطيب المفوه». وسنعرف أن إحدى وسائل تشرشل في التغلب على لثغته كانت باستخدام أطقم أسنان صناعية أصبحت «بمكانة دعم جسدي ونفسي حاسم» له، وهي من تصميم طبيب الأسنان، السير ويلفريد فيش، فيما صنعها الفني ديريك كودليب، الذي احتفظ أيضاً بقطعة احتياطية لحالات الطوارئ.

أتاح طقم الأسنان الصناعي لتشرشل التحدث بطلاقة، وهي سمة حيوية لأي سياسي، وخاصة بالنسبة لشخص كانت مهاراته في التحدث عنصراً أساسياً في نجاحه. وينقل عن مطلعين على سيرته قولهم إن الخوف لاحق تشرشل طوال حياته من فقدان قدرته على الكلام.

استعيدت لثغة تشرشل وحكاية استخدامه الأسنان الصناعية للتغلب عليها، مع الإعلان عن قرب مزاد علني في بريطانيا لبيع أحد هذه الأطقم، حيث من المتوقع أن يصل سعره إلى 10 آلاف دولار عند طرحه للبيع، وأوضحت الشركة المنظمة للمزاد أن الطقم المعروض هو نفسه الذي استخدمه تشرشل خلال خطابه «سنقاتل على الشواطئ»، كما سيباع، في المزاد نفسه، الميكروفون الذي استخدمه تشرشل للإعلان عن نهاية الحرب العالمية الثانية، بسعر يصل إلى 10 آلاف دولار.

ليست المرة الأولى التي تباع فيها مقتنيات لتشرشل، فسبق أن بيع صندوق من خشب الورد، كان تشرشل يضع فيه السيجار، وبلغت قيمة البيع 10 آلاف جنيه استرليني، وفي عام 2017 بيع سيجار بمبلغ 12000 دولار في مزاد علني، فقط لأن تشرشل دخّن جزءاً من هذا السيجار.

تقول لنا سيرة تشرشل إنه اكتسب عادة تدخين السيجار التي لازمته طوال حياته، خلال عمله، وهو شاب، مراسلاً حربياً في كوبا. ومن كوبا أيضاً اكتسب عادة أخرى لازمته طوال حياته هي القيلولة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/2524xaaj

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"