دوريات تجوب الإنترنت

02:03 صباحا
قراءة دقيقتين
كنا كلما مررنا بشارع ورأينا أطفالاً يتعاركون ويتبادلون الألفاظ النابية والشتائم، قلنا عنهم «عديمو التربية» وألقينا باللوم مباشرة على الأهل، وكلما سمعنا عن طفل يسرق أو يتنمر سألنا عن الأهل وتخليهم عن مسؤولياتهم في توعية ابنهم وكأنهم يتركونه يخوض تجارب الحياة وحده ويكتشف الصحيح من الخطأ بلا رقيب ولا حسيب ولا عين تسهر وترعى ويد تقود إلى الطريق الصواب وتساعد الصغير على تخطي المطبات والأفخاخ.
اليوم، باتت مسؤولية تربية الأبناء أكبر وربما لا يتشارك فيها سوى الأهل فقط، بينما كان في الماضي للجيران وأهل الحي دور في تعديل سلوك أي طفل وتنبيه أهله ومساعدتهم في مراقبة أفعاله، في حين باتت المخاطر التي تحدق بالصغار أكثر بكثير لاسيما أنهم يتعرضون لمختلف أنواع النصب والتحرش والانجراف خلف غرباء يتصيدونهم عبر الإنترنت، فيجرفونهم إلى عالم موبوء ومشبوه، ويتعرضون لعمليات الابتزاز الإلكتروني فيعيشون رعباً حقيقياً يترك أثره في حالتهم النفسية؛ لذلك نستغرب كل ولي أمر يترك كامل الحرية لابنه (أو ابنته) في تصفح ما يشاؤون ومشاهدة ما يشاؤون والتواصل مع من يشاؤون عبر الإنترنت، مسقطين من حساباتهم دورهم في توجيه الأبناء ومراقبتهم كجزء لا يتجزأ من التربية والرعاية الأبوية.
حين تسمع أو تقرأ عن حوادث تعرض لها الأطفال بسبب غياب تلك العين الساهرة والقلقة والواعية على مصلحة أبنائها، تزداد استغراباً وأسفاً على «جهل» وتجاهل الآباء الذي يدفع ثمنه الأبناء، ويطمئن القلب لوجود العين الأخرى أو الساهرة، وهي عين الشرطة التي تتجول وتلتقط الإشارات وأنشأت دوريات تجوب الإنترنت وقسماً متخصصاً لمكافحة جرائم الأطفال استباقياً، كما فعلت شرطة دبي التي تتمكن باستمرار من إنقاذ أطفال من الوقوع ضحايا تلك الجرائم الإلكترونية المتنوعة، وتشارك في فريق دولي لمكافحتها على مستوى العالم ببرامج رصد متطورة.
دوريات تجوب الإنترنت؟ نعم، وتنقذ أطفالاً وتكتشف مجرمين ومتلاعبين.. كما تكشف أن المسؤول الأول عما يتعرض له هؤلاء الأطفال من مخاطر هم الأهل، فمن الأطفال من يتعرض لابتزاز ومنهم من يكون هو المبتز للآخرين، وفي الحالتين هم ضحايا الإهمال والتقصير في التربية؛ ومن الأمثال، أسرة آسيوية سافرت تاركة ابنها وحيداً في المنزل، فتعرف إلى شخص بالغ عبر دردشة الألعاب، الذي استدرجه ليقابله خارج المنزل، وطفل آخر دعا أصدقاءه لمشاركته الألعاب الإلكترونية في منزله، فتسللوا إلى ملفات شخصية تحتوي على صور لشقيقته، وبدؤوا في تهديدها - من حسابات وهمية - بتركيب صورها على مشاهد مخلة.. في جعبة إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية، الكثير من القضايا التي يتعرض فيها الأطفال للخطر، وقبل إلقاء اللوم على التطور التكنولوجي فلنلق نظرة على أحوال البيت وأهله.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/4p9477ha

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"