العالم يكرمهم ونحن «ننكّد» عليهم

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

يبدو أن شعوبنا تحب «النكد»، وترى في التقدم في العمر محطة «يجب» أن يترجل فيها كبار الفنانين، تاركين موهبتهم، وخبرتهم، ومخزونهم الثري خلفهم، ليجلسوا في منازلهم على كرسيّ المتفرج المنتظر لحظة الرحيل. وهناك من الجمهور من يذهب أبعد من ذلك، فيطالب «النجم الكبير» صراحة، وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، بالاعتزال، في حين تستوقفنا إنجازات كبار الفنانين في الغرب، وترحيب العالم وتقديره لكل إبداع يقدمونه.

والمفارقة أن يتزامن تكريم النجمين عادل إمام، ونجاة الصغيرة، مع ظهور ترشيحات جوائز الأوسكار لدورته ال٩٦، فما العلاقة بين هذا، وذاك؟ لا علاقة بين عادل إمام ونجاة الصغيرة، والمخرج مارتن سكورسيزي والملحن والموسيقي جون ويليامز، كل له تاريخه وموهبته وإنجازاته، لكن ما قرأناه، ونقرأه من تعليقات الناس، بين فترة وأخرى، وشائعات تتصدر «الترند» عن النجم عادل إمام، وغيابه عن الشاشة، ووضعه الصحي، والاهتمام الكبير من الجمهور بفكرة «الاعتزال»، كأنه واجب على كل فنان قرر الابتعاد عن التمثيل (أو الغناء)، مدة مهما طالت، أن يعلن اعتزاله، بل تتطوع فئة من الجمهور بإعلان خبر اعتزال النجم عادل إمام نيابة عنه، وعن أسرته، كأن الهدف حثه على التوقف عن العطاء، سواء كان في نيته وقدرته على العمل من جديد أم لا. في المقابل، نصفق جميعاً للمخرج العالمي مارتن سكورسيزي، والملحن جون ويليامز لوجودهما ضمن قائمة المرشحين النهائية للأوسكار، حيث حطم كل منهما رقماً قياسياً في ترشيحات الأوسكار. مارتن سكورسيزي ٨١ عاماً، أصبح المرشح الأكبر سناً في تاريخ الأوسكار، عن فئة أفضل مخرج، وهو ترشيحه العاشر لهذه الجائزة، أما الملحن والموسيقي جون ويليامز، فحصل على ترشيحه ال ٤٩ في فئة الموسيقى الأصلية، مسجلاً بذلك رقماً قياسياً مع إجمالي ٥٤ ترشيحاً حصل عليها طوال مسيرته عن الفئات المهنية المختلفة للأوسكار، ليصبح الأكثر حصولاً على ترشيحات للأوسكار من أي شخص على قيد الحياة، إذ إن الراحل والت ديزني يحمل الرقم القياسي الإجمالي بحصوله على ٥٩ ترشيحاً لجوائز الأوسكار. والأهم أن ويليامز يبلغ من العمر ٩١ عاماً، ليكون أيضاً أكبر المرشحين سناً هذا العام.

من حق أي فنان اختيار الابتعاد عن الشاشة، وعن الأضواء متى يشاء، ومن حقه أن يواصل رحلته مع الفن حتى النفس الأخير، كما يقولون، فلماذا يستكثر الجمهور العربي على فنانيه استمرار رحلتهم مع العطاء والإبداع، ودعم الشباب، والأجيال الجديدة بمخزونهم الثري من الخبرة، ويستكثر أيضاً على من اختار الاستراحة أن يبقى بعيداً عن الشائعات والمهاترات والترند، ومناشدته بالاعتزال، أو فرض هذا الاحتمال عليه غصباً؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/4kyykwhd

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"