سنوات عشر.. لم تغادر القلوب

01:31 صباحا
2

خالد عبدالله تريم

يوم ليس كأي يوم.. إنه الثلاثون من يناير الذي غادرنا فيه أعزّ الناس.. الوالد والمربّي والمعلم.. القدوة أبو خالد.

لم يكن مجرّد والد وربّ أسرة، كان حضن الأمان والطمأنينة، والراحة، ومبعث الفخر، بما منحنا من ثقة، في أسرة كانت المحبّة والألفة والتعاضد، هي الأسس التي جمعنا عليها.

رحم الله المعلّم المربّي أبا خالد، كان بفيض عطائه وأبوّته، يمثّل لنا النبع الصافي العذب، الذي كلّما نهلت منه، ازددت عطشاً لمزيد من العذوبة، ممّا يفيض به قلبه وفكره، من حبّ وعطاء وثقافة، وبُعد رؤية.

وبالمهام التي تسنّمها منذ عهد شبابه الأول، والمسؤوليات التي أوكلها إليه قادة الوطن، إبّان تأسيس اتحاد الإمارات، ثمّ القرار التاريخي الذي اتّخذه مع شقيقه الراحل تريم، بإنشاء دار «الخليج» التي تبوّأت بفضل إدارتهما مكانة مميّزة، وغدت كوكباً إعلامياً، ومدرسة إنسانية، وكان كلاهما النهج الذي يمشي الوالد والعم تريم وفق أسسه العتيدة.

غادرتنا يا والدي، قبل سنوات عشر، وتركت فينا هذا النهج الذي نعمل كلّ يوم على استمراره وتطويره، لتكون «الخليج» كما أردت لها مع شقيقك الراحل تريم «صوت الحق والحقيقة»..

وكما في أسرتك الكبيرة «دار الخليج»، فإننا في «أسرتك» الصغيرة، نتوق بحنان لا مثيل له، لأجمل اللحظات مع أبٍ حانٍ عطوفٍ ومعلِّمٍ مربٍّ وصديقٍ صدوق..

ها هو العام العاشر، والرحيل كأنه كان بالأمس.. لأن كل من عرف الراحل، يدرك جيّداً أن أبا خالد، لم يكن رجلاً عاديّاً؛ لقد كان قامة استثنائية بكل المقاييس، وإنساناً باذخ العطاء، وسياسيّاً متفرّداً، وإعلاميّاً فذّاً.. وإماراتيّاً وعربيّاً، بكل عمق الانتماءين.

الراحل الكبير كان صاحب بصمات ووقفات وثوابت لا تهتز، ولم يكن عابراً في الحياة، من دون كلمة مؤثرة وصوت مسموع، ومواقف داخلية وخارجية، فضلاً عن دوره مع شقيقه الراحل تريم، في مواكبة تأسيس دولة الإمارات، وتأسيسهما كذلك «دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر».

وجريدة «الخليج»، مع الراحل عبدالله عمران، امتدّ عطاؤها إلى أرجاء الوطن العربي، وهذا لم يكن مجرّد مصادفة، بل بجهدٍ حثيثٍ وسهر مضنٍ وعملٍ متواصلٍ، فأصبحت هذه «الدار» التي تعني بدقة بالغة معنى الدار.

خاضت «الخليج» الكثير من التحديات المهنية والسياسية والمنغّصات، عند خروجها للنور، جرّاء إصدارها في الكويت، وشحنها بالطائرة يومياً إلى الشارقة، وبعدما اختار المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الوالد عبدالله عمران، أول وزير عدل في دولة الإمارات، ومن ثم وزيراً للتربية والتعليم، وتكليف العم تريم عمران، ليكون أول سفير للدولة في مصر، توقفت «الخليج» عن الصدور لنحو 10 سنوات، إلا أنهما أصرّا عام 1980، على عودة «الخليج» للصدور.

أبو خالد، غاب جسداً، لكن فكره ومبادئه وقيمه، مازالت نهجاً نسير عليه، نحن أسرته الصغيرة، وأسرته الكبيرة في «الخليج»، حيث بصماته الراقية، نهجاً ومسيرة، ترسمان طريقنا.

في الذكرى العاشرة، مع مشاعر الألم التي تملؤنا، نرجو الله سبحانه وتعالى أن يتغمّد الوالد الراحل أبا خالد، برحمته الواسعة، ويسكنه فسيح جنّاته، وأن تستمرّ إنجازاته وعطاءاته الإعلامية.. لأن الراحل غاب جسداً، لكن مآثره تملأ الأرجاء والنفوس.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/mwa7f7ev

عن الكاتب

​رئيس مجلس إدارة دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، رئيس تحرير "الخليج"

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"