عادي
إجراء تنظيمي يمنع تسلل الدخلاء إلى مهنة التدريس

دروس التقوية تحت غطاء شرعي بـ «تصريح المعلم الخصوصي»

01:17 صباحا
قراءة 6 دقائق
دروس التقوية تحت غطاء شرعي بـ «تصريح المعلم الخصوصي»

تحقيق: محمد إبراهيم

كانت الدروس الخصوصية في السابق، محل جدل واسع بين مختلف الفئات في مجتمع التعليم، إذ أيّدها البعض، وجرّمها البعض الآخر، وحرّمها الثالث، لاسيما مع عدم وجود ضوابط تدير آليات عملها، ولكن مع اعتماد تصريح المعلم الخصوصي، مؤخراً، باتت الدروس الخصوصية تعمل تحت غطاء شرعي وفق ضوابط ومعايير وإجراءات.

عدد من التربويين أكدوا أن الدروس الخصوصية تساهم في الارتقاء بمستوى الطلبة، التعليمي والمهاري، في مختلف المواد الدراسية، موضحين أنها تشكل ميداناً معرفياً كبيراً يجمع المعلمين بمختلف التخصصات، وكان لابد من إيجاد مسارات تنظيمية لضبط إيقاع عمل المعلمين الخصوصيين، معتبرين أن تصريح المعلم الخصوصي أداة مؤثرة تمنع الدخلاء من ممارسة مهنة التدريس، وتحدّ من الممارسات غير القانونية، وغير المنظمة للتعاقد مع المدرسين الخصوصيين.

في المقابل يرى معلمون أهمية احترام التعليمات وتطبيق الإجراءات التي جاءت في مكونات التصريح، لاسيما وأن الدروس الخصوصية وسيلة فاعلة تساعد على الارتقاء بمستويات الطلبة، العلمية والتعليمية، وتسهم في تهيئتهم للامتحانات ومختلف محطات الدراسة، ولم تكن يوماً ظاهرة ضارة بالمجتمع التعليمي، بمختلف فئاته.

في وقت أجمعت آراء أولياء الأمور على أهمية دور معلمي الدروس الخصوصية سواء من حاملي التصريح، أم لا، قائلين: «يكفي مساعدتهم للأبناء على فهم سيناريوهات التعليم ومستجداته، وتقديم طرائق تدريسية مبسطة ترتقي بمستوياتهم المعرفية ومهاراتهم، لاسيما وأن التكنولوجيا أسهمت في تقليص رسوم الدروس الخصوصية مقارنة بالسنوات الماضية».

«الخليج» تناقش مع الميدان التربوي، أهمية قرار إصدار تصريح المعلم الخصوصي، وكيف يسهم تنظيم بورصة الدروس الخصوصية، وإلى أي مدى يسهم في وضع ملامح المعلمين الخصوصيين في المرحلة المقبلة، وكيف يتقبلها أولياء الأمور من دون تحفظات.

آلية عمل

البداية كانت مع قراءة ل«الخليج» عن مستجدات وضع الدروس الخصوصية في الميدان التربوي، إذ أقرت وزارة التربية والتعليم، ووزارة الموارد البشرية والتوطين، آلية عمل مشتركة واستحداث «تصريح عمل التدريس الخصوصي»، لتعزيز عملية التعلم، وضمان حوكمة الدروس الخصوصية خارج إطار المؤسسات التعليمية، وفق لوائح منظمة تمنع العشوائية، إذ يتيح التصريح لأربع فئات تقديم الدروس الخصوصية للطلبة «أفراداً ومجموعات». وتضم الفئات الأربع المصرح لها استخراج تصريح عمل معلم خصوصي: طلبة الجامعات والمدارس، وفئة العاطلين عن العمل، وفئة العاملين في القطاعات المختلفة، فضلاً عن المعلمين المسجلين في مدرسة، حكومية أو خاصة، وتتضمن أنماط العمل المقررة: الدوام الكامل والجزئي، العمل المؤقت، والمرن، وعن بعد، ليصبح العمل في التدريس الخصوصي محظوراً من دون الحصول على تصريح، وفي حال ضبط المخالفين تطبق عليهم اللوائح والأحكام.

خطوة تنظيمية

وفي مداخلة لعدد من أولياء الأمور (محمد طه، وإيهاب عصام، ومحمد زين، وثناء موهوب، ومنيرة حمدان)، أكدوا أنه على الرغم من اجتهاد الإدارات المدرسية في توفير تعليم جيد للأبناء، إلا أن أبناءهم في حاجة إلى دروس التقوية في بعض المواد، موضحين أنها أسهمت في رفع مستوياتهم ومهاراتهم في المواد الأساسية، ومساعدتهم على فهم مستجدات التعليم ومساراته وكيفية التعاطي معها. وفي ما يخص تصريح المعلم الخصوصي، أفادوا بأنه خطوة تنظيمية مفيدة لضبط إيقاع العمل في التدريس الخصوصي، مشيرين إلى تطلعهم لضبط رسوم الدروس، لاسيما في ظل تمكين التكنولوجيا في قطاع التعليم، مع أهمية انتقاء المعلمين من حيث الخبرة والقدرات المهنية، ما ينعكس على أداء الطلبة العلمي على مدار العام ومعدلاتهم في امتحانات نهاية العام.

شرح وتدريب

وفي وقفة مع الطلاب والطالبات (خالد محمد، وشروق علي، سماح عوض، وعلياء محمد) أكدوا أن دروس التقوية متاحة باستمرار، لتسد حاجة الطلبة في 5 مواد دراسية» الرياضيات، والكيمياء، والفيزياء، والأحياء، وعلوم عامة، التي تشكل تحدياً لدى الكثير من الطلبة في المرحلة الثانوية، مشيرين إلى عدم معرفتهم بآليات التأكد من المعلمين الحاصلين على تصريح المعلم الخصوصي من عدمه، ولكن في معظم الأحيان يركزون على انتقاء المعلم الخصوصي، لاسيما الذي يستند في الشرح والتدريب إلى الأدوات المطورة ويوفر طرائق متنوعة للحصول على العلوم والمعارف بسهولة ومرونة.

اتجاه جديد

عدد من معلمي المواد المختلفة (علياء.ع، سميحة.م، عصام.ج، علي.م، مؤمن.أ)، أكدوا أن دروس التقوية أخذت اتجاهاً جديداً مطوراً، يستند إلى تشريع تنظيمي يمنح الجميع فرصة أداء المهام بدقة ومسؤولية وارتياح، مؤكدين أن دروس التقوية لم تكن يوماً عائقاً لتقدّم الطلبة، بل وسيلة للارتقاء بمستوياتهم العلمية في مختلف المواد الدراسية، لاسيما وأنها ليست إجباراً على أي طالب، والتطورات المشهودة في نظم التعليم أتاحت للطالب حق اختيار معلمه، وطرائق تدريسه.

وأفادوا بأن التكنولوجيا وتوظيف التقنيات الحديثة، ومواكبة المتغيرات والمستجدات، أسهمت في إيجاد مرونة في العملية التعليمية، وتعزيز دافعية الطالب نحو التعليم، فضلاً عن التركيز على المادة العلمية، والتفاعل الإيجابي من المتعلمين من خلال المنصات التعليمية، معتبرين أن المرحلة المقبلة ستشهد إقبالا كبيراً من الطلبة على مدار العام، وليس في وقت الامتحانات، فحسب، كما جرت العادة في الميدان التربوي، متوقعين أن رسوم الدروس ستشهد استقراراً كبيراً في مختلف المواد الدراسية.

شريحة كبيرة

وأوضحوا أن الدروس الخصوصية، باتت مصدر أرزاق شريحة كبيرة من المعلمين، حتى من فقدوا وظائفهم، موضحين أن تركيزهم على تحقيق الاستفادة القصوى للطلبة وليس التربّح، لاسيما وأن أسعار الحصص تناسب جميع الفئات في الوقت الراهن، وباتت أقل بكثير عمّا سبق؛ إذ يصاحبها التنظيم، والمرونة، وجودة الأسعار.

وأكد فريق آخر يضم ريبال غسان عطا، إبراهيم القباني، وعاطف حسن، وبدوي إبراهيم، التزامهم بتوجيهات إدارات مدارسهم بعدم إعطاء دروس للتقوية، سواء لطلبة المدرسة، أو خارجها، معتبرين أن تجربة التعلم والتطورات الراهنة، أسهمت في تغير مفهوم الدروس الخصوصية من حيث طرائق التدريس، وأسعار الحصص؛ إذ باتت تعتمد على التكنولوجيا وإجراء المحاضرات عن بعد، مؤكدين أنها خطوة مهمة في الارتقاء بالمستوى المهني للمعلمين، لمواكبة المتغيرات وتوظيف التقنية في العملية التعليمية بحرفية ومهارة فائقة.

منهجية جديدة

تواصلنا مع مديري عدد من مراكز التقوية في مختلف إمارات الدولة، (فضّلوا عدم ذكر أسمائهم)؛ حيث أكدوا أن قرار إصدار تصريح المعلم الخصوصي أوقف فوضى الدروس الخصوصية، ووضع منهجية جديدة لآليات العمل في هذا المجال، ما يسهم في جودة أداء المعلمين، مع إيجاد فرص متنوعة لاختيارات الطلبة سواء للمعلمين، أو مراكز التقوية.

الجهات المسؤولة عن التعليم، تجد أن الدروس الخصوصية في ثوبها الجديد، عقب إقرار تصريح المعلم الخصوصي، ستكون أكثر فاعلية وتنظيماً من خلال الآليات الجديدة، فالقانون الآن أتاح تقديم الدروس الخصوصية بشرط الحصول على التصريح، وفق نظام يكفل رفع مستوى الطلاب وكفاءتهم الدراسية، ويضمن قدرة المعلم الخاص على تطوير قدراته وتحسين نتائجه.

ثلاثة شروط

اشترطت وزارة الموارد البشرية والتوطين بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، في مقدم طلب الحصول على «تصريح عمل المدرس الخصوصي»، 3 شروط؛ أبرزها ألّا تقل سِن طالب المدرسة الذي يرغب في الحصول على التصريح عن 15 عاماً، ولا تزيد على 18 عاماً، وأن يكون لدى مقدم الطلب إقامة سارية المفعول داخل الدولة، وألا يكون لدى العامل (مقدم الطلب) تصريح عمل جزئي ساري المفعول.

يتعين على الطلبة (سواء من الطلبة الجامعيين وطلبة المدارس)، تقديم ثمانية مستندات؛ هي: شهادة استمرارية الدراسة للطالب في المرحلة الثانوية/ ما يفيد بأن الطالب مقيد في الجامعة، وآخر شهادة دراسية للطالب المدرسي، وعدم ممانعة من ولي الأمر، وشهادة حسن سير وسلوك، وشهادة لائق طبياً، وأوراق ثبوتية سارية المفعول (جواز سفر وإقامة وهوية)، واعتماد ميثاق التدريس الخصوصي، وصورة شخصية.

خيارات مرنة

وزارة التربية والتعليم أكدت أن تصريح عمل التدريس الخصوصي يهدف إلى ضمان استقرار المنظومة التعليمية، وتوفير خيارات مرنة للطلبة وأولياء الأمور، تلبي احتياجاتهم وتطلعاتهم، مع الحفاظ على انضباط وجودة العملية التعليمية وكفاءة مخرجاته.

إقبال لافت

كشفت النتائج الأولية لتطبيق نظام الحصول على تصريح المعلم الخصوصي، عن ارتفاع نسبة الإقبال على الخدمة بشكل لافت، حيث تتلقى وزارة الموارد البشرية والتوطين أكثر من 20 طلباً يومياً، من الفئات الأربع المصرح لها باستخراج التصريح، مع الالتزام بالإجراءات المعتمدة عند التقدم بالطلب من الفئات كافة.

من دون رسوم

أفادت وزارة الموارد البشرية والتوطين، بأن «تصريح عمل التدريس الخصوصي» يمنح للراغبين ممن تنطبق عليهم الشروط من دون رسوم لمدة عامين، ويستطيع بموجبها المستوفون للشروط من الحاصلين على التصاريح، ممارسة التدريس الخصوصي وتحقيق دخل مباشر، بعد توقيع «وثيقة سلوك»، حسب النموذج المعتمد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/yha47h5p

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"