بصمة لا تنسى

00:03 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. باسمة يونس

هل نحن بحاجة إلى عيد لكي نشعر بالحب؟ وإن كنا بحاجة إليه فهل يمكننا الاتفاق على أن للحب رموزاً تتراوح بين الورود الحمراء أو القلب الأحمر أو قطع الشوكولاتة المحشوة بالفراولة أو المجوهرات والهدايا باهظة الثمن للتعبير عن مدى عمق الحب وديمومته؟

في الواقع جميعنا متفقون على أنه لا يوجد شيء أفضل من التعبير عن الحب والاحتفاء بمن نحب، ولكن يجب أن نعي أن الاختلاف في الرمز أو قيمته السعرية لا يغير المعنى الجوهري للحب الذي قد يكتفي أحياناً بكلمة قصيرة جداً تتفوق بصدقها على طقم فاخر من الألماس.

ومع أن البعض يعتقدون بأن الاحتفال بالحب تصرّف خطأ أو لا يمت لمجتمعاتهم بصلة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالقصص التاريخية والمتداولة والتي تقف وراء سبب وجود عيد الحب واختلافها من مكان لآخر، لكن الحب في الحقيقة ليس بحاجة إلى قصة لإيقاد شمعته، أو احتفال لتحفيزه والإعلان عنه.

فلا يحتفل الناس بهذا اليوم لأنه تاريخ حدّده رواة القصص بمواقف وتراجيديات عاطفية أو تاريخية محزنة؛ لأن أغلبية المحتفلين به لا يعرفون عنه سوى أنه يوم للحب، وبأنهم يرغبون في الاستفادة منه بالتعبير عن حبهم، وتقليل التوتر من حياتهم، وتوثيق العلاقات الاجتماعية بينهم وبين الآخرين، والتي من شأنها إطالة العمر وتلطيف قسوة الحياة، وهو ما يجعل للاحتفال بالحب قيمة.

ومن هذا المنطلق ربما علينا أن نتوقف عند المجادلة أو التفكير في مدى صحة هذه القصص، أو ما إذا كان علينا التفكير بمعناها وقيمتها في فولكور الشعوب أو معتقداتهم، بل يمكننا الالتزام فقط بمفهوم الاحتفاء بشعورنا بالحب وتقديرنا لمن نحب ولأنفسنا وقدرتنا على الإحساس به كشعور إنساني عظيم يمكنه أن يحول حياتنا وأيامنا كلها إلى أعياد مبهجة، والتفكير بأننا عندما نحب نمارس أقصى إنسانيتنا، ونعبر عن تعاطفنا مع بعضنا، ونستخرج من أعماقنا كنوز المشاعر كي نجلو عنها تراب الصمت، ونجعلها طريقاً لحياة مختلفة.

وإن كان يوم 14 فبراير/شباط هو اليوم الذي فرض فيه الاحتفال بحب الناس لبعضهم، فهو ليس أكثر من يوم اختاره البعض رمزاً للتمسك بمناسبة أو بتوقيت يمكن استعادته في كل عام، والتركيز عليه بصفته فرصة عظيمة أيضاً للتجار وأصحاب المحلات وأماكن الترفيه الذين يبتكرون أصنافاً وألواناً من المنتجات والحكايات والفنون المخصصة لهذا اليوم، ناهيك عن كونه مناسبة جيدة ومهمة لتجديد المشاعر والمصارحة، وخطوة نحو تشجيع الارتباط العاطفي بين المحبين.

وعلى الرغم من أن معظم القصص المتداولة عن عيد الحب وظروف ولادته غير مؤكدة، فإن جوهر الأسطورة يظل كما هو، أي أن الوقوع في الحب أهم سبب للتعاطف وأكثر المشاعر قدرة على إشاعة الرحمة وتحفيز الإنسانية في قلوب الجميع. وفي حين يعتقد معظم الناس أن عيد الحب ذكرى معينة أو مخصصة لإحدى الشخصيات التاريخية، لكنه في الواقع يرتبط بالرومانسية التي تحسن مشاعرنا وتساعدنا على التغيير للأفضل وليس بالأشخاص الذين لم نرَهم ولا نعرف عنهم الكثير.

ومنذ أصبح شهر فبراير يعرف بأنه شهر الحب، أصبح الناس يستفيدون من هذا الشهر لإقامة المناسبات وجمع الذكريات، والأدباء في كتابة قصص وحكايات، ويستفيد منه الفنانون في رسم وتصوير أفلام تتضمن أجمل المواقف الرومانسية والإنسانية التي تحفز الآخرين على الحب، للمحافظة على ذكرى جميلة في حياتهم، وبصمة لا تنسى في حياة من يحبونهم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/2rvbraf9

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"