عادي
جماليات إماراتية

ناصر نصرالله.. الفن لحظة خيال

19:33 مساء
قراءة 4 دقائق
ناصر نصرالله

الشارقة: عثمان حسن
في تعامله من المواد والأشياء من حوله مثل الآلات والألعاب والمواد المختلفة، فإن تجربة الفنان الإماراتي ناصر نصرالله، الذي سبق وترأس جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، تقع في منطقة بين الواقعي واللاواقعي، وهي بالتأكيد تجربة تثير الكثير من الأسئلة، لجهة كيفية تعاطينا مع الأشياء من حولنا، ربما، وبحسب أحد معارضه وهو بعنوان «الأرنب السؤال» - 2013، وأيضاً «شعرية الآلات» -2013، تجده يهتم بتحفيز أو تنشيط حساسية المشاهد، وبشكل أدق خيال هذا المشاهد، ليختبر شيئاً جديداً من خلال الفن، من خلال التراكيب التي برع فيها، وهو يلتقط معظمها من الأماكن القريبة من بيئته، سواء كانت هذه الأشياء مواد بلاستيكية، أو معدنية، أو ورقية، أو رسومات، هي بالنسبة إليه تحمل دلالات وإيحاءات كثيرة.
يدين نصرالله بعشقه للفن لجده الراحل محمد نصرالله الزرعوني، وهو صاحب أحد محال التحف في الشارقة، فعائلته معروفة بجمع الأشياء، وهو نشأ في منزل جده الذي كان بمثابة متحف، فأثر هذا فيه كثيراً، كما تأثر بالقصص والحكايات من حوله، وهو يعتبر معظم أعماله تندرج تحت مسمى «الفانتازيا»، أو «السيريالية»، وليس لها علاقة بالعالم الحقيقي.

لوحة لناصر نصر الله


*شعرية الآلات
في معرضه «شعرية الآلات» سيقف المشاهد مطولاً أمام عالم هجين تسكنه الآلات والبشر، حيث تتناغم العواطف والتأملات الفلسفية مع الدقة الميكانيكية.. في هذا العمل التركيبي الذي نفذ في معرض 421 في أبوظبي، سوف يفاجئك كل جزء أو عمل فني فيه، بحداثته والإحساس بالتجاوز، حيث يتحول البشر (البالغون والأطفال) على حد سواء، ويندمجون في حوارية مع الأشياء والأدوات والآلات الشبيهة بالألعاب.
يقول نصرالله عن هذا العمل: «عملي يمزج بين الواقعي واللاواقعي، وهو عبارة عن تواصل مستمر بين هذين المجالين»، وقد ابتكر نصرالله، في هذا المعرض أعمالاً تدور حول ما يسميه «الآلات الحية» وهو عمل هجين تشترك فيه الآلات والبشر، في أعمال المعرض هناك حديث بين آلة وآلة، وإنسان وآلة، وبين إنسان وإنسان، ونصرالله في هذا العمل يحبذ دائماً أن يخلق نوعاً من الواقع البديل في عمله، لكي يختبر قدرة الناس على التفاعل مع هذا الواقع، يبدو الأمر كما لو أنه يمنح حياة ثانية للأجهزة والآلات التي يستخدمها، وسوف يشعر المشاهد بتفاعل إيجابي تتخلله لحظات من المرح والفكاهة التي تتخلل تفاصيل أعماله.
في المعرض ذاته، يمكن للمرء أن يميز سلسلة من المحادثات المضحكة بين هذه الآلات، يعلق نصرالله: «بعضها لا معنى له، وبعضها شاعري بعض الشيء، وأنا أحب أن أشرك المتلقي في مثل هذه المحادثات أحيانا»، وفي المعرض أيضاً يظهر جزء من العمل بعنوان «الفتاة ذات النجمة»، وهو عبارة عن نسيج من الصوف، بحس سيريالي يحمل تعبيرات مثيرة للاهتمام، وفي معرضه سوف يتفاعل المشاهد مع جزئية بعنوان «طبيعة عتبة»، لرسم هزلي مستوحى من أعمال الرسام الياباني ماكي ساساكي، وهو كاتب ومصور وفنان مانغا، تتميز رسوماته الكوميدية الطليعية بصور غير متسلسلة، وأخرى عبثية يطلق عليها «مكافحة المانجا».
*تحفيز
الخلفية الدراسية لناصر نصرالله وهي هندسة الاتصالات، أثرت كثيراً في تحفيز خياله العلمي، أراد نصرالله أن يبتكر شيئاً إبداعياً خاصاً به، ظهر هذا في كثير من أعماله وتركيباته الفنية، بخاصة في عمله «شعرية الآلات» السابق الإشارة إليه، واستلهمه من خلاله فيلم «الفضاء»، وهو فيلم خيال علمي من إنتاج أمريكي - بريطاني صدر عام 1968، أنتجه وأخرجه ستانلي كوبريك، وشارك في كتابة السيناريو إلى جانب آرثر سي كلارك، وقد استوحيت قصة الفيلم جزئياً، من قصة كلارك القصيرة «الحارس».
وفي أعماله يفتش نصرالله عن تلك المواد والتقنيات التي تخلق عالماً خيالياً، هي بالضرورة، ترسخ قيم الجمال ممزوجاً بالخيال والحكايات، التي تأخذ المشاهد في رحلة عميقة تتناغم فيها كل أشكال المتعة الروحية والفلسفية، وهو من خلال هذا كله، يؤكد عالمية الفنون، التي توحد بين البشر وترسخ جسوراً من بين الثقافات، وهي بكل تأكيد تحمل رسائل إنسانية، حيث يؤكد نصرالله دائماً، أن الفن بالنسبة إليه «هو بمثابة منجم غني من الإبداع»، وهو يعتبر نفسه فناناً علّم نفسه بنفسه، ويطمح في المستقبل إلى تشكيل وسائط مختلفة من خلال مشروعه الفني الذي يعتمد، كما أشرنا سابقاً، على سلسلة متنوعة من المواد والأفكار والحساسيات المشتركة بين الناس.

عمل لناصر نصرالله


*مشاريع
بحكم عمله كمقيّم فني، يشرف ناصر نصرالله هذه الأيام على تقييم أعمال 42 فناناً يشاركون في المعرض السنوي الجديد لجمعية الفنون «استشراف»، إلى جانب إشرافه على مشاريع فنية مع كتاب ورسامين ضمن مشروع «كورنيش» حيث يعمل حالياً مديراً للبرنامج التعليمي في مؤسسة الشارقة، وفي العام الماضي أشرف على النسخة الخامسة من هذا المشروع، الذي يوفر، عبر الجلسات والورش المجتمعية المتعددة، منصة لفناني القصص المصورة والرسامين في الإمارات، وعموم منطقة الخليج، لتبادل الأفكار والرسومات والتقنيات والتجارب، ويمثل مصدراً لاستقطاب فناني ورسامي القصص المصورة، ودعوتهم للمشاركة في مشاريع ومبادرات مجتمعية في المؤسسة.
*إضاءة
عرضت أعمال نصرالله في العديد من المعارض الفردية في جمعية الإمارات للفنون التشكيلية (2011)، ومتحف الشارقة للفنون (2009)، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية داخل وخارج الإمارات، من ضمنها بينالي الشارقة للفنون 11، عام 2013، بينالي القاهرة عام 2006، وفي عام 2012، شارك في برنامج «الإقامة الفنية»، وينظم بالتعاون بين هيئة دبي للثقافة والفنون و«تشكيل» ومؤسسة «دلفينا». كما فاز بالجائزة الأولى في المعرض الثلاثين لجمعية الإمارات للفنون التشكيلية،
وقام بتقييم معرض جمعية الإمارات للفنون التشكيلية في دورته الـ 32 بعنوان «قصص لم تُحكَ بعد»، وبينالي الشارقة للأطفال في دورته الرابعة بعنوان «أسئلة» عام 2014.

لوحة لناصر نصر الله
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/2dwfyavd

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"