عادي
جماليات إماراتية

أحمد شريف.. تجربة فنية برؤية فلسفية

23:27 مساء
قراءة 4 دقائق
أحمد شريف - من أعمال أحمد شريف

الشارقة: علاء الدين محمود

تتنوع المدارس والأساليب الجمالية في الحراك الإبداعي على مستوى التشكيل والفنون الجميلة في الإمارات، ويعد الفنان أحمد شريف من الفنانين أصحاب الرؤى الجمالية المختلفة، حيث مارس فعل التجريب وتنقل بين المدارس الإبداعية سواء كانت الانطباعية أو الوحشية، إلى أن تبنى تيار المفاهيمية، كما جمع بين الرسم والتراكيب، وأعمال الفيديو، ليصبح واحداً من أبرز المبدعين الإماراتيين في مجال الفنون، ووراء كل عمل لشريف يبرز الجانب الفكري بوضوح.

قصة متعددة الفصول والعناوين تلك التي جمعت بين شريف والفنون، فمنذ وقت باكر بدأت تتضح موهبته الإبداعية، خاصة في المرحلة الابتدائية في مدرسة بلال بن رباح في دبي في نهاية الثمانينات من القرن الماضي، وكانت تلك البدايات مختلفة بعض الشيء، حيث لم تقتصر على الرسم فقط؛ بل مارس خلالها أحمد شريف أنواعاً إبداعية مختلفة، ويقول: «بداياتي مع الفنون لم تنحصر على الرسم فقط؛ بل اتجهت منذ وقت مبكر نحو أشكال مختلفة من الإبداعات، فذهبت نحو العمل على الخشب والمواد غير المألوفة، وقمت بإنجاز العديد من البورتريهات الفنية والتي جاءت بخطوط قوية»، هذه البدايات كما يوضح أنجز خلالها أعمالاً فنية تعددت فيها منابع الإلهام وعلى رأسها البيئة المحيطة بمفرداتها المختلفة، وكانت تلك الرسومات والأعمال بمنزلة بداية وشرارة، حيث يؤكد أنها غالباً ما تأثرت بواقع وبيئة الفنان، حيث تأثر هو شخصياً بالمخزون البصري المتمثل في ألوان البيئة والطبيعة من حوله، وبالزيارات التي قام بها للعديد من المعالم والأماكن الإماراتية المختلفة.

ثقافة

تتميز أعمال ورسومات شريف بأن وراءها على الدوام فكرة أو مفهوم، حيث عمل منذ وقت باكر على صقل تجربته الإبداعية عبر التثقيف والاطلاع وقراءة المؤلفات في مجالات مختلفة، إلى جانب الفنون، وكذلك كان شديد الحرص على الاحتكاك بفنانين آخرين من أجل تطوير تجربته عبر النقاشات التي تُجرى معهم، حيث دائماً ما يكون هناك عصف ذهني في مثل هذه اللقاءات، وهي عملية مفيدة للفنان وملهمة للفنان، وهو يؤكد أهمية الثقافة بالنسبة للفنان وكان شديد الحرص على الاطلاع على المؤلفات الفلسفية وعمل على تطوير الجانب الفكري، نسبة لأهميته في العمل الفني، كما ظل يجتهد في تطوير المعارف البصرية من خلال مطالعة الكتب المتخصصة في عالم الفن، وهو الأمر الذي كان له انعكاسه الواضح والكبير في أعماله التي اتسمت بالغموض والعمق في ذات الوقت.

منعطفات

وهنالك الكثير من المنعطفات التي أسهمت في التكوين الفني والوجداني لشريف، ومن أهمها لحظة التحاقه بالمرسم الفني في دبي عام 1993، وهو المنعطف الذي يعتبره شريف بداية مشواره الفني الحقيقي، فهنالك احتلك بعدد من المبدعين الكبار في الدولة من الإماراتيين والمقيمين، وتغيرت نظرته تجاه الكثير من المفاهيم الفنية، إضافة إلى اكتسابه رؤى وأساليب جديدة، ويقول شريف عن مرحلة انتسابه إلى بالمرسم الفني: «كان حدثاً فارقاً طوّر معارفي الفنية، مكنني من الاطلاع على العديد من التجارب والتيارات الإبداعية المختلفة».

ولفت شريف إلى أن المرسم كان يضم في ذلك الوقت مجموعة من المبدعين من جيل الشباب والمخضرمين بقيادة الفنان الكبير حسن شريف، حيث كان المرسم مدرسة فنية متكاملة وكان يتميز بكونه يوفر الحرية للفنان من حيث اختياره للموضوعات والأساليب الفنية، الأمر الذي طور من تجارب العديد من هؤلاء، كما لعب حسن شريف دوراً كبيراً في التجربة الإبداعية للمشاركين، وقال: «يعد حسن شريف هو أول من أدخل المفاهيمية في الحراك الفني الإماراتي، وجمعتني به العديد من الجلسات التي تركز على تحليل بعض الأعمال الفنية ومناقشتها، وهو الذي قربني من العمل المفاهيمي».

وتابع: كان حسن شريف صاحب أثر إيجابي في حياتي، وكان يتميز أثناء فترة المرسم بالحياد، فلم يكن يتدخل في اختيارات الشباب، وكان يحرص على ألاّ يبدعوا نسخاً مكررة من أعماله؛ بل يشجعهم على الاستقلالية.

وأشار أحمد شريف إلى تأثره كذلك بالفنان العالمي هنري ماتيس، خاصة في استخداماته لتدرجات واسعة من الألوان المنتظمة، وأيضاً هنالك الفنان الأشهر فان جوخ صاحب الأسلوبية المختلفة والفريدة.

عالم الفيديو

وفي سياق حديثه عن أهم المحطات في تجربته الفنية، يشير إلى لحظة سفره إلى هولندا عام 2003، حيث أتاحت له فرصة التعرف إلى عوالم فنية جديدة بخلاف الرسم، كعوالم الفيديو وهو المجال الذي صار شريف يخصص له الاهتمام والوقت الأكبر، وقال: «حياتي الفنية التي سبقت ذهابي إلى هولندا، كانت كلها قائمة على الرسم والأشكال الفنية الأخرى التي عرفت بها، غير أن المرحلة التي قضيتها في أمستردام، قادتني نحو تصورات وأفكار وممارسات جديدة أهمها عالم الفيديو».

رسم الطبيعة

مرحلة رسم الطبيعة كانت مرحلة مهمة في حياة شريف، الذي يشير إلى أنه تناولها بأسلوب التنقيط، ثم التجريد، ويلفت إلى تأثره كذلك في تلك المرحلة بالمدرسة الوحشية في بداياته، وهي اتجاه فني اهتم رواده بالضوء المتجانس والبناء المسطح، فكانت سطوح الألوان عندهم تتألف دون استخدام الظل والنور؛ أي دون استخدام القيم اللونية، فقد اعتمدوا على الشدة اللونية بطبقة واحدة فقط، مشيراً إلى أن التأثر بالوحشية ظهر لديه من خلال توظيفه للألوان الحادة، لافتاً إلى تأثره بالعديد من المدارس الأخرى، حيث بإمكان الفنان الاشتغال على عدد من التيارات الفنية.

إضاءة

ولد الفنان أحمد شريف في دبي عام 1978، وحصل على بكالوريوس في الاقتصاد من جامعة الإمارات، وشغل منصب رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، في الأعوام «2006، 2007، 2008». وشارك في العديد من الفعاليات الفنية داخل الإمارات وخارجها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/akau2e7k

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"