د. عارف الشيخ
الإحداد في اللغة العربية بمعنى المنع، وفعله أحدّ يحدّ إحداداً، بمعنى امتنع، وفي اصطلاح الفقهاء امتناع المرأة من الزينة وما في معناها في مدة مخصوصة، وقد يقال الاعتداد بدل الإحداد، إلا أن الاعتداد في كل حالات الفراق، أما الإحداد ففي حالة وفاة الزوج.
والإحداد في حق المرأة المتوفى زوجها حكم شرعي يدل على الوجوب، بمعنى أن زوجة المتوفى بعد نكاح صحيح يجب عليها أن تعتد عدة الوفاة وتمتنع من الزينة فترة الإحداد.
وقد اتفق العلماء على هذا مستدلين بقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدّ على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً. رواه البخاري ومسلم.
ومما ينبغي أن يُعلم أن الإحداد على الزوج المتوفى يجب حتى لو عقد عليها ولم يدخل بها، والمطلقة طلقة واحدة أو طلقتين رجعيتين لا حداد عليها، بل ينبغي لها أن تتزين لزوجها وتجلس معه وتأكل معه في بيت الزوجية، إلا أنه لا معاشرة بينهما، فلو عاشرها عدّ ذلك رجعة.
والتي طلقت طلقة بائنة بينونة صغرى أو كبرى فللعلماء فيها رأيان:
- يرى الحنفية والشافعية في أحد القولين، والحنابلة في أحد القولين أيضاً أن عليها الإحداد لعلّة فوات نعمة النكاح، واعتبروا ذلك مشابهاً للوفاة في حق من توفي عنها زوجها، انظر:«فتح القدير» ج3، ص291، وانظر:«المهذب للشيرازي» ج2، ص150، وانظر «المغني» لابن قدامة ج9، 178.
- يرى المالكية والشافعية في القول الجديد للإمام، والحنابلة في الرأي الآخر للإمام أنه لا إحداد على المطلقة البائنة، لأن الزوج هو الذي فارقها، انظر:«المغني» لابن قدامة ج9، ص178، وانظر:«الشرح الكبير على متن الخليل» ج3،ص 287، وانظر:«المهذب للشيرازي» ج2، ص150.
ووقت الإحداد يبدأ بعد الوفاة مباشرة، علمت الزوجة بالوفاة أم لم تعلم، هذا إذا كانا في بلد واحد، أما إذا كانا بعيدين عن بعض، ولم تعلم الزوجة بالوفاة إلا بعد مدة فإن الإحداد بالنسبة لها يبدأ وقت علمها بالوفاة.
لكن الإحداد قلنا بأنه في أحوال مخصوصة، ولذا اختلف الفقهاء في إحداد الكتابية إذا كانت زوجة لمسلم، أو الصغيرة مثلاً التي لم تبلغ سن البلوغ، فالكتابية عند مالك، رحمه الله، وفي رواية عند الشافعية والحنابلة عليها الإحداد كما أن عليها العدّة.
وعند الأحناف وفي قول آخر لمالك لا إحداد عليها لقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر... إلى آخر الحديث، والكتابية لا يشملها الحديث.
والصغيرة عند الجمهور عليها الإحداد، ويرى أبو حنيفة عدم الإحداد.
