عادي
الاختيار الخطأ وعدم الوضوح.. في مقدمة الأسباب

الطلاق المبكّر نهاية طبيعية لحياة زوجية مضطربة

01:21 صباحا
قراءة 7 دقائق
الطلاق المبكّر نهاية طبيعية لحياة زوجية مضطربة

تحقيق: أمير السني

الطلاق المبكّر ظاهرة تهدد كيان الأُسر، وتخلّف ذاكرة سيّئة لدى الشباب المقبلين على الزواج، بوجود تجارب فاشلة لم تستمر أكثر من عامين، أو بضعة أشهر، أو أيام. كما أن المرأة المطلقة مبكراً تطاردها تداعيات الطلاق، وتخرجها من المنافسة في اختيار الزوجة، ويتأثر الأطفال، نفسياً ومعنوياً، في حال نتجت عن الطلاق المبكر حالات ولادة. وأرجع عدد من الأخصائيين الاجتماعيين الطلاق المبكّر لأسباب عدة، بينها عدم التفاهم أحياناً، وأحياناً أُخرى بسبب اختلاف منشأ كل منهما، أو تربيته، وأحياناً لعدم احترام الزوج لزوجته، أو لتدخّل أسرة أيّ طرف ضد الطرف الآخر، أو للتعبئة المضادة تجاه الآخر، أو لاختلاف مستوى التعليم، بما يُحدث نوعاً من الغرور، أو شقة التفاهم، وهما لا يزالان في بداية الطريق.

سجلت المحاكم الاتحادية الابتدائية في الدولة، في الشارقة وعجمان وأم القيوين والفجيرة، العام الماضي، 626 حالة طلاق، تمثل الحالات المثبتة التي لم يصدر الحكم فيها من قاضٍ.

وشهدت حالات الطلاق، العام الماضي، ارتفاعاً طفيفاً مقارنة بعام 2022، الذي شهد تسجيل 596 طلاقاً في أربع إمارات، فيما ارتفع عدد عقود الزواج العام الماضي إلى 3860، مقابل 3703 عام 2022.

وأظهرت إحصاءات حالات الطلاق، بحسب مدة الزواج، العام الماضي، تسجيل حالات طلاق بعد زواج استمر عامين، وأخرى لمدة عام، وحالات لم تكمل شهراً على عقد القران.

وسجلت محاكم الشارقة وعجمان والفجيرة وأم القيوين، 40 طلاقاً بعد زواج عامين، حيث شهدت الشارقة 23 طلاقاً، وعجمان 11، والفجيرة 5، وحالة واحدة في أم القيوين.

وشهدت محاكم الشارقة 35 طلاقاً بعد زواج استمر عاماً واحداً، تليها الفجيرة 17، وعجمان 11، وأم القيوين طلاقين.

وسجلت محاكم الفجيرة أعلى حالات الطلاق بعد زواج ستة أشهر، حيث سجلت 4 حالات. بينما سجلت محاكم الشارقة طلاقين، وشهدت محاكم عجمان طلاقاً واحداً.

أما حالات الطلاق بعد زواج استمر شهراً واحداً فقط، فكانت أعلاها في عجمان وهي 7، وطلاقان في الشارقة والفجيرة، وطلاق واحد في عجمان.

وشهدت الشارقة وعجمان طلاقاً واحداً لزواج استمر أسبوعين، وعجمان طلاقاً واحداً بعد زواج لأسبوع واحد فقط.

تراكمات

توضح مريم القصير، مديرة إدارة التثقيف الاجتماعي في دائرة الخدمات الاجتماعية بالشارقة، أن هنالك عوامل عدة، تسهم في حدوث طلاق مبكّر بين الأزواج، من بينها اختلاف القيم والاهتمامات والأهداف بين الزوجين، ما يؤدي إلى صعوبة في الحياة المشتركة. كما أن التوتر والصراعات المتكرّرة والمستمرة، والتراكمات التي ينقطع فيها الحوار بينهما، قد تتسبب بالانفصال، أو حدوث الطلاق.

مريم القصير

وهنالك أسباب أخرى، منها ضعف التواصل الفعّال، وفشل التواصل الجيد، وفهم احتياجات الشريك الآخر، وتراكم المشكلات، منها المالية، وعجز الزوج عن تحقيق المتطلّبات الأسرية، والاختلاف في أسلوب الصرف المالي، ما يؤدي إلى حالة من التوتر. فضلاً عن المشكلات، الصحية والنفسية، أو الجسدية التي تؤثر في القدرة على الحفاظ على العلاقة الزوجية.

وعدم التوازن بين الأدوار داخل الأسرة في تربية الأبناء له تأثير كبير في إحداث توتر داخل المنزل. كما أن ضغوط الحياة العملية، مثل العمل والالتزامات اليومية، قد تؤثر في الوقت المخصص للحياة الزوجية، بجانب عدم الاستعداد للتغيير، والقدرة على التكيّف مع التغيرات.

ورأت، أن الخيانة الزوجية يمكن أن تكون سبباً مؤلماً لانهيار العلاقة، ويرجع ذلك بسبب نقص الدعم العاطفي.

ولاستمرار الحياة الزوجية هنالك معايير مهمة، مثل التواصل الجيّد، والصراحة بين الأزواج، والاحترام المتبادل، والثقة، والتفاهم والتسامح.. إلى جانب القدرة على التعامل مع التحديات، وحلّ المشكلات بالتشارك، وهذه المعايير تسهم في بناء علاقة زوجية صحية ومستدامة.

ويعدّ التداخل الأسري والعادات والتقاليد مؤثرات في الحياة الزوجية، حيث إن ضغوط الأسرة له تأثير في العلاقة الزوجية، ولكن في الوقت نفسه، لا يلقى اللوم عليهما، إذ إن التداخل الأسري والعادات والتقاليد بصورة عامة، تساهم بصورة كبيرة في تماسك النسيج الاجتماعي.

كما هنالك أسباب عاطفية، من بينها أن يواجه الزوجان صعوبات في التوافق الجنسي، وهو سبب مباشر في تدهور العلاقة، وقد يؤدي إلى فتور في العلاقة الزوجية. وحدوث خلل في أي ركن من أركانها قد يؤدي إلى الفشل، فضلاً عن أن اختلاف الخلفيات الثقافية، أو التوجهات الدينية قد تسبب توتراً إضافياً، وهو ينعكس سلباً في عدم التوافق في التصورات المستقبلية.

وأهم نقطة يمكن أن تمنع الطلاق المبكّر، هي تعزيز التواصل المفتوح والحوار بين الزوجين، ومن ثم اللجوء إلى حل الخلافات بشكل بنّاء، ومحبة، لضمان عدم الوصول للتراكمات مستقبلاً، واستثمار الوقت في أنشطة مشتركة تعزز الترابط بينهما، وتقديم الدعم المعنوي والعاطفي في اللحظات الصعبة، والعمل على تعزيز الثقة المتبادلة واحترام الحدود الشخصية، والاعتماد على التفاهم والتسامح في التعامل مع الاختلافات والتحديات، والبحث عن مساحة للفردية والهوايات الشخصية أيضاً.

بدائل

يشير المتخصّص الاجتماعي عيسى البلوشي، إلى أنه لا بدّ من الإدراك أن الحياة الزوجية لا تخلو من المشكلات، ومن ثم لا بدّ من البحث عن حلول بدلاً من الوقوف عندها، وأن نتعامل معها بعقلانية وجدية، حتى نتجنّب تفاقمها.

عيسى البلوشي

ويمكن أن تشمل الحلول لمشكلات الطلاق المبكّر، العمل على تعزيز التواصل، وفهم احتياجات الشريك، وتطوير مهارات حل المشكلات والتفاهم المشترك والتسامح والتغاضي عن الخطأ، والعمل على بناء الثقة والاحترام المتبادل، وهذا يتطلب الحفاظ على الثقة بين الشريكين، وبناء أساس قوي للعلاقة، بالالتزام بالوعود والاحترام المتبادل.

ويجب أن يكون هناك تواصل فعّال ومفتوح وصادق بين الشريكين، لمناقشة المشكلات والتحدث عن الاحتياجات والتوقعات، والبحث عن الحلول لمشكلات الطلاق المبكّر التي تختلف بحسب الحالة والأوضاع الفردية.

ومن الحلول في التعامل مع التوترات الأسرية، بشكل صحيح، لكونها مؤثرة في العلاقة الزوجية، التفاهم والتعاون في حل المشكلات، والاهتمام بالصحة العقلية والعاطفية للشريكين، والعمل على تقوية العلاقة بالاسترخاء، وممارسة التمارين الرياضية والتأمل.

ومن أحد الحلول المهمة للتعامل مع أسباب الطلاق المبكّر، البحث عن المساعدة المهنية في بعض الأحيان، فقد يكون من الضروري اللجوء إلى مستشار زواجي، أو أخصائي علاقات زوجية، للحصول على الدعم والنصح والإرشاد والتعامل السليم مع المشكلة.

تفاهم

توضح ياسمين الخالدي، مستشارة العلاقات الأسرية والتربوية والنفسية، أن للطلاق المبكر أسباباً كثيرة جداً، من أهمها الرجاحة العقلية، والتوازن الفكري للزوجين، ثم تأتي أمور أخرى، تشمل الجوانب النفسية والمادية، وتدخّل الأهل وانعدام التفاهم والانسجام، وكذلك قد يكذب أحد الطرفين، أو كلاهما، خلال الخطوبة أو بعدها، فينصدم الشريك بواقع مختلف.

ياسمين الخالدي

وقد يصاب أحد الزوجين بأمراض ومشكلات نفسية لم تعالج، وتدخّل الأهل المباشر أحد أهم أسباب الطلاق المبكّر، خصوصاً إذا كان تدخلاً سلبياً.

وتضيف: في بداية الحياة عادة ما يصطدم العروسان بمسؤوليات الحياة الزوجية، التي تختلف تماماً عن حياتهما في كنف الأسرة، ورعايتها، ولهذا على المتزوجين حديثاً، أن تكون بينهم مصارحة حقيقية، وصدق قبل الزواج. كذلك يجب أن تكون لديهم ثقافة واطّلاع على المقالات والندوات التي تعنى بتثقيف الخاطبين أو المتزوجين حديثاً. ومن المهم اللجوء إلى المتخصّصين لمساعدتهم في حل المشكلات التي تواجههم، خصوصاً بداية الزواج. ومهم جداً اختيار شريك متكافئ، نفسياً وثقافياً وفكرياً ومادياً.

وتقول: ندرك تماماً أن الآثار السلبية لا تتوقف عند حد الطلاق، بل تبدأ، حيث تؤثر هذه التجربة الفاشلة في حياة الطرفين، خصوصاً الزوجة التي قد ترفض الزواج مرة أخرى، خوفاً من تكرار الفشل، وبعضهنّ يعتقدن أن الزواج تقييد للحريات، ويفضلن لقب مطلّقة على الارتباط مرة أخرى. كما يعاني الطرفان الشك والقلق الدائم.

مسؤوليات

وتوضح ياسمين: يعاني الأزواج المطلقون كُلفة مالية كبيرة ترتبت على الزواج، والطلاق السريع، أغلبها ديون بنكية لتجهيز متطلبات الزواج الذي لم ينعموا به.

وقد يتبين للأزواج، بعد الزواج، أن هناك عدم تناسق في الشخصيات، أو الاهتمامات، ما يجعل من الصعب عليهم بناء حياة مشتركة مستدامة، وقد يكون الزواج مصدراً لتوقعات كبيرة، وعندما لا تلبي الواقع هذه التوقعات، قد يحدث التوتر والانفصال، وذلك يرجع إلى ان الزواج قد يكون ناتجاً عن عواطف سطحية، أو تفاهمات غير واضحة، وعندما تظهر الصعوبات، يمكن أن يكون الزوج غير قادر على التحمل، وفي بعض الحالات، يمكن أن يكون الزواج نتيجة لقرارات مستعجلة، أو غير مدروسة، وعندما تظهر الصعوبات، يكون الانفصال هو الخيار الواضح. ولمواقع التواصل والتكنولوجيا الحديثة سبب في انعدام التواصل الحقيقي بين الأزواج.

وتؤكد ياسمين، أن الضغوط الخارجية من الأسرة، أو المجتمع، تؤثر في الزواج، وتدفع إلى اتخاذ قرار الانفصال، وفي هذه الحالات، يكون من المهم فهم الأسباب التي أدت إلى الانفصال، والعمل على التعافي العاطفي والشخصي. وقد يكون التحدث مع محترفين في مجال العلاقات أو النفسية مفيداً للأفراد الذين يمرّون بتجربة الطلاق في بداية الزواج.

حلول

يقول عبد الرحمن النقي البستكي، المستشار الإعلامي، عضو جمعية الاجتماعيين الاماراتية، إن الباحث عن أسباب الطلاق المبكّر يجد أهمها فشل التكيّف والتقارب بين الزوجين، فحينما تتوالد الأزمات والمشكلات، ولا تُعرف كيفية حلها بأسلوب صحيح قائم على الخيارات والرغبة في الاحتواء، فإن الطلاق سيكون هو الخيار الوحيد.. وقد أحلّه شرع الله، درءاً لمشكلات أكبر، وهذه سنّة الله في خلقه.

عبد الرحمن نقي

فعندما يكون هناك انعدام للتفهم والاحترام المتبادل، يمكن أن يكون الطلاق المبكّر نتيجة لعدم القدرة على التعايش الصحيح، إذ إن الطلاق المبكّر يشير إلى حدوث انفصال زوجي رسمي، قبل تحقيق استقرار العلاقة الزوجية. ويمكن أن يكون الطلاق المبكّر نتيجة لعوامل عدة، منها أن الشريكين قد يكونان غير قادرين على التكيّف مع تحديات الحياة الزوجية بشكل صحيح، ويمكن أن يؤدي هذا إلى انهيار العلاقة.

وهنالك ضغوط كبيرة من الحياة اليومية، مثل الضغوط المالية، أو العملية، وهذا يمكن أن يؤثر سلباً في العلاقة. كما أن اختلافات في القيم والتوقعات بين الشريكين يصعب التغلب عليها، وعدم القدرة على التحدث وفهم احتياجات الشريك الآخر، يمكن أن يؤدي إلى تراكم المشاكل وانهيار العلاقة.

وقد يكون الطلاق المبكّر حلاً في بعض الحالات، عندما يكون الانفصال الواعي والمسؤول هو الخيار الأفضل للأفراد المعنيين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/28evtzdv

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"