عادي

الشارقة.. مدرسة المسرح العربي

23:35 مساء
قراءة 6 دقائق
مشهد من مسرحية «تكنزا.. قصة تودة»

الشارقة: علاء الدين محمود

أكثر ما يميّز الحركة المسرحية في الإمارات، هو ذلك الفعل المستمر طوال العام، من أنشطة ومهرجانات مستمرة، استقرت في التقويم السنوي وصارت لا تعرف الغياب، الأمر الذي جعل الحراك على مستوى «أبو الفنون»، متوهجاً لا يعرف الكسل، أو التثاؤب. فما أن يسدل الستار على نهاية مهرجان مسرحي، إلا وينطلق آخر جديد، لا يقدم العروض فقط، بل الرؤى والأفكار من خلال الندوات، والمؤتمرات، والملتقيات النقدية، ويرفد الساحة بعدد من المواهب الجديدة.

الصورة

في الشارقة، نجد أن الإمارة التي عُرفت بالثقافة والأدب، قد وضعت أولوية خاصة للنشاط المسرحي بحيث يصبح مستمراً على مدار السنة، برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ودعمه المتواصل، ورؤاه وأفكاره من أجل تطوير الفعل المسرحي والإبداعي في الإمارة.

وذلك الأمر أكّده عدد من المسرحيين الإماراتيين الذين تحثدوا إلى «الخليج»، مشيدين بالنشاط المسرحي في الدولة، وبالاهتمام الكبير الذي ظل يوليه صاحب السمو حاكم الشارقة للحركة المسرحية.

تطور

الفنان عبد الله مسعود، شدد على أن الحراك المسرحي الإماراتي يشهد تطوراً كبيراً، في جميع تفاصيله ومفرداته، معرباً عن أمله بأن يتسع الاهتمام بالمسرح بصورة أكبر عمّا هو موجود، مشيراً إلى الدعم الكبير الذي يجده «أبو الفنون» من قيادات الدولة، ومؤسساتها الثقافية، حيث إن المسرح في الدولة يزدهر في ظل تراجع كبير في العديد من البلدان العربية التي اشتهرت بالمسرح.

وذكر مسعود أن الشارقة تهتم بالمسرح بصورة مباشرة، بواقع الفعاليات المسرحية المتعددة والمتنوعة، مثمّناً الجهود الكبيرة التي ظلت تقوم بها إدارة المسرح في دائرة الثقافة في الشارقة، الأمر الذي كان له انعكاساته الكبيرة في الفعل الدرامي والمسرحي، حيث إن هنالك العديد من أشكال الفرجة تقدمها المهرجانات المتنوعة، والمختلفة في تخصصاتها واهتماماتها، مثل «كلباء للمسرحيات القصيرة»، و«دبا الحصن للمسرح الثنائي»، و«المسرح الصحراوي»، و«المسرح الخليجي»، و«مهرجان الطفل»، و«المسرح المدرسي»، و«المسرح الكشفي»، إضافة إلى المهرجان الأكبر والمتمثل في «أيام الشارقة المسرحية»، فضلاً عن الندوات والفعاليات المصاحبة للعروض، والتي تزخر بها تلك المهرجانات.

وأكد مسعود أن أهم ما يميز ذلك الزخم هو أن الفرق تجد ضالّتها في تنوّع هذه المهرجانات، فهناك فرق لها اهتمام خاص بنوع معيّن من العروض، مثل الثنائي، أو الفعل الدرامي الشعبي، وبالتالي، فإن هذا التنوع يلبّي رغبات وحاجات تلك الفرق.

مكانة

وأشار المخرج إبراهيم سالم، إلى أن المسرح الإماراتي وصل إلى مكانة مميزة، وصار من أهم المراكز المهتمة ب«أبو الفنون» في العالم العربي، بفضل الاهتمام الكبير والرعاية والدعم من قبل صاحب السمو حاكم الشارقة، الداعم الأول للمسرح في العالم العربي، وكذلك ما ظلت تقوم به إدارة المسرح في دائرة الثقافة في الشارقة، من تنظيم، ورؤى، وأفكار كانت لها ثمارها في الحراك المسرحي، الإماراتي والخليجي والعربي.

وأشار سالم إلى أن الحراك المسرحي المستمر صار يميز الواقع الثقافي في الدولة، وصارت هنالك مهرجانات تخرّج أجيالاً من نجوم المسرح، مثل «المسرح المدرسي»، و«كلباء للمسرحيات القصيرة»، التي صارت أكاديمية لتخريج المسرحيين في مختلف التخصصات، لما تحفل به من ورش ودورات تدريبية، كما أن هناك فعاليات تؤكد المكانة الراسخة للمسرح الإماراتي مثل «أيام الشارقة المسرحية»، و«الشارقة للمسرح الخليجي».

ولفت سالم إلى أن هنالك مهرجانات متخصصة، وتعبر عن رؤى وأفكار، مثل مهرجان «دبا الحصن للمسرح الثنائي»، الذي يقوم على فكرة ممثلين اثنين داخل العرض، وهناك مهرجان «الشارقة للمسرح الصحراوي»، الذي نظم من أجل اكتشاف فضاء جديد ل«أبو الفنون»، والخروج عن مسرح التقليدي، أو «العلبة الإيطالية»، ما يؤكد أن كل مهرجان مسرحي تقف خلفه رؤية أو فكرة معينة، ما يثري الحركة المسرحية في الدولة.

تحدٍّ

بينما أكدت المخرجة إلهام محمد، أن الإمارات بفضل المهرجانات المختلفة والمستمرة، صارت من الدول الكبيرة في مجال المسرح، مشيرة إلى أن الشارقة باتت تعُرف بالممارسات المسرحية المتعددة، والأفكار التي من شأنها أن تدفع بالواقع المسرحي إلى الأمام، حيث ظل «أبو الفنون» في الدولة يحظى بالرعاية من المؤسسات الثقافية، الخاصة والحكومية، وباهتمام الجمهور المتابع للعروض المتنوعة في تلك المهرجانات والمناسبات الكبيرة في الدولة.

وذكرت إلهام أن العمل المسرحي المستمر عبر الفعاليات والمهرجانات التي تقام على مدار السنة، يخلق في الممثلين والمخرجين والكتاب والفنيين والفرق المختلفة، التحدي الكبير واللازم من أجل إنتاج عروض مسرحية جيدة ومبتكرة، وهذا ما يحدث في جميع المهرجانات، وبصورة خاصة «أيام الشارقة المسرحية»، ذلك الحدث الكبير والمختلف والذي يحظى بمتابعة كبيرة من قبل الجمهور، والنقاد، داخل الدولة، وخارجها.

تنوع

«أنا من أنصار هذا التعدّد والتنوّع في الفعل المسرحي الإماراتي»، هكذا تحدث المخرج والكاتب المسرحي صالح كرامة، مشيداً بالنهضة الكبيرة التي تشهدها الدولة في مجال «أبو الفنون»، من خلال المهرجانات والأنشطة والفعاليات المسرحية المستمرة، والتي صنعت واقعاً متميزاً.

ولفت كرامة إلى أن الحراك المستمر للمهرجانات والأنشطة المسرحية خلق قاعدة ل«أبو الفنون»، من الجمهور المتعطش للعروض، حيث أسهم الفعل المسرحي في رفع ذائقة الجمهور المسرحية، ما يعني أن الغرض من تنوع المهرجانات واستمرارها قد حقق الهدف المقصود، وهو أن يأتي الجمهور للمسرح من أجل المشاهدة.

وأوضح كرامة أن اهتمام الشارقة بالمهرجانات المختلفة صنع كذلك رصيداً كبيراً لدى الممثلين والمخرجين والكتاب، والعاملين في مختلف مفردات العمل المسرحي، كما أنه رفع القدرات لدى الفرق، وذلك الأمر يتضح من خلال المشاركات الخارجية التي باتت تنال فيها الإمارات الجوائز المسرحية المختلفة.

كرنفال

لم ينصرم العام الماضي إلا بعد أن اكتملت دائرة جميع المهرجانات والفعاليات المسرحية في الدولة، بينما كانت بداية النشاط في العام الجاري في شهر يناير/ كانون الثاني، بالدورة التاسعة من مهرجان «خورفكان المسرحي»، الذي احتضنته مدينة خورفكان، وانطلقت الفعاليات بمشاركة واسعة من الجمهور من مختلف شرائح المجتمع، بمسيرة كرنفالية تقدمتها المركبات القديمة المزينة بأشكال وألوان مبهجة، تماهياً مع أجواء الحدث الذي يتميز بتعدد وتنوع أنشطته الفنية، وتابع الحضور حتى منتصف ليل الجمعة 21 يناير، مجموعة متنوعة من العروض المسرحية، في ما انطلق في شهر فبراير/ شباط، مهرجان «دبا الحصن للمسرحيات القصيرة» الذي احتضنه مسرح المركز الثقافي لمدينة دبا الحصن، بمشاركة 5 عروض هي: «بعض الأشياء«، لفرقة المسرح الحديث بالشارقة، و«ورقة طلبات«، لفرقة»1+1«،«مصر«، و»أصل الحكاية«، لفرقة مسرح الخليج العربي،«الكويت«، و«معلقات»، لفرقة مسرح أكون،«المغرب«، وكان الختام بالعرض السوري «لقاء»، إضافة إلى عدد من الندوات الفكرية والنقدية.

ثراء

وينتظر جمهور المسرح كل عام انطلاقة متجددة لعدد من الفعاليات والمهرجانات المسرحية، لعل أبرزها مهرجان «الشارقة للمسرح المدرسي»«، الذي يعتبر أحد الأنشطة التي تعمل على ترقية وتنمية شخصية الطفل، حيث يحتفي بالمسرحيين «الصغار» في المدارس الابتدائية والثانوية، وتضم فعالياته العديد من الورش التدريبية والمحاضرات، وهناك مهرجان «الإمارات لمسرح الطفل»، الذي يهتم كذلك بالأطفال، وإثراء أذواقهم، وطرائقهم في التلقي، والتقييم، والنقد، وأيضاً مهرجان «المسرح الكشفي»، الذي يعمل على نشر وتعزيز الثقافة المسرحية في المجتمع.

منصة

من الفعاليات التي تكتسب أهمية خاصة مهرجان «كلباء للمسرحيات القصيرة»، الذي بات منصة للعروض التي يتم اختيارها من روائع الأدب العالمي، والورش التدريبية على عناصر العرض المسرحي المختلفة، ومن أهم الفعاليات التي باتت تحتل مكانة كبيرة في الحراك المسرحي في الدولة مهرجان «الشارقة للمسرح الصحراوي»، تلك المنصة التي تسعى لاستكشاف وإظهار الصلات الكائنة والممكنة بين أشكال التعبير الأدائي والسردي التي تعمر الصحراء، وفن المسرح، إضافة إلى مهرجان «الشارقة للمسرح الخليجي»، وهو تظاهرة مسرحية تنظم كل سنتين ويعمل على إبراز التجارب المسرحية الخليجية المبتكرة والمتميزة.

تظاهرة

يعد مهرجان «أيام الشارقة المسرحية»، الذي تجري عروضه وفعالياته الآن، بمشاركة 12 عرضاً، أهم حدث مسرحي في الدولة، بل وعلى مستوى العالم العربي، وانطلقت دورته الأولى، في عام 1984، ويعد اليوم من أكبر التظاهرات المسرحية العربية، ويهدف إلى المساهمة في تنشيط وتطوير الحياة المسرحية، من خلال عروض مميزة في القضايا والمعالجات الفنية، ونشر الوعي المسرحي من خلال الندوات والملتقيات الفكرية والفنية، وتحليل ومناقشة الأعمال المسرحية، كما تعتبر الجوائز التي يقدمها هي الأكبر في مجال «أبو الفنون» في الإمارات، ويشير الفنان عبد الرحمن الملا إلى أن «الأيام»، هو المنصة الأبرز والتي شهدت العديد من الممارسات المسرحية المبتكرة منذ انطلاقته وظل في تطور مستمر، كما أن العروض التي قدمها المهرجان شاركت في مناسبات عربية خارجية، ونالت الكثير من الجوائز، وإضافة إلى المسرحيات التي تقدم في هذا العرس الثقافي الكبير، هنالك الندوات الفكرية التي تشهد حضور كبار المشتغلين بالمسرح في العالم العربي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc4umn2s

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"