«أبو الفنون».. رؤية تنموية

00:03 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. باسمة يونس*

يشغل المسرح حيزاً كبيراً في المشهد الثقافي الإماراتي، بحيث نستطيع القول إن الإمارات أصبحت مركزاً لصقل الخبرات في هذا الفن، بلا منافس.

وكما لعب المسرح دوراً مهماً عبر التاريخ القديم، كشكل من أشكال الترفيه، وسرد القصص، والتعبير الثقافي، لعب دوراً حديثاً كوسيلة للتعليق على القضايا المجتمعية، وتوفير مساحة لمناقشة التغيير والتحولات العالمية.

وتميز المسرح الاماراتي عن غيره لأنه اعتبر مشروعاً ثقافياً مرتبطاً بالتقدم، وسخّر له الدعم المادي والأدبي كوسيلة لتعزيز التواصل، والتعاون، والتعاطف، وزرع الثقة والتسامح، بين الناس، وتشجيعهم على فهم وجهات نظر الآخرين، والارتباط بها بشكل أفضل.

ولعب الاهتمام القيادي بالمسرح في الإمارات، دوراً مهماً في تشجيع الارتقاء بالبنية التحتية لتوطيد وتحفيز حضوره من إنشاء المؤسسات والمسارح والمرافق النوعية وإطلاق الجوائز والمهرجانات المسرحية التي أسهمت بدورها في ترسيخ قاعدة جماهيرية واسعة، تهتم بحضور المسرح، وتشكيل مجموعات، فنية وأدبية منتجة لهذا الفن على مدار العام.

وبذلت مبادرات سلسلة المهرجانات التي تتصدّرها «أيام الشارقة المسرحية» جهداً عظيماً، أسهم في وضع معايير المسرح الجاد، والذي يقام في الإمارات وترسيخ قواعده والاحتفال به، وبرواده، وكل من له دور فيه، من الممثلين والمنتجين والمخرجين والأدباء والنقاد، وغيرهم، كما رسخ وجود «جمعية المسرحيين الإماراتيين»، و«الهيئة العربية للمسرح» أهمية هذا الفن وقيمته الأدبية والفنية في الثقافة الإماراتية، وفي حفز التنمية البشرية والمجتمعية، على مدار السنين، والاستفادة من قدرته على تطوير الثقة الضرورية للنجاح والتقدم والتسامح والعطاء اللا متناهي.

واحتضنت الإمارات، إلى جانب العروض المسرحية الملتقيات الفكرية والندوات وتبنت إصدار العديد من المؤلفات في المسرح، من نصوص ودراسات نقدية ومجلات وغيرها، وهذه بدورها كانت وسيلة ناجحة في تطوير مجموعة واسعة من المهارات الأدبية والاجتماعية التي أفادت الكثيرين في العديد من جوانب الحياة المختلفة، وحققت مزيداً من التقدم في المجتمع المقبل على مستقبل متغير.

وليس صعباً على أحد إدراك نتائج المسيرة الإماراتية الثقافية الحافلة بالمنجزات، خصوصاً في مجال المسرح، فما وصلت إليه في هذا المجال من نجاح كانت قاعدته الأساسية الدعم القيادي والشغف المستدام الذي حمله الفكر القيادي والابداعي للمغفور له مؤسس الدولة، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، منذ قال «إن تعليم الناس وتثقيفهم في حدّ ذاته ثروة كبيرة نعتز بها، فالعلم ثروة، ونحن نبني المستقبل على أساس علمي»، وبنى رؤية الدولة على أسس الثقافة والتعليم، فحققت ريادتها المستدامة إلى اليوم.

وعبّرت مقولة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة «يا أهل المسرح: لقد حملت هموم المسرح على عاتقي، وأعاهدكم بأني سأحملها وإلى الأبد، فإن أخطأت فأرشدوني، وإن وهنت فأعينوني، وإن قضيت فاكتبوا في سيرتي كان رجلاً عاشقاً للمسرح»، عن رؤيته التي وقفت وراء سلسلة مهرجانات مسرحية متنوعة، لا تتوقف على مدار العام، بحيث أصبحت أرض الإمارات مركزاً كبيراً لاحتضان التجارب الجديدة، ومنطلقاً آمنا للمواهب الشابة، ومظلة وارفة لتنمية غراس الإبداع والارتقاء بالمسرح، وذائقة الجمهور إلى أبعد الحدود.

ومن مهرجان أيام الشارقة المسرحية، إلى مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة، والمسرح الصحراوي، والمسرح الكشفي، ومهرجان خورفكان المسرحي، ومهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي، ومهرجان المسرح المدرسي، ومهرجان الشارقة للمسرح الخليجي، ومهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما، ومهرجان مسرح الشباب، والمسرح المدرسي في دبي، يجد عشاق هذا الفن أنفسهم أمام قائمة متع لا تُعد ولا تحصى.

إن التميز الاماراتي لا يتوقف عند دعم المسرح، بل في ترسيخ أهميته في تنمية المجتمع والناس.

* [email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mr3t4fes

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"