القاهرة - إيمان مندور
يترقب قطاع كبير من الجمهور المصري والعربي المسلسل الجديد «الحشاشين»، المنتظر عرضه في موسم رمضان 2024، من بطولة النجم كريم عبد العزيز وإخراج بيتر ميمي. والذي يتناول تاريخ حركة الحشاشين الشهيرة، إحدى أشهر حركات الاغتيال التاريخية المتعللة والمتخفية خلف نوازع دينية.
ويعتبر مؤرخون أن حركة الحشاشين أخطر حركة سرية شهدها العالم، وأكثرها غموضاً أيضاً، نظراً لما كان لها من تأثير واسع النطاق داخل المجتمع إبان فترة بالغة التعقيد بين مختلف دول العالم الكبرى آنذاك.
- ما تفاصيل المسلسل؟
«الحشاشين» مسلسل تاريخي تقع أحداثه في القرن الحادي عشر، في شمال بلاد فارس. وهو مكون من 30 حلقة تُعرض على مدار شهر رمضان الفضيل. العمل من بطولة كريم عبد العزيز، فتحي عبد الوهاب، نيقولا معوض، ميرنا نور الدين، أحمد عيد، إسلام جمال، نور إيهاب، سوزان نجم الدين، وعدد كبير من الفنانين وضيوف الشرف، وهو من تأليف عبد الرحيم كمال، وإخراج بيتر ميمي، وإنتاج شركة سينرجي.
- من هم «الحشاشون»؟
طائفة إسماعيلية نزارية مشرقية، انشقت عن الفاطميين لتدعو إلى إمامة نزار بن المستنصر بالله، ومن جاء مِن نسله. أسسها حسن الصباح الذي لُقب بـ «شيخ الجبل».
وقد كان حصنهم الحصين قلعة «ألموت» الجبلية، ومعناها ملجأ العقبان لحصانتها ووعورة مسلكها، هي قلعة على مسافة ستين فرسخاً إلى الشمال من قزوين، وقد يسمى أصحابها بالفدائيين؛ لأنهم رتبوا أنفسهم على الفداء، وكانوا يعلمون الأطفال الاستهتار بالموت، ومن أغراضهم ألا يبقوا على وجه الأرض أحداً من خصومهم.
ولم يدخر الحشاشون جهداً في اكتساب سمعتهم المرعبة عبر التاريخ، إذ تميزت هذه الطائفة باحتراف القتل والاغتيال لأهداف متعصبة.
- ما أصل التسمية؟
اختلف المؤرخون حول أسباب تسمية الحشاشين بهذا الاسم، فعزاه البعض إلى الحشيش الذي كان مقاتلو هذه الجماعة يتعاطونه قُبيل عمليات الاغتيال لمعارضيهم، حتى لا يتراجعوا عنها وسط تأثير هذه المادة المخدّرة.
أما البعض الآخر، فعزوا التسمية إلى أن الأصل الاشتقاقي لكلمة الحشاشين هو Assassin، أي «القتلة» أو «الاغتياليون» وهي تسمية كان يطلقها الفرنسيون الصليبيون على«الإسماعيلية» الذين كانوا يفتكون بملوكهم وقادة جيوشهم، ويقال أيضاً إن سبب التسمية يعود إلى كلمة «المؤسسين» نسبة إلى تأسيس قلعة ألموت.
- كيف تم تجسيدها إلكترونياً؟
قصة هذه الطائفة لم تتوقف عند كتب التاريخ، بل امتدت لعالم الألعاب الإلكترونية، حيث تم تحويلها إلى لعبة تسمى «عقيدة الحشاشين» «ASSASSIN'S CREED» والتي تعد واحدة من أشهر ألعاب الفيديو التي صممت في السنوات الأخيرة، وهي من إنتاج الشركة العالمية لنشر وتطوير ألعاب الفيديو (UBISOFT Montreal).
اللعبة مستوحاة من الرواية التاريخية (ألموت - ALAMUT) التي كتبها السلوفيني فلاديمير بارتول. وتدور أحداثها في أحقاب تاريخية مختلفة، متتبعة الصراع بين جماعتين سريتين تشكلتا في القرون الوسطى خلال الحروب الصليبية وهما: الحشاشون ASSASSINS ذوي الأصول العربية، وفرسان الهيكل KNIGHTS TEMPLAR ذوي الأصول الأوروبية. وتقوم أحداثها حول أحد أعضاء طائفة الحشاشين، يتابعه اللاعب وهو ينفذ عمليات اغتيال في أماكن مختلفة.
ومنذ صدور النسخة الأولى من هذه اللعبة في منتصف نوفمبر 2007، حققت نجاحاً تجارياً كبيراً، وحازت لقب «أفضل لعبة أكشن» وأفضل لعبة بلاي ستيشن (3)، واعتبرت أفضل سلسلة ألعاب فيديو في التاريخ، ليس من حيث الإيرادات وكسر الأرقام القياسية وحسب، بل من الناحية التقنية العالية في المؤثرات البصرية والصوتية، وأساليب القتال النوعية، وتجسيد الشخصيات التي وصل عددها إلى 300 شخصية.
- لماذا ينتظر الجمهور مسلسل «الحشاشين»؟
أوضح الكاتب والناقد الفني محمد عبد الرحمن في حديثه لصحيفة «الخليج»، أن مسلسل «الحشاشين» تكلف ميزانية إنتاج ضخمة للغاية، واستمر تصويره لمدة عام كامل، وهي مدة طويلة وغير معتادة للأعمال الدرامية المصرية.
وأشار عبد الرحمن إلى أن هذا المسلسل يعد تحدياً كبيراً للمخرج بيتر ميمي بعد نجاحاته في سلسلة الدراما الوطنية «الاختيار»، التي جذبت الأنظار في السنوات الماضية.
أيضاً «الحشاشين» يخالف السائد في الأعمال الدرامية التاريخية، بحسب محمد عبد الرحمن، فعادة ما يتم تجسيد الشخصيات الإيجابية وتتمركز القصة حولها، مع ظهور بطل سلبي في مواجهتها، بينما في دراما «الحشاشين» يتم تناول فئة إرهابية بحسب الروايات التاريخية المتداولة.
أي أن الفئة التي كان تدور الأحاديث عنها بين المتخصصين فقط، أصبحت متاحة الآن للجمهور العام، لذلك قطاع كبير من الجمهور تعامل باستغراب مع اسم المسلسل، لأنه لم يكن يعلم أن هناك طائفة بهذا الاسم.
وتوقع الناقد الفني أن تكون الحلقة الأولى من «الحشاشين» هي الأكثر مشاهدة بين الحلقات الأولى في موسم رمضان 2024، وأن الجمهور سيصدر أحكامه على المسلسل سريعاً، ربما بعد الحلقة الرابعة أو الخامسة.
- كيف سيتم تناول القصة التاريخية؟
لفت محمد عبد الرحمن إلى أن معظم المؤرخين أشاروا للرواية الأكثر شيوعاً عن تلك الطائفة، وأنها فرقة إرهابية تستخدم أفرادها في الاغتيالات، وذلك بالسيطرة عليهم بمخدر الحشيش. وهناك روايات ضدية، بأنه لم يحدث الأمر بتلك الصورة المتداولة تاريخياً، مضيفاً: «لذا أعتقد أن المؤلف سيتجه لتجسيد الرواية الأكثر شيوعاً، فبالتأكيد الهدف الأساسي هو التحذير من تجنيد الشباب من قِبَل الجماعات الإرهابية».
وبسؤاله عن طريقة التناول الدرامية في المسلسل بين الأحداث التاريخية وخيال المؤلف، أشار عبد الرحمن إلى أن السيناريست عبد الرحيم كمال في معظم تصريحاته حول العمل، رفض الإجابة عن طريقة المعالجة الدرامية في «الحشاشين»، وقرر تركها كمفاجأة للجمهور، وبالتالي أصبح هناك ترقب كبير للعمل.
بينما شدد أندرو محسن على أن الأعمال الدرامية ليست كتاب تاريخ، بل تقدم جانباً من التاريخ أو تستوحي قصصاً منه مع معالجتها درامياً. وعليه، فإن مدى التزام السيناريست بالجانب التاريخي لا يمكن الحكم عليه إلا بعد المشاهدة، لكنه بالتأكيد سيتناول الجوانب الأساسية والمعروفة التي تنطلق منها قصة هذه الطائفة، وربما تكون هناك إسقاطات على بعض الأمور في الحاضر.
- هل ينجح كريم عبد العزيز؟
يجسد النجم المصري كريم عبد العزيز في المسلسل شخصية حسن الصباح مؤسس طائفة الحشاشين، لذلك ازدادت التكهنات حول مدى نجاحه في تجسيد هذه الشخصية المثيرة للجدل.
وفي هذا الصدد، أكد الناقد الفني محمد عبد الرحمن أن كريم عبد العزيز يتمتع بكاريزما ونجومية كبيرة، لكنه أمام تحدٍ صعب في هذا العمل، خاصة أن هناك من لا يقبل مشاهدة المسلسلات التاريخية إلا باللغة العربية الفصحى، لكن بحسب ما شاهدنا في البرومو فإنه تم الاعتماد على اللهجة المصرية، وهو ما تعرض الفنان خالد النبوي لانتقادات بسببه في الموسم الرمضاني الماضي، في مسلسل «رسالة الإمام»، حيث ازدادت الملاحظات حول طريقة معالجته للظرف التاريخي الذي عاش فيه الإمام الشافعي، وكذلك اللهجة.
وأضاف: «نتمنى أن يتخطى كريم عبد العزيز حاجز اللهجة، خاصة أن هناك عنصر جذب كبير وهو أن كريم ليس وحده الذي يتصدى لهذا العمل، بل هناك مجموعة كبيرة للغاية من الممثلين الذين يدخلون في سباق كبير، مثل المخضرم فتحي عبد الوهاب بشخصية نظام الملك، ونيقولا معوض في شخصية عمر الخيام.. وغيرهم من الفنانين».
- ترقب جماهيري
ومن جانبه، أوضح الناقد الفني أندرو محسن في حديثه لصحيفة «الخليج»، أن هناك عوامل كثيرة صنعت حالة الترقب الجماهيري تجاه المسلسل بخلاف قصته التاريخية المثيرة، منها الإنتاج الضخم، والنجوم المشاركون، إضافة للمخرج بيتر ميمي، فلديه نجاحات كثيرة سواء في السينما أو التلفزيون، وأصبح لديه قاعدة جماهيرية كبيرة لا يمكن إنكارها.
وتابع أن الأمر ذاته يتعلق بالسيناريست عبد الرحيم كمال، فمنذ بداياته وهو يقدم أعمالاً مختلفة؛ بعضها حقق نجاحات كبيرة مثل «ونوس»، وبعضها لم يحالفه التوفيق، حتى عاد بنجاح كبير لمسلسل «جزيرة غمام»، وبالتالي هناك ترقب لعمله الجديد.
وتابع: «في قطاع كبير مهتم بالمسلسل أيضاً، هو مجتمع محبي ألعاب الفيديو، لأن قصة الحشاشين قامت بناءً على أحداثها سلسلة ألعاب إلكترونية شهيرة للغاية، ولا يزال يصدر عنها نسخاً حديثة، وبالتأكيد سيكون لديهم فضول تجاه المسلسل».
على الجانب الآخر، لم يتوقع أندرو محسن أداءً معيناً لكريم عبد العزيز، فهو نجم موهوب ومحبوب للغاية، على حد تعبيره، لكنه بمفرده لن يكون عامل نجاح المسلسل، والدليل على ذلك هو مسلسلاته السابقة قبل «الاختيار»، والتي لم تحقق النجاح المطلوب رغم قلة عددها، مثل «الزيبق»، وذلك على خلاف نجاحاته الكبيرة في السينما.
