الماضي قد يكون سبب تعاستنا أحياناً.. الكثير من الناس يعانون من الماضي وقصصه وأحزانه وآلامه، بعض الأشخاص يعيدون ويكررون مشاكلهم في الجلسات العائلية أو في مكان الوظيفة أو مع الأصدقاء، يتحدثون عن المآسي والطلاق والفشل والخسارات ويشكون من الماضي، ولكن الحقيقة أن الماضي انتهى، ولا يمكن أن تسمى تجاربنا فشلاً، بل عبارة عن نتائج أنت غير راض عنها. إذا كنت لا تستطيع أن تتكيف مع الحياة، فإنك تحتاج لمعالجة نفسك وروحك والبحث عن طرق التشافي والعلاج، ومما يؤسف أنه يمكن ملاحظة تواجد مثل هذه السلبية في مجتمعاتنا بكثرة، وأقصد اجترار الماضي بأحزانه وويلاته وهمومه، وكم مرة سمعنا في مجالسنا كلمات الندم و«ياريت» و«شعور بالحسرة» أو نحوها من جمل التأسف والندم. وصدق المؤلف مارك هولم عندما قال: «لا تنظر إلى الخلف إلا إذا عزمت المسير في ذلك الطريق».
لذلك معظم الناس يشعرون بعدم جدوى لحياتهم، فيشعرون بالضياع والخوف والقلق ورغبة بالهرب وربما الانتحار والموت، لذلك فإن هؤلاء لا بد أن يقتنعوا في البداية بأن الماضي مكان للمراجعة وليس وسيلة لمحاربة الحياة والوقوف عندها، بل ربما البعض منا يحتاج لحملة تنظيف للماضي وآثاره المضرة. ربما لو سألنا أنفسنا: ما الذي تعلمناه من هذه التجربة؟ ما رأيك لو تبدأ بكتابة جميع الدروس والتجارب التي تعلمتها واعتبرها فرصة ومهارة لتجاوز الصعوبات؟ بل يمكننا أن نجعل من الماضي طريقاً إلى المستقبل، مثل هذه الزلات والسقطات والعثرات قد تواجهنا إما لتواضع خبراتنا الحياتية أو للحظة من التهور والاندفاع، أو لعدم الاستشارة ودراسة المواضيع بشكل متأنٍ ودقيق، وربما لضعف الخبرة والاستعجال في النجاح والرغبة بالتميز عن الأقران والأصحاب، ولكن تلك القرارات الماضية انتهت وأصبحت مجرد دروس ثمينة جداً، يجب تعلمها وتجاوزها وعدم الوقوف عندها، بل إذا كان الماضي ينغص عليك حياتك، فأنت تحتاج لحملة تنظيف واستبدال تلك الذكريات بأحداث أجمل.
إذا خسرت صديقاً لا تحزن، سوف تجد أفضل منه، وإذا حدث انفصال مع الشريك سوف يعوضك الله بشريك، وزوجة أو زوج أفضل، وهكذا. لننظر إلى المستقبل بروح التفاؤل ولتصبح مثل هذه المواقف من الماضي ونراها دروساً مهمة لها أثرها الإيجابي في حياتنا المستقبلية،. ويلي جولي، مؤلف كتاب «تلزمك دقيقة واحدة فقط لتغيير حياتك» يقول:«الماضي هو مكان للمراجعة، وليس مكاناً للإقامة».
