مسيرة لقاء العلوم والمعارف

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

هل تختلف التربية العلمية عن التعليم العلمي؟ لا شك. لكن نهاية المطاف واحدة، لأن البحرين سيلتقيان، في يوم لن يكون صبحه قريباً. سنذهب في التأملات إلى أن أرخبيل جزر العلوم والمعارف قائم أساساً على عدم إحاطة العقل البشري بوحدة العلوم والمعارف. أقصى طموح العلوم هو الاهتداء إلى نظرية الكل، التي تجمع القوى الأربع في واحدة نلخّصها إيمانيّاً في عبارة: «كن فيكون». لهذا يلوح الأمر بعيداً، وربما محالاً. نحن نؤمن بأن البشر لم يؤتوا من العلم إلاّ قليلاً. لكن في الوقت نفسه: «لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون». و: «قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق». أوامر بإطلاق العنان للبحث العلمي.

تأمل الفارق النجومي بين «قليل العلم»، قبل ألف سنة، والأبعاد المحيّرة التي صارت له في العقود الأخيرة. تخوم الكون المنظور تُراوح اليوم بين خمسين وتسعين مليار سنة ضوئية. الأعجب هو أن الإنسان لا يعرف غير 5% من كل المادّة المنظورة، الباقي في نظر العلماء، مادّة سوداء وطاقة سوداء. الدماغ لا يستوعب قطع خمسين مليار سنة ضوئية، في خمسين مليار سنة إذا صارت للإنسان سرعة الضوء!!

وصلنا إلى المقصد، فهذه الأبعاد الكونية لا تكفي المعلومات التعليمية لتعريفها وتوصيفها. مع كل تلك المسافات، الكون يتوسع كل ثانية. كيف سيكون المشهد بعد مئة عام؟ هل ستتغير الفيزياء، التي وصلت إلى طريق مسدود؟ ثم إن علوم الأرض، وعلم الأحياء بخاصة، هي الأخرى مفعمة بالمفاجآت، خصوصاً العلوم العصبية، التي تَعِد بالعجائب في الدماغ البشري. لا بدّ من أن نضيف إلى التربية العلمية أبعاداً معرفية عرفانية، صوفية فلسفية، ما ورائية إلى التعليم العلمي.

ما على مناهج التربية والتعليم وضعه في الحسبان، هو أن فيزياء الكم أخذت تغير حياتنا في البيت والعمل والشارع، في الصحة والترفيه، في الفنون التشكيلية والموسيقى، وحيثما امتلك آدمي جوّالاً أو حاسوباً، ولكن فيزياء الكوانتوم ستغير في مقبل الأيام، المفاهيم الفلسفية: كان محالاً وجود الشيء في مكانين مختلفين في آن. فيزياء الكم أبطلت هذا «الظن»، بفضل جناب الإلكترون. تجاوب الجُسَيْمات يجعلها في تشابك كمومي ولو فصلتها ملايين الكيلومترات.

لزوم ما يلزم: النتيجة التربوية: أليس على المناهج أن تنظر بجدّ إلى المسيرة التوحيدية التي تقطعها العلوم ذات التخصصات المتعددة، والتي ستنتهي بلقاء العلوم والمعارف؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3ehspes4

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"