نحن والمطر أحباب..!

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين

ارتوينا، لعبنا، فرحنا، كما الطفل لا يأبه لبلل ولا صوت رعد أو برق، هي جنود الله في السماء، وهي نعمته في الأرض، تحييها وتنبت فيها الزرع، وهي الحب والاطمئنان في منظر بهي منعش مرتقب.. بالأمس عدنا أطفالاً، وقلوبنا مشتاقة لأن تكون تحت المطر، تبتل وتفرح وحتى تبرد، كنا لا نأبه للريح التي قد تعصف فجأة فنتجمد لثوان، بل كانت المتعة أن السماء بقدرة الله فتحت، وأن المطر كان مستمراً ونحن ندعو الله بأن يجعلها سقيا رحمة وخير.

المطر حب، يذهب الحزن، ويعيد للنفس شيئاً من البهجة، المطر دعاء وسماء فتحت، المطر قصة الوادي الذي يسيل خيراً، ونسأل الله أن يزهر به النفس قبل الأرض.. بالأمس لربما حبسنا في البيوت، وبعضنا لم ينم يرتقب المطر ساعة بساعة، ندعو الله أن يجعله نعمة لا نقمة.. توقف العقل قليلاً عن التفكير، واستمتع بزخات باردة تلامس الخد فتنعشه، وتلامس القلب فتفرحه، وتلامس الروح فتحييها، لم يكن يوماً مضى، بل حلم جميل في سره البديع أننا مهما كبرنا، فإننا لا نزال نحنّ لطفولة المطر، طفولة الجري تحت الماء، والشعور بتلك الوخزة الباردة التي تنتفض لها الأبدان، لتلك المظلة التي نحملها ونتعمد ألا تغطينا حتى نشعر بقطرات الماء تلامسنا وتتغزل بجبيننا، المطر في هطوله كان سحابة زمن توقف، في بعض الوقت، فلا عمل سوى حالة من التأمل والارتواء، واحتساء الشاي، وحضن العائلة، ولمة الأصدقاء، وضحكة الصغار، وسرد الحكايات، ونسيان كل شي إلا أننا والمطر أحباب..!

في المطر، جنود مجهولون، سهروا لكي ننعم بسلاسة والمنخفض الجوي يمر بنا، وعمل الكثيرون في ترقب لحفظ الأرواح والأنفس، وكان الحذر واجباً، حتى لا تتحول النعمة «لا سمح الله» إلى حزن، وهي رسالة: لنجعل نعم الله وسيلة خير لا نفرط بها بالتهور والتسرع فتنقلب علينا أمواجاً من حسرة وقلق، ليبقى الزهو والحب وسعادة الوقت القليل، في شتاء يودعنا هو ما نتذكره، وحتى عندما ستشتد موجة البرد، سيأتي رمضان فتدفأ قلوبنا طاعة، وصلاة وعبادة، تقرباً وارتياحاً، فلا يبقى فينا إلا القليل الذي سنرميه عند باب الله، الله الذي يرزقنا المطر لندعوه، وأهدانا الصلاة حتى نكون بين يديه، وعلمنا المناجاة حتى نتحدث إليه، وسلمنا لرمضان لنكون أقرب إليه، وعنده ترمى كل الأثقال ولن تبقى بإذنه. كل عام وأنتم في نعم الله متقلبون، وفي أمطاره مباركون، محبون، وكل عام ونحن ندعو الله أن يكون الحال أفضل من الحال، وأن يرزقنا المطر ولا يجعلنا من القانطين، الحمد لله والفضل لله، وليبقى الغد رسالة للأمس.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/vbtxhper

عن الكاتب

مؤلفة إماراتية وكاتبة عمود أسبوعي في جريدة الخليج، وهي أول إماراتية وعربية تمتهن هندسة البيئة في الطيران المدني منذ عام 2006، ومؤسس التخصص في الدولة، ورئيس مفاوضي ملف تغير المناخ لقطاع الطيران منذ عام 2011

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"