عادي
قادر على نيل ما يريده.. ويبدو وكأنه «الرجل الأقوى» على الإطلاق

هل يفضل بوتين بايدن في «العلن» وترامب في «السر»؟

18:17 مساء
قراءة 6 دقائق
1

الخليج - متابعات

لا يشك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نجاحه في الاستحقاق الرئاسي المقبل بعد أيام، لكن الانتخابات التي يترقب نتائجها باهتمام، ومن شأنها التأثير حتماً في سياسته، هي تلك التي ستحصل بعد ثمانية أشهر في الولايات المتحدة، وهي انتخابات الرئاسة الأمريكية التي من المقرر أن تجري في 5 نوفمبر 2024.

في العلن، قال بوتين إنه يفضّل الرئيس جو بايدن على سلفه والطامح بخلافته دونالد ترامب.

لكن مراقبين يرون أن بوتين يعني العكس تماماً آملاً أن يمنح خياره هذا دفعاً قوياً للمرشح الجمهوري.

وسبق لترامب أن أبدى إعجابه ببوتين، وصبّ جام غضبه على حلف شمال الأطلسي (الناتو) وتباهى بقدرته على إنهاء الحرب في أوكرانيا، التي اندلعت قبل عامين، في يوم واحد.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يفضل بوتين بايدن في «العلن» وترامب في «السر»؟

1

أنصار ترامب

يعرقل أنصار ترامب في الكونغرس، والذين يستحضرون نزاعاً غير ذي صلة بالهجرة، إقرار مساعدة عسكرية بقيمة نحو ستين مليار دولار لصالح أوكرانيا التي تنفد ذخيرة قواتها في ساحة القتال.

في خطابه السنوي عن حالة الاتحاد الخميس، انتقد بايدن تصريحات ترامب الذي قال إنه يشجّع بوتين على «فعل ما يريده» في حال لم تفِ أي من الدول الأعضاء في الناتو بالتزاماتها المالية تجاه الحلف الذي تقوده واشنطن.

وأضاف: «رسالتي إلى الرئيس بوتين الذي أعرفه منذ زمن طويل، بسيطة: لن نترك الأمور تسقط. لن ننحني ولن أنحني».

ويرجّح ليون آرون الباحث في «أمريكان انتربرايز انستيتيوت»، المعهد المتخصص في دراسة العلاقات الأمريكية الروسية، أن ينتظر بوتين الانتخابات الأمريكية قبل أن يقدم على أي تحرّك جديد، عسكرياً أو دبلوماسياً، بشأن أوكرانيا.

ويقول: «لا أتوقع أي محاولة روسية على غرار شنّ هجوم كبير في أوكرانيا، من شأنه أن يكلفهم عدة مئات الآلاف من الرجال. والسبب هو أن بوتين ينتظر الحصول على صفقة جيدة بثمن بخس».

ولا يستبعد الباحث نفسه أن يمنع ترامب في حال فوزه بولاية جديدة، إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا، و«ستكون علامة الاستفهام الوحيدة حينها إلى أي مدى سيتم دفع أوروبا» إلى زيادة دعمها لكييف.

1

«الرجل الأقوى»

في واحدة من اللحظات التي حصدت انتقادات واسعة النطاق خلال توليه الرئاسة، بدا ترامب وكأنه يشعر بالرهبة خلال اجتماع مع بوتين في هلسينكي، دحض فيه حينها أي سبب لتدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية عام 2016، بخلاف استنتاجات أجهزة الاستخبارات الأمريكية.

وأكدت أجهزة الاستخبارات حينها حصول تدخل روسي لدعم ترامب ضد منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.

وأوضحت فيونا هيل، المستشارة السابقة في البيت الأبيض خلال ولاية ترامب أنها كانت منزعجة للغاية من المؤتمر الصحفي إلى درجة فكرت فيها باختلاق وضع طبي طارئ لوقفه.

وقالت هيل التي قدمت شهادتها في أول محاكمة لترامب، خلال مؤتمر عقده مؤخراً محافظون معارضون لترامب، إن الأخير كان يعتبر بوتين «شخصية بارزة». وأضافت: «إنه شخص قادر على نيل ما يريده ويبدو وكأنه الرجل الأقوى على الإطلاق».

لكنها أقرت في الوقت ذاته بأن ترامب لم يعرقل اتخاذ إجراءات عدة ضد روسيا. ورأت أنه نفسياً كان يود ألاّ يشعر بـ«الإهانة» شخصياً من قبل «نظير» له.

نقطة انقسام حزبية

في الولايات المتحدة، أصبحت العلاقات مع روسيا نقطة انقسام حزبية، في تطور لم يكن في الحسبان قبل عقود من الزمن، حين كان معظم الأمريكيين ينظرون إلى الاتحاد السوفييتي بوصفه التهديد الرئيسي.

وينظر بعض المحافظين إلى بوتين كما لو أنه حارس لما يصفونه بالقيم المسيحية التقليدية.

أكثر عدائية

في شباط/فبراير الماضي، أجرى تاكر كارلسون، مقدّم البرامج الأمريكي المقرب من ترامب، مقابلة مع بوتين، بثّ خلالها مشاهد لمحطة مترو أنفاق في موسكو، قال إنها «أجمل من أي محطة في بلدنا» من دون «رسوم غرافيتي أو روائح كريهة».

وتعرّضت المقابلة لانتقادات واسعة النطاق لافتقارها إلى أسئلة صعبة، حتى أن بوتين نفسه قال إنه توقّع أن يكون كارلسون «أكثر عدائية».

على الصعيد السياسي، تقول شخصيات بينها السيناتور جي. دي. فانس والمسؤول في البنتاغون في عهد ترامب، إلبريدج كولبي، إن روسيا وأوكرانيا تصرفان الانتباه عن تهديد أكثر إلحاحاً تمثله الصين.

وأعلن السيناتور ميتش ماكونيل، المؤيد بشدة لأوكرانيا، أنه سيتنحى من منصبه كزعيم للحزب الجمهوري، مقراً بأن حزبه قد تغير.

صواريخ جافلن

لكن السفير الأمريكي السابق لدى أوكرانيا جون هيربست، والذي يشغل حالياً منصب مدير مركز أوراسيا في «أتلانتيك كاونسيل» يرى أن «مجموعة صغيرة» داخل الحزب الجمهوري هي التي دعمت بوتين في نهاية المطاف.

ويشير إلى أن ترامب وافق على إرسال صواريخ جافلن المضادة للدبابات إلى أوكرانيا، في خطوة قاومها سلفه باراك أوباما، ولم يعارض علناً إرسال مساعدات جديدة إلى كييف.

ويقول: «ثمة بعض الاختلاف بين الأمور التي قالها ترامب، وتلك التي قالها أكثر مساعديه حماسة»، من دون أن يستبعد «أن الروس قد يشعرون بخيبة إذا ما فاز ترامب» بالرئاسة.

وفي مارس 2023 شدد ترامب، في تجمع حاشد لمؤيديه في مدينة واكو بولاية تكساس، على أنه بالذات الذي بدأ تزويد أوكرانيا بالأسلحة.

وقال ترامب: «أنا بالذات أعطيت الأوكرانيين مئات ومئات من أنظمة صواريخ جافلين المضادة للدبابات».

وأضاف ترامب أن سلفه، باراك أوباما، أرسل فقط «وسائد» إلى كييف، في إشارة إلى معدات عسكرية غير قاتلة.

وكرر الرئيس الأمريكي السابق مجدداً وعده بحل النزاع في أوكرانيا في غضون 24 ساعة إذا أعيد انتخابه رئيساً للولايات المتحدة في عام 2024.

وقال ترامب: «عندما أصبح رئيساً للبلاد من جديد، سأحقق ذلك في غضون 24 ساعة».

ويشار إلى أن ترامب كان قد صرح في وقت سابق، بأنه سيحل النزاع في أوكرانيا في وقت قصير إذا أعيد انتخابه، لكنه لم يحدد أبداً كيف ينوي تحقيق ذلك.

أساليب ستالين

العام الماضي، انتقد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، طريقة عمل إدارة جو بايدن وأعرب عن امتعاضه من الوضع الاقتصادي والسياسي الحالي للولايات المتحدة.

وقال الرئيس الأمريكي السابق، في كلمة ألقاها أمام حشد من أنصاره في مدينة واكو بولاية تكساس: «لقد أصبحنا دولة من العالم الثالث، وباتت بلادنا تشبه جمهوريات الموز».

وقارن ترامب كذلك استخدام «نظام بايدن» لهيئات حماية القانون الأمريكية كسلاح، بالحقبة الستالينية في الاتحاد السوفييتي.

وتطرق خلال كلمته، إلى أزمة الهجرة غير الشرعية ونظام التصويت، ووعد في حال فوزه في انتخابات 2024 بـ «بفضح وتعرية المجرمين الذين يضرون بمنظومة حماية القانون في البلاد».

الأكثر دفاعاً عن الديمقراطية

ولطالما صوّر الجمهوريون أنفسهم على أنهم الأمريكيون الوطنيون الأكثر دفاعاً عن الديمقراطية، وتشدداً في مواجهة الكرملين، لكنهم يُبدون اليوم، وتحديداً في ظل قيادة الرئيس السابق دونالد ترامب، ليس فقط نظرة وفكراً أكثر استعداداً وتقبّلاً للانعزالية؛ بل أيضاً إقامة علاقات ودية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومعارضة قوية لتقديم الدعم والمساعدة لكييف في حربها مع موسكو، على الرغم من أن الرئيس الراحل رونالد ريغان - (قائد الانتصار الغربي خلال الحرب الباردة مع روسيا)- ورث أيديولوجيا حزبية نشأت في عهد دوايت أيزنهاور، الذي هزم الجمهوريين الانعزاليين عام 1952 وفاز بالرئاسة، وقاد دولته لتزعّم العالم.

الجواسيس الشيوعيين

كما أن توجهات الحزب الجمهوري كانت في السابق الأكثر تشدداً في مواجهة «الجواسيس الشيوعيين»، والتصدي للإمبراطورية السوفييتية.

يبدو التحوّل اللافت جلياً، بشكل يومي، من تعبير دونالد ترامب عن تأييده لاجتياح روسيا دولاً منضوية في حلف شمال الأطلسي «الناتو»، لا تسهم مالياً بما يكفي، وصولاً إلى إجراء نجم الإعلام المحافظ، تاكر كارلسون، مقابلة مع بوتين لمدة ساعتين طرح عليه خلالها أسئلة ملطّفة.

ولعل الموقف الأكثر وضوحاً هو منع الجمهوريين تجديد المساعدات الأمريكية للجيش الأوكراني، فيما يكافح للصمود مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثالث.

ويبدو الوضع مغايراً تماماً لما كان عليه في ثمانينات القرن الماضي، عندما قاد الجمهوريين في عهد رونالد ريغان، الانتصار الغربي خلال الحرب الباردة.

مفترق طرق خطر

وقالت رايتشل دين ويلسون، مديرة الاتصالات السابقة للسيناتور الجمهوري الراحل جون ماكين، لفرانس برس، إن الحزب «عند مفترق طرق خطر».

وما زالت صفوف الجمهوريين تضم شخصيات شبيهة بماكين تؤيد اتباع سياسة دبلوماسية مشددة، على حد قولها، لكن زخمهم يتراجع في وقت يتم استبدال الحرس القديم بشكل ثابت بنوّاب جدد أقل اهتماماً بالحد من نفوذ موسكو.

وقالت ويلسون التي تشغل منصب مديرة «تحالف حماية الديمقراطية» في «صندوق مارشال الألماني» في واشنطن: «أشعر بقلق بالغ حيال ازدياد الانعزالية والتعاطف مع شخصيات، مثل فلاديمير بوتين، والاستعداد الواضح للتخلي عن حلفائنا... إنه أمر يتناقض مع ما دافع عنه الحزب الجمهوري منذ زمن طويل».

ماذا حدث فجأة؟

ماذا حدث فجأة؟ الإجابة هي ترامب، بحسب ريتشارد ستنغل، الذي كان مساعد وزير الخارجية للدبلوماسية العامة في إدارة باراك أوباما.

وقال لفرانس برس: إن «الولاء لشخص واحد هو العامل المحدد أكثر من أي أمر آخر لانعزالية الحزب الجمهوري».

حصن ينهار

ورث ريغان أيديولوجيا حزبية نشأت في عهد دوايت أيزنهاور الذي هزم الجمهوريين الانعزاليين عام 1952، وفاز بالرئاسة، وقاد دولته لتزعّم العالم.

لكن الحزب الذي كان في الماضي مرادفاً لمواجهة «الجواسيس الشيوعيين والمطالبة بميزانيات عسكرية هائلة للتصدي للإمبراطورية السوفييتية بات الآن يقلل من أهمية دعم أوكرانيا، الحليفة لواشنطن التي تخوض معركة حياة أو موت، في مواجهة الكرملين»، وفقاً لفرانس برس.

إصلاح بلدنا أولاً

وفي تصريح لخّص هذه النزعة الانعزالية الجديدة، قال السيناتور الجمهوري جاي.دي. فانس: «علينا إصلاح بلدنا قبل تكريس المزيد من الموارد لأوكرانيا».

ولم يخف بايدن دهشته قائلاً للصحفيين مؤخراً: «الطريقة التي يديرون من خلالها ظهورهم للتهديد الروسي، الطريقة التي يديرون من خلالها ظهورهم للناتو.. إنها صادمة».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3n9ayzca

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"