عادي
في جلسة رمضانية استضافها المستشار د. يوسف الشريف

صراع الرجل والمرأة على الحقوق الزوجية.. بين الأسباب والحلول

02:20 صباحا
قراءة 5 دقائق
نقاشات ثرية شهدها المجلس

تغطية: جيهان شعيب

«صراع الرجل والمرأة على عرش الحقوق الزوجية بين الأسباب والبواعث» كان محور النقاش في الجلسة الرمضانية التي استضافها المستشار القانوني د. يوسف الشريف، في مجلسه بدبي، وحضرها لفيف من القانونيين، والفعاليات المجتمعية، وأدارها المحامي علي مصبح.

تناولت الجلسة عدداً من المحاور، والتساؤلات المهمة، التي أعدّها د. يوسف الشريف، منها أننا نتحول من مجتمع ذكوري إلى مشترك، فهل أساس الصراع كائن في ذلك لعدم نزع سلطة أحدهما من الآخر؟ وهل أساس المشكلة بين الزوجين هو المادة، أم الأطفال؟ وكيف تؤثر القيم والتقاليد في فهم الرجل والمرأة للأدوار المنوطة بكل منهما في الحياة الزوجية؟ وماهية حقوقهما وواجباتهما، وكيف يؤثر العنف الأسري في توزيع السلطة والحقوق داخل العلاقات الزوجية؟ وكيف تؤثر التغيّرات في المجتمع في توزيع الحقوق والمسؤوليات داخل الزواج؟ وكيف يمكن للظروف الاقتصادية أن تؤثر في قوة المفاوضات داخل الحياة الزوجية؟


د. يوسف الشريف

من التساؤلات أيضاً، هل يؤيد المجتمع مشاركة المرأة للرجل في مصاريف ونفقات البيت والأولاد، خاصة أنها صارت شريكة معه في العمل؟ وكيف يمكن للزوجين خلق توازن بين مسؤولياتهما المهنية والأسرية، من دون تضحية بحقوقهم الزوجية؟ وهل القوانين تعامل الطرفين بالمساواة بين الرجل والمرأة؟ أم أن هناك تحيّزاً مؤسسياً لأحد الطرفين؟ وما مدى وضرورة التزام القانون بقواعد الفقه الأصولي؟ وما الإصلاحات المطلوبة في القوانين لتحقيق المساواة بين حقوق الزوجين؟ وما دور الإعلام في تعزيز الوعي بحقوق الرجل والمرأة في العلاقة الزوجية؟ وهل شارك الإعلام في تعزيز هوة الخلاف بين الزوجين، وتمادي طرف على الآخر لاقتناص حقوق زائدة؟ وغير ذلك.

قضية أزلية

في مستهل الجلسة قال د. الشريف: قضية الصراع بين الرجل والمرأة ليست جديدة، وأنما أزلية، حيث الشرائع وضعت أحكاماً لذلك، ولهذا فالصراع وعدم التوافق بين الزوجين من الأمور العادية، وليست مشكلة مجتمعية، تترك آثارها في الأبناء، وبالتالي، فلماذا ننظر للأشياء السلبية، ونعمل على تخريب البيوت، في حين هناك أخرى قائمة، لكنها تنتج أبناء يعانون الخلل النفسي، وبشكل عام، فالناس اليوم لا يريدون الطلاق خشية التعرض للنفقات، وغيرها.

والحقيقة نحن اليوم في عصر سريع ومتطور، ودور المرأة في الحياة الزوجية أصبح مختلفاً تماماً عن السابق، في ضوء عملها، وحصولها على دخل مادي منه، لذا فنحن ملزمون بتغيير قوانين الأحوال الشخصية، لعمل توازن بين علاقة الرجل والمرأة، وتعديل التشريع المتعلق بالنفقة، وغيرها.

اختلاط مفاهيم

وأخذ الكلمة د. فهد السبهان قائلاً: لا أجد أن هناك صراعاً بين الرجل والمرأة على عرش الحقوق الزوجية، إنما أعتقد ان هناك اختلاط مفاهيم بين دور كل منهما، حيث في التشريعات عندما خلطنا صارت هذه الإشكاليات، فيما لكل منهما دور وواجبات، عدا ذلك فالخلاف بين الرجل والمرأة لا يتعلق بالمال، لأنه متوافر في الدولة، ولكن المشكلة أننا لم نثقفهما على وجوب أن يكون بينهما تقارب فكري، ولم نعلّمهما كيفية التعامل سوياً، لذا لا أعتقد أن هناك صراعاً بهذا المعنى بين الرجل والمرأة، وإنما هناك ضرورة لتأطير دور كل منهما، في أنهما يكملان بعضهما بعضاً، فضلاً عن ذلك أعتقد أن بعض الإشكاليات قد تحدث بين الرجل والمرأة، لعاداتنا وتقاليدنا في قضية الزواج، والمهر، وغيره، والمبالغة في ذلك، والتي تؤدي لتعرّض الرجل لأعباء، وديون، تثقل كاهله، وتتعدى قدرته.

وهنا قال د. عبد الله آل ناصر: الصراع بين الزوجين، أو مجتمع ذكوري، أو أنثوي، وغيره، جميعها مسميات إعلامية أكثر منها واقعية، الموضوع يتعلق بالطاقات بين الزوجين في العلاقة الزوجية، فالرجل طاقته في العمل خارج البيت، والمرأة طاقتها تسهيل الحياة داخل البيت، وإن كانت تعمل خارجه، لذا فالعلاقة بينهما ليست ندية، وإنما تكاملية.

القيمة الإنسانية

وعن العنف الأسري قال عقيد د. أحمد آل علي: هناك حالات تعود لتعنيف الرجل للمرأة، عدا ذلك فلابد من أن نفرق بين المساواة، والعدل، وديننا الإسلامي ساوى بين الرجل والمرأة في القيمة الإنسانية، والمسؤولية الخاصة والعامة، والثواب والعقاب، متساويان بين الطرفين، وأيضاً في الحقوق المدنية بينهما، وحق إبداء الرأي، حيث أعطى الإسلام الحق للرجل في الطلاق، وللمرأة في الخلع، وأؤيد أن الجانب المالي أساس الإشكالية في مجتمعنا المتطور، وعموماً، فالعلم وتأصيل المعرفة لدور الزوجين، هو أساس كل شيء، أذا جرى بنائؤه بشكل صحيح، والأساس تكوين الأسرة على قواعد محددة.

وذهبت الكلمة للمحامي عماد أهلي فقال: للمرأة تكوين مختلف عن الرجل، وظروف معيّنة، بما لا يمكن أن نعطيها سلطات مماثلة له، في حين تطور أي مجتمع ينتج من البيت، والمغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، أكد أهمية الاستثمار في الإنسان نفسه، في تربيته منذ البداية، فالمرأة قبلاً كانت تدير البيت، أما اليوم فتأتي بيتها مرهقة من العمل، وكذا الرجل، لذا فحلّ الصراع بينهما، يستلزم أن ننظر في ما كنا نعيش فيه سابقاً، من حب وتآلف، فالسعادة ليست في المال، وإنما في العلاقات الإنسانية الاجتماعية، فيما أثر التطور السريع في مجتمعنا بشكل عام، وهذا سبب الصراع بين الرجل والمرأة.

عاد د. فهد السبهان للقول: الصراع هو الخطر الوجودي، وما يحدث إشكاليات وليس صراعاً، فالمرأة الشرقية، بمن فيها الإماراتية، أدخلوا في بالها أنها أقل من الرجل، بما أحدث أثراً نفسياً لديها، فيما لا يوجد مجتمع يضمن للمرأة حياة شريفة سوى المجتمع العربي.

وتحدث د. عيسى القايدي قائلاً: المشكلة أساسا هي القوانين، التي جميعها تغيّرت في الدنيا، عدا قانون الأحوال الشخصية، والقانون هو ابن المجتمع، الذي يتغير يومياً، والمجدّدون يحاولون تغيير قانون الأحوال، والتقليديون يريدون الإبقاء عليه، وما يحدث حالياً هو عدم فهم الأدوار بين طرفي العلاقة، إضافة إلى القوانين، بداية من عقد الزواج الذي لا يوجد فيه شرط سوى المهر، لذا أشجع تضمين عقد الزواج شروطا واضحة جداً.

الحقوق والواجبات

وتطرق د. سعيد بن صقر إلى الحقوق والواجبات قائلاً: الخلافات تحدث في كل بيت، لابد ان يأخذ الزوجان دورة تدريبية حول الحقوق والواجبات، بما فيها الأمور المالية وغيرها، فيما قالت المحامية نادية عبد الرزاق: العلاقة الزوجية أساسها المودة، والرحمة، والاحترام، والألفة، والتوافق، والتفاهم، حيث لاحظنا أن عدم التوافق بين الزوجين يؤدي إلى الطلاق، وأغلب الحالات التي تلجأ فيها المرأة للمحكمة أساسها عدم التوافق، أما المودة والألفة فتؤدي لأسرة متماسكة، مع تنشئة الأبناء بشكل صالح لأسرهم، ووطنهم، فيما الخلافات الزوجية البسيطة ملحُ الحياة في كل بيت، والمشرّع الاماراتي نظم الحقوق الزوجية للطرفين، وهناك حقوق مشتركة، منها حسن المعاشرة، وغيرها.

والنفقة من حقوق الزوجة على زوجها، إلى جانب عدم منعها من زيارة أسرتها، وعدم الإضرار بها، مادياً ومعنوياً، وغير ذلك، في حين لا تلجأ المرأة في أغلب الحالات إلى المحكمة إلا بعد استفادها كل الطرق، بحيث لا يصبح من سبيل أمامها إلا ذلك، فيما إذا حل التوجيه الأسري الخلاف لن تتعقد الأمور على المرأة.

هنا قال د. يوسف الشريف: أتحدى التوجيه الأسري إذا أثبت أن الحالة لن ترجع له بعد عام أو عامين، حيث 90% من الحالات التي ذهبت للتوجيه الأسري، تعود لطلب الطلاق، وفي ذلك استعرض د. فهد السبهان نص المادة «55» من القانون.

حلول وآلية

فقال العميد إبراهيم العاجل: لا توجد القدوة حالياً، لابد من بدائل للمحافظة على الأسرة، وحلول محددة، ووضع آلية للمقبلين على الزواج، وتضمين المناهج كل ما يتعلق بالأسر، ولابد أن يتحدث المجلس الوطني عن الأسرة، وأن توجد فيه لجنة قانونية للتشريعات، فيما قال حمد القواضي: لابد أن يمنح الرجل الحب للمرأة، وأن تمنحه الاحترام، لابد أن تكون لديهما ثقافة، فلو كل منهما عرف ما له وما عليه، ما حدث خلاف بينهما، لاسيما والقرآن حكم هذه العلاقة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mr2pfz78

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"