وصفة هشاشة عظام الثقافة

00:27 صباحا
قراءة دقيقتين

هل تصاب الثقافة بهشاشة العظام؟ جنابك: كيف ترى العالم العربي؟ كيف تلوح لك الثقافة التي تتحكم في طرائق أداء دماغه؟ ما هي منظومة القيم الثقافية ومعالمها، التي تشكّل نسيج الأفكار الرائدة التي يشُقّ بها العرب دروبهم من الماضي إلى الحاضر إلى المستقبل؟

لنأخذ الأمور برويّة. اسأل المثقفين قبل غيرهم: ما هي ملامح علاقة العالم العربي بتراثه؟ على ماذا تقوم هذه العلاقة، وما هي مظاهر تجسّدها عمليّاً؟ حذار، فسوف تواجه أعاصير عند الإقلاع الفكري في هذا الاتجاه. حذار أخْذَ الأشياء كحاطب ليل دون فحص وتمحيص. ستجد أن المتربصين بالأمّة السوء، الذين ينصبون لها الفخاخ، كانوا أذكى من مفكّريها، فقد صنعوا لها السهام السامّة من معادن تراثها، في حين لم يُفلح نوابغ الفكر من أبنائها في تأسيس نظرية حضارية حديثة، ترتاد آفاق العلوم والمعارف والفنون، فتنهض الأمّة بتنمية شاملة عمادها العمل المشترك.

الأفكار المجرّدة أخطر سلاح؛ لأنك تستطيع أن تجعل لها ألف وجه. الفيلسوف الألماني هيغل، قال: «إن كل فكرة تحمل في طيّاتها بذور فنائها». أومضت في ذهن كارل ماركس فكرة أن البورجوازية فكرة، وبقية المسار معروفة. يبدو أن برنارد لويس، صندوق الشرور، شق الطريق الذهني نفسه: سنصنع من الإسلام ما يشوّهه بنقائض منظومة قيمه، فكانت «القاعدة» و«داعش». كانت الغاية واضحة، فقد أرادوا تطبيق المخطط في بلاد كلها إسلامية.

الصين عرفت العناصر الثقافية التي عليها استمدادها من ميراث الحكمة والعرفان من لاو تسو، ومن التعاليم التربوية والإدارية والاجتماعية من كونفوشيوس. لك أن تسأل مثقفينا عن المنهجية الفكرية التي يجب اعتمادها بين تعاليم القرآن الكريم من جهة، ومن أخرى التراث الأدبي: عمرو بن كلثوم، المتنبي... اسأل المثقفين: كيف يمكن تحقيق التصالح والتناغم مع منظومة مكونات التراث؟ بمعنى: هل الأمة العربية، بمجموع بلدانها، تشرق من محيّاها تجليات التعاليم القرآنية؟ هل الأمّة، ونحن في رمضان، مجرّد أعلام على مقرّ منظمة؟ وعندما تُدرِّس المناهج العربية أبا الطيب، هل يدور بخلدها أن يسأل الطالب أستاذه: «سيدي: هل لغة المتنبي هي العربية؟ إذاً لماذا لم يفهم العرب قوله قبل ألف عام: «أقوى الممالك ما يُبنى على الأسلِ (الرماح العوالي)؟ ولماذا لا يفهمون: «لا افتخارٌ إلاّ لمن لا يُضامُ»؟

لزوم ما يلزم: النتيجة العلاجية: على القارئ إذا لم يجد وصفة هشاشة عظام الثقافة، أن يجمع عناصرها من العمود.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2ntvtrwt

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"