هبوط الفنون ليس منعزلاً

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

على من تقع مسؤوليّة الإخفاق في الإنتاج الفنّي، للشهر الفضيل ولغيره؟ لن تستطيع الجهات المعنيّة الاستتار وراء إجابات مهمهَمة مثل: دع التجنّي، فالفنون العربية، منذ بداية البثّ التلفزيوني، بل وحتى قبله، لم تشهد يوماً تراجعاً أو تردّياً. كل ما هنالك أن الأذواق تطوّرت وتعصرنت. ما شأن الأوساط الفنية والثقافية، إذا كانت الفنون قد ارتقت إلى ذرى الحداثة، وجاوزتها إلى ما بعد الحداثة، في حين أن الحياة العامّة في جميع الميادين الأخرى، قد ظلّت قانعةً بالعيش بين الحفر؟ الذنب ذنب الشعوب التي كانت تتهيّب صعود الجبال.

هذا النوع من المرافعات، ليس له حجج ولا بيّنات. لكن، هل تتذكّر أنك قرأت يوماً بحثاً أو دراسةً طرحت قضايا الانهيارات التي حدثت في الفنون، وأسبابها المنطقية الموضوعية؟ هل يُعقل حدوث أمور سوريالية من قبيل: جاء إبليس فجأة وطرد من الساحة كل كبار الموسيقى والتمثيل، وأطلق العنان لكل من هبّ ودبّ بلا حسيب ولا رقيب؟ هل يمكن تصوّر أن حسناء الإبداع الفني العربي، قد بلغت سنّ اليأس قبل الأوان ومن دون مبرّر مقنع أو داء عضال؟ قال القلم: ما هذه الطريقة الساذجة في تحليل الأوضاع؟ ما هذه التجزيئية، التي ترى الحياة وكأنها أرخبيل جزر منفصلة؟ لا يجوز الوقوع في حبائل هذه المتاهات. يقيناً ليس هذا المأزق التاريخي منفصلاً عمّا يُحاك في ميادين أخرى لها علاقة عضويّة بالمناعة العامّة. الانهيارات الفنية لم تحدث منعزلةً عن غيرها، لقد كانت تداعياتها متزامنةً مع تخلخل دعائم التنمية عربيّاً، وتزعزع منظومة القيم الوجودية العربية. مواطن التنمية الشاملة الصاعدة في العقود الخمسة الأخيرة أقل من 10% من مجموع التنميات العربية. السقوط الحرّ الذي شهدناه من مستوى السنباطي، عبدالوهاب، زكريا أحمد، أم كلثوم، وديع... موازٍ ومماثل تماماً للهبوط الصاروخي الذي ضرب العراق، سوريا، ليبيا، السودان... تأمّل القفزات من الأعلى إلى درك بلا قرار للعملات العربية، الصحة، التعليم، العوامل المعنوية، النفسية، الروحية، المعنويات، المطامح، الإرادة، الثقة بالنفس، الآمال المعقودة في ناصية المستقبل، تجمّد دماء القدرة على الفعل في عروق الشعوب. أليست هذه المنظومة هي المحرّك الأوّل للإبداع؟.

لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: الإبداع قوّة معنوية تستمد طاقتها من مقوّمات الانتماء إلى الهوية. يبدو أن الأيدي الخفيّة عن فاقد البصيرة لعبت بالمقوّمات.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/jza4pnz2

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"