يؤدي شهر رمضان الكريم دوراً مهماً في تهذيب النفس، وضبط إيقاع الحواس والتفكير، فالجوارح تصوم، ومعه تتوقف عجلة الذنوب والمعاصي، ويتعامل الإنسان مع المحرمات والأفعال بمسؤولية، وهنا تكمن أهمية الالتزام بتعاليمه وضوابطه ومشتملاته الدينية والأخلاقية والإنسانية.
جرت العادة أن ترافق الشهر الفضيل، حزمة كبيرة من المظاهر المجتمعية المهمة، التي تختلف في طبيعتها ومضمونها عما نعاصره من عادات على مدار العام، لاسيما أنها تحمل للمجتمع بمختلف فئاته رسائل عميقة تلم الشمل، وتعالج النفوس والعقول، وتثري مشاعر المودة والرحمة بين الجميع.
ولعل أبرز المظاهر المؤثرة التي تعد من المكتسبات الحقيقية لشهر الصيام، تلك التي تتعلق بالعلماء الذين يأتون من مختلف البلدان في ضيافة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ليشاركوا مجتمع الإمارات روحانيات الشهر الكريم.
البعض يتساءل، لماذا هذا الجمع من العلماء كل عام؟ وكيف يفيد حضورهم المجتمع وأفراده؟ وإلى أي مدى يسهم وجودهم في أداء تكليفات الشهر الكريم على الوجه الأكمل؟ وما أبرز الدروس المستفادة من مجالس العلماء؟
مبادرة صاحب السمو رئيس الدولة، جديرة بالثناء والتقدير، إذ تُمكن المجتمع من «مواطنين ومقيمين»، من الثوابت الدينية والأخلاقية والإنسانية، وتجدد المودة والرحمة وفعل الخيرات، وتعزز مفاهيم الترابط الأسري وصلة الأرحام، وتحث الصائمين على التشبث بالتقوى.
العلماء الضيوف يقدمون وجبة دسمة من المحاضرات والدروس لأفراد المجتمع خلال الشهر الكريم، لتمكينهم من التعامل مع عصر التقنيات والتحولات في مختلف المجالات بإيجابية ومسؤولية، مع التركيز على إعلاء شأن القيم والأخلاق الحميدة، وتعزيز درجات الإيمان، وتدعيم الروابط الاجتماعية بين المجتمع ومختلف شرائحه.
في الواقع، تحظى مجالس العلماء الضيوف بثراء علمي وديني يحاكي مختلف الجاليات والجنسيات الموجودة على أرض الإمارات الطيبة، إذ تقدم محاضرات ممنهجة ودروساً هادفة بعدد من اللغات الموجهة لكل شرائح المجتمع، ليسبح الجميع في فلك العلم والمعرفة ويتمكن من سبل تعزيز الفهم الديني والروحاني في شهر الصيام.
نعتقد أن مجالس العلماء الضيوف فرصة ذهبية، ينبغي أن تتعاطى معها فئات المجتمع بجدية، للتعلم، وزيادة الوعي الديني والعبادة، وتعزيز مكارم الأخلاق، والتسامح، والتعاون، والتعايش السلمي، والتواصل الاجتماعي والتآزر، والتعارف وتبادل الخبرات، وترسيخ القيم والروحانيات والتأمل خلال شهر الصيام.
