عادي

«الحشاشين».. مسلسل مصري يثير الأسئلة ويلهب الحماس

21:35 مساء
قراءة 4 دقائق

القاهرة - «رويترز»

لم يكد يمر الأسبوع الأول من الموسم التلفزيوني الرمضاني الذي يكتظ بعشرات المسلسلات، حتى تصدر المسلسل المصري «الحشاشين» للمؤلف عبد الرحيم كمال محركات البحث في مصر، وأثيرت النقاشات حوله على مواقع التواصل الاجتماعي حول أصل وتاريخ ونشأة هذه الطائفة التي أرعبت العالم لعقود قديماً.

ويتتبع المسلسل الذي تدور أحداثه في 30 حلقة سيرة حسن الصباح المولود في القرن ال 11، ومؤسس الطائفة المتشددة التي عرفت تاريخياً ب«الحشاشين»، واتخذت من قلعة الموت الجبلية في إيران معقلاً، ومن اغتيال معارضيها منهجاً.

وقال الناقد الفني محمد عبد الرحمن: «الاهتمام بمسلسل الحشاشين بدأ قبل عرضه، نظراً لغرابة الاسم ودلالته في مصر، وصناع العمل أنفسهم وفي مقدمتهم النجم كريم عبد العزيز، لكن مع بداية عرض المقاطع الترويجية قبل رمضان تصاعد هذا الاهتمام، وبدأ الإعلام في دخول الدائرة من خلال المقالات التي أطلقها بعض المؤرخين والفيديوهات التي صورها صناع المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي».

وأضاف: «بعض المسلسلات التاريخية أثارت مثل هذا الحراك الإلكتروني مثل مسلسل الإمام الشافعي العام الماضي الذي قدمه الممثل خالد النبوي، لكن مسلسل الحشاشين شهد تفاعلاً ملحوظاً نظراً لطبيعة الطائفة وتاريخها، وطريقة التناول الدرامي للموضوع وعناصر أخرى كثيرة».

ويعد المسلسل الذي استغرق تصويره والإعداد له عامين، هو الأضخم كلفة في المسلسلات المصرية خلال شهر رمضان هذا العام، إذ تقدر تكلفة إنتاجه بمئات الملايين من الجنيهات، واشترك فيه عدد من نجوم مصر وسوريا ولبنان.

وقالت سمية أحمد الباحثة في الفولكلور الشعبي، إن العمل مبذول فيه جهد كبير على مستوى الملابس والديكورات والبحث التاريخي، لكن في المقابل يبذل المشاهد جهداً مماثلاً في متابعة وتحري هذه العناصر.

وقالت: «مع تطور الأحداث، وبعد إذاعة كل حلقة جديدة تنشط حركة البحث حتى أصبح اسم المسلسل يتصدر كلمات البحث المفتاحية في مختلف المنصات، وبدأت المقارنات بين ما تذكره الكتب والمراجع التاريخية، وما يعرض على الشاشة، وهو كله جهد يحسب لصناع العمل».

لكن حالة الاهتمام الكبير بالمسلسل، والبحث عن حقيقة شخصياته، وإسقاط بعض أحداثه على الواقع المعاش تبعتها نقاشات موسعة كانت ساحتها منصات التواصل الاجتماعي. وبرغم ما أثار المسلسل من جدل، سواء على مستوى تصميم الملابس والديكور أو مطابقة الأحداث لما تذكره المراجع أو استخدام اللهجة العامية المصرية بدلاً من الفصحى في الحوار كانت النقطة الأكثر إيجابية من وجهة نظر نقاد هي التفاعل الواسع في حد ذاته، خاصة من الفئات العمرية حديثة السن.

وقال الصحفي جورج أنسي: «حالة الجدل التي أثارها، حتى الآن، «الحشاشين» في الشارع المصري والعربي تعلن بما لا يدع مجالاً للشك وجود فوائد أخرى للدراما التاريخية».

وأضاف: «نجد أن هذا العمل فجر داخل عدد لا بأس به من المتابعين الرغبة في البحث عن حقيقة هذه الطائفة التي ذاع صيتها قبل أكثر من ألف عام».

وأكد أُنسي أن «أحد أهم وظائف الدراما التاريخية، خاصة، والفن والثقافة بصفة عامة، هي إثارة الأسئلة وفتح باب الحوار المجتمعي، ومن ثم تشكيل الوعي العميق وسؤال المتخصصين، وبذل الجهد للوصول إلى قناة أو رؤية ذاتية حول الكثير من أمور تاريخنا».

لكن بعض الانتقادات الموجهة للمسلسل استدعت تدخل مخرجه بيتر ميمي الذي كتب على صفحته الشخصية بموقع «فيسبوك» يوم السبت تدوينة فنَّد فيها بعض هذه الانتقادات، وأثنى في الوقت ذاته على حالة النقاش المجتمعي الدائرة.

وقال ميمي: «مبدئياً المسلسل من وحي التاريخ، وهذا مكتوب نصاً في التترات يعني أنه ليس وثيقة تاريخية، لكنه دراما تاريخية».

وأضاف: «أنا سعيد لأن المسلسل جعلنا نقرأ ونسأل.. ولاحقاً سوف نفهم المسلسل.. انتبهوا معنا حتى نصنع شكلاً جديداً.. وتكون بداية، ومع الوقت يكون هناك أفضل وأكبر من عملنا هذا.. ومع الوقت ننافس».

* أشعار عمر الخيام

الأسئلة والبحث عن «الحشاشين» عبر محركات البحث لم يقتصر على أصل الطائفة وزعيمها حسن الصباح، لكنه امتد إلى شخصيات تاريخية أخرى ظهرت تباعاً أمثال الشاعر والفيلسوف عمر الخيام، والإمام حامد الغزالي والوزير الفاطمي بدر الدين الجمالي.

وقال أحمد عصمت استشاري تكنولوجيا الإعلام والتحول الرقمي، إن المسلسل وشخصياته أثاروا حالة واسعة من النقاش والبحث ليس في مصر، فحسب بل في المنطقة كلها.

وأضاف: «هناك شخصيات شهيرة قدمها المسلسل بشكل مخالف للصورة التي اعتادها الناس مثل شخصية عمر الخيام التي قدمت في أعمال سابقة، واستقرت ضمن قالب محدود، لكني أتوقع أن تكشف الحلقات المقبلة عن جوانب أخرى من شخصيته الثرية».

وأضاف: «لو أن المسلسل دفع الناس للقراءة والبحث وتكوين وجهات نظر خاصة بها، بغض النظر عن مدى صوابيتها، فهذا في حد ذاته إنجاز للمسلسل، أنه إعادة الناس للقراءة وتنمية الوعي، والتمييز بين العمل الدرامي والأحداث التاريخية، والتعرف إلى جغرافية العالم قديماً، وكيف تغيرت، وقيام وزوال ممالك ودول».

وجاءت كلمات مقدمة المسلسل من أشعار عمر الخيام كما حملت بعض الحلقات أجزاء من رباعياته الشهيرة التي ترجمت قديماً من الفارسية إلى العربية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrfvu9d6

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"