عادي

أكثر من وجه للسياسة في السينما

21:09 مساء
قراءة دقيقتين

القاهرة: الخليج

أصدرت الدكتورة مريم وحيد كتابها «الخطاب السياسي في السينما المصرية»، حيث تشير إلى أن الحكم الجمالي ارتبط بالتنظير السياسي منذ فجر التاريخ، فقد عني المفكرون السياسيون منذ أقدم العصور، بفلسفة الجمال والفن، فتم تناول العلاقة الإشكالية بين الجمال والنظرية الديمقراطية في أعمال أفلاطون، وأرسطو، وتوماس هوبز، وجان جاك روسو، وغيرهم.

على أن أفلاطون كان يبدي عداء شديداً للفنون، ويرى أن غاية الإنسان الأساسية هي فهم العالم، فلابد للإنسان أن يحرر نفسه من سحر الفنون والإغراءات المختلفة، ومن هنا عادى أفلاطون الفنون، وطالب بأن يتم حظرها وتقييدها، ولأن الفنون هي تمثيل، أو تجسيد خادع للواقع، فلا ينبغي على الفرد أن ينجذب لها فعليه، إدراك الواقع بعقله والابتعاد عن غريزته وعاطفته، وأن يكون العقل هو المتحكم في الغريزة.

وتوضح الدكتورة مريم وحيد، أن دراسات النظرية السياسية الحديثة، تناولت أنماط التفكير السياسي في الصور، وليس في النصوص المكتوبة فقط، فالصورة قد تكشف خصائص سياسية لا يمكن للنص المكتوب أن يفصح عنها، وقد تعكس الأفكار السياسية لعدد أكبر من الجماهير، وفي إطار ذلك جاء الاهتمام بدراسة الفنون البصرية، مثل الفن التشكيلي والفيلم، ومن هنا ظهرت أهمية الفيلم في التنظير السياسي.

ويعتقد كثير من المنظرين أن الفيلم له قدرة سحرية لبناء وتغيير الواقع، فمعظم الأفلام لا تسعى لمحاكاة الواقع فقط، فأحياناً يهدف صناع الفيلم إلى خلق واقع جديد بصورة ابتكارية إبداعية، وهو أسلوب شديد التأثير في الرأي العام، وقد شهدت النظرية السياسية تطوراً كبيراً، فبعد أن كانت تركز قديماً على الدساتير والمؤسسات والأحزاب، وعلى علاقات القوة داخل الدولة فظهرت خطابات جديدة تستوعب التحليل والدراسة، ومنها الأفلام، وفي إطار دراسته للعلاقة بين لفن السياسة طرح فالتر بنيامين مفهوم تجميل السياسة، وذلك في إطار دراسته للأنظمة الفاشية ثم ظهر مفهوم مقابل يعبر عن سياسة الاتحاد السوفييتي وهو مفهوم «تسييس الجمال».

*إسهامات

سعت الدكتورة مريم وحيد إلى تناول العلاقة بين علم السياسة والفن، من خلال التركيز على تجلي مفهوم العدالة الاجتماعية في السينما المصرية، تم ذلك من خلال استعراض عدد كبير من الإسهامات النظرية والمفاهيم والاقترابات التي قدمها علماء السياسة والمنظرون السينمائيون، للكشف عن الخطاب السياسي للأفلام السينمائية المصرية.

وتبنت الكاتبة مفهوم «السينما السياسية» وهي السينما التي لا تتطرق إلى القادة السياسيين، أو الحروب، أو النظام السياسي فحسب، فيمكن للفيلم أن يستعرض قضية سياسية، من خلال تناول موضوع اجتماعي بالأساس، فالسياسة لا تتعلق بالشأن العام فقط، لكنها تتعلق بالشأن الخاص، فالصراعات داخل أسرة قد تحمل مضامين سياسية، كما تجلى في مجموعة من الأفلام الاجتماعية السياسية المصرية مثل فيلم «عودة الابن الضال».

تطرق الكتاب إلى تأثير السينما في صناع القرار والجماهير، فللسينما تأثير كبير في الجماهير، من خلال خصائصها المتميزة، مثل الاعتماد على الصورة وقدرة السينما على جذب قطاع كبير من الجماهير، يتباينون في المستوى التعليمي، والثقافي، والاقتصادي، وذوي اتجاهات سياسية وأيديولوجية وفكرية مختلفة، ويتمكن الفيلم من التأثير في الجماهير من خلال مخاطبة العقل والقلب معاً، ومن خلال تجاوز الزمان والمكان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/379658v7

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"