شمس هولندا الساطعة

غافين ماغواير*

ولّدت هولندا المزيد من الكهرباء من مزارع الطاقة الشمسية، أكثر من أي اقتصاد أوروبي رئيسي آخر في عام 2023، وكانت الاقتصاد الأوروبي الكبير الوحيد الذي عزز إجمالي إنتاج الكهرباء لديه إلى ما يقرب من الذروة السابقة في العام الماضي، وذلك رغم الويلات المستمرة الناجمة عن تباطؤ النمو الاقتصادي.

ولأول مرة، ولّد منتجو الطاقة أيضاً في هولندا أكثر من نصف إجمالي إنتاج الكهرباء في البلاد من مصادر نظيفة عام 2023، وذلك بفضل أحجام الإنتاج القياسية من مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بالتوازي مع أدنى إجمالي توليد للكهرباء من الوقود الأحفوري هذا القرن.

وبلغ إجمالي إنتاج الكهرباء في هولندا العام الماضي 121.43 تيراواط/ساعة، وفقاً لمركز أبحاث الطاقة «إمبر»، وهو أقل بنصف نقطة مئوية تقريباً من ذروة الإنتاج السابقة البالغة 121.96 تيراواط/ساعة عام 2020.

ويتناقض إجمالي توليد الكهرباء المرتفع هذا بشكل صارخ مع اتجاهات إنتاج الكهرباء في أماكن أخرى في أوروبا. حيث ظل إجمالي توليد الكهرباء في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا أقل بشكل حاد في عام 2023 من القمم السابقة، ويُعزى ذلك للضعف المستمر في استخدام الطاقة في الأعمال التجارية بسبب ارتفاع معدلات التضخم وضعف الطلب الاستهلاكي.

وبينما كانت طاقة الرياح المصدر الرئيسي للطاقة النظيفة في هولندا العام الماضي، فإن الارتفاع السريع في توليد الطاقة الشمسية كان مفتاح الأداء المتميز لقطاع توليد الكهرباء في البلاد مؤخراً، إذ بلغ توليد الكهرباء من مزارع الطاقة الشمسية 20.63 تيراواط/الساعة في 2023. وعلى الرغم من أن الكمية أقل من 29.15 تيراواط/الساعة المولدة من مزارع الرياح، إلا أنها ارتفعت بأكثر من 450% من إجمالي إنتاج الطاقة الشمسية عما كان عليه قبل خمس سنوات.

وقد أدت الزيادة في توليد الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية في الأراضي المنخفضة إلى تقليص الفجوة مع طاقة الرياح خلال نفس الفترة، وكانت الأحجام أيضاً أعلى بشكل حاد من الزيادة في توليد الطاقة الشمسية التي شهدتها ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا منذ عام 2018.

وفي عام 2023، بلغت نسبة الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية في هولندا 17% من الإجمالي، وهو رقم قياسي للبلاد، وأعلى حصة من الطاقة الشمسية بين الاقتصادات الأوروبية الكبرى. حتى أن نصيب هولندا من الطاقة الشمسية تجاوز حصة إسبانيا البالغة 16.7%، والتي تتمتع بإمكانيات توليد طاقة شمسية كهروضوئية أكثر من الأولى بنسبة 50%، وذلك وفقاً لبيانات البنك الدولي.

في غضون ذلك، تعتبر الواردات الضخمة من الألواح الشمسية ومكوناتها القادمة من الصين المحرك الرئيسي الذي دفع بمستويات الطاقة الشمسية في هولندا لأعلى مستوياتها مؤخراً. إذ إنه، وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، كانت هولندا أكبر سوق منفردة لصادرات الألواح والوحدات الشمسية الصينية، حيث مثلت أكثر من 23% في المتوسط من صادرات الصين من الطاقة الشمسية منذ عام 2021.

كما كان الدعم السخي لتركيبات أنظمة الطاقة الشمسية على الأسطح عاملاً رئيسياً أيضاً وراء نمو استهلاك الطاقة الشمسية محلياً، فبحسب بيانات مكتب الإحصاءات المركزي الهولندي، يستضيف 2.6 مليون مسكن أكثر من 22 مليون كيلوواط من قدرة توليد الطاقة الشمسية اعتباراً من منتصف عام 2023.

ومع نقص المساحة التقليدية اللازمة لمزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على نطاق المرافق، أظهرت السلطات الهولندية براعة كبيرة في كيفية نشر أنظمة الطاقة الشمسية في أماكن جديدة ومبتكرة حيث تم تغطية أسطح مواقف السيارات، ومحطات القطارات، والمباني السكنية، والمستودعات، والمعابد القديمة بالألواح، كما استُخدمت الهياكل المبنية فوق مزارع الأغنام وحقول الفاكهة لتعزيز المساحة المستخدمة لتوليد الطاقة الشمسية.

وفي شق متصل، تخطط الحكومة الهولندية للإلغاء التدريجي للإعانات المقدمة لمنشآت الطاقة الشمسية صغيرة النطاق اعتباراً من عام 2025، وبالتالي من المرجح أن تتباطأ وتيرة نمو واردات الألواح الشمسية وبناء مزارع الطاقة الشمسية في السنوات المقبلة. لكن يبدو أن الدعم المجتمعي الكبير لانتقال الطاقة الأوسع بعيداً عن الوقود الأحفوري سيدعم الاهتمام بتعميق تغلغل الطاقة الشمسية في شبكة الطاقة الهولندية على المدى القريب.

ومن المرجح أن يؤدي استخدام البلاد الذكي للمساحة المحدودة، للمساعدة في جهود توليد الطاقة، إلى تحفيز جهود مماثلة لاستيعاب الطاقة الشمسية في أماكن أخرى، ما يشير إلى أن دور هولندا الرائد في مجال الطاقة الشمسية في عموم أوروبا لن يتلاشى في وقت قريب.

* كاتب متخصص بأسواق السلع وانتقال الطاقة العالمية (رويترز)