وانتصف رمضان

01:12 صباحا
قراءة دقيقتين

وانتصف رمضان، ومبارك عليكم ما بقي من شهر فضيل كريم، وضيف خفيف سريع، يستعد للرحيل ونحن بصدق لم نستوعب بعد أنه جاء وطرق الباب ودخل ببيوتنا ومساجدنا، وأنعش قلوبنا وأبهج أرواحنا، وأكثر فينا قرآننا، وصحح فينا شعورنا بالعطاء، وكثر فينا إحساسنا بالآخر الذي يرقب قطرة الماء، وكسرة خبز، وأيقظ ضميرنا بالحقيقة التي وُجدنا لها، وهي عبادة الله ونيل رضاه والسعي لجنته، وحسن الخلق، والمعشر والصورة.

رمضان، هو بوابة ال11 شهراً التي تليه، هو البداية التي تأتي لتخبرنا كيف كان العام الذي مضى، وكيف ختمناه ونحن نحتفل بشعبان ونستعد له، هو الشهر الذي يحتل فينا صوراً من حب ووفاء، وهدوء ورضا، وهو الذي يخبرنا بأن الحياة ليست صعبة، مثقلة، بل هي سهلة هانئة مطمئنة في رحاب الله وكل ما يقربنا إليه، رمضان يا رفيقي ليس خيماً رمضانية وسهرات مستمرة فيها اللعب واللهو بعيداً عن حقيقته وما يحمله لك. إن كنت في فراغ فتعلم شيئاً، تدبر القرآن، صل رحمك، اقرأ جديداً، تطوع، تعلم عادات جديدة، مارس الرياضة، وابدأ بنفسك وادرسها، ماذا يتعبك؟ وكيف ترمي بأثقالك وهمومك عند باب الرحمن، رمضان يا رفيقي ليس «مشاوير» وهدايا وتفاخراً بالأكلات والملابس، رمضان زهد بكل ما يشغلنا في الأشهر التي قبله وبعده، رمضان طهر وقيم، خلق وخالق يدعوك إليه، رمضان يا صديقي ليس بكثرة ما نطبخ ونسرف، بل بكثرة ما نعطي من صدقة، زكاة وهمة تنافس في الخير وإعطاء كل ذي حق حقه.

رمضان انتصف، وكأن القمر الذي نراه في السماء بهياً مشعاً، منيراً يشرح لك في بساطة، أن القلب الذي في داخلك قمر منير مشع بروحك التي تتجدد كل يوم، بنفسك التي تعاد صياغتها من جديد، بروح تدرك أن الحياة ليست إلا درباً وجسر رحيل لما هو أجمل وأحلى في نعيم لا يزول، رمضان وهو ينتصف يحزنك لأنه يسارع بحمل ودائعه، وذكر من اجتهد فيه ليرحل لرب رحيم فيخبره، من فاز ومن خسر!!. فيا رفيقي لنعاهد أنفسنا أنها أيام معدودات، فيها تنزل القرآن، وفيها ليلة القدر تشهد الأشهاد بأنك في اجتهاد وتضرع وقراءة ودعاء، فلا تشغلك الدنيا التي لن تنتهي، ولا يشغلك كثرة ما يعرض ويقال، فهناك 11 شهراً ستحصد ما فاتك، فلا تكن فيه من المحرومين الغائبين. كن صادقاً مع نفسك ومع ما تريد، أعد برمجة ذاتك واكتب حواراً بينك وبين الله وقله في ساعة السحر، لا أحد سيمنعك، لا تحتاج لموعد، ولا لوقت مقطوع، لن يجادلك أحد، ولن يرسم لك الحدود ونوع السؤال، لن يربكك أحد وفي حضرة ملك الملوك تلغى كل الجسور والأبواب، وتبقى لله هيبته جل جلاله، ناجه، وتحدث معه سيسمعك ويكن قريباً لقلبك ولك، فاجتهد قبل رحيل رمضان.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8m9v6x

عن الكاتب

مؤلفة إماراتية وكاتبة عمود أسبوعي في جريدة الخليج، وهي أول إماراتية وعربية تمتهن هندسة البيئة في الطيران المدني منذ عام 2006، ومؤسس التخصص في الدولة، ورئيس مفاوضي ملف تغير المناخ لقطاع الطيران منذ عام 2011

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"