ديمقراطية العلوم هي المستقبل

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

هل ذكّرك «ربيع العقل الناقد»، أمس، بأن القلم تناول العقل الناقد عشرات المرّات في هذا العمود؟ من تربية العقل الناقد في الأسرة والمناهج، إلى إعماله في جميع الميادين، ماضياً وحاضراً واستشرافاً. ولكن، النافع الله، فعلى من تقرأ زبورك يا داود؟ اليوم، يستكشف الموضوعُ أبعاداً في فضاء أبعد. على الشباب العربي أن يضع هذه القضية المصيرية نصب العين. يتجه العالم اليوم، بالرغم من كل الفوارق التنموية الاقتصادية والمعيشية، نحو ديمقراطية العلوم. لا تعجل بالاعتراض الناجم عن الإحباط، جرّاء الأوضاع الدولية المزرية.

هل تذكر بدايات انتشار الحواسيب الشخصية، والخطوات الأولى للشبكة العنكبوتية؟ قبل ثلاثة عقود، لم يكن أحد يتخيّل أن يملك الملايين من أبدع ما في المكتبات العالمية، وأروع أعمال الموسيقى الجادّة، وصور أجمل آثار الفنون التشكيلية، وأهمّ برمجيات الهندسة والعلوم والمعارف، مجّاناً، وهي لولا خوارق عصر المعلوماتية، لا يستطاع شراؤها بالمليارات. اليوم، لا يحتاج حتى المعدم إلى غير جوّال من الدرجة الثالثة، في مكان فيه نبض «الواي فاي»، وإذا الدنيا جميعاً في يديه.

صدق القائل إن عتبة المدرسة هي أكبر عقبة في الطبقيّة. القفزة العملاقة التي حققتها الثورة المعلوماتية والحاسوب والشبكة والرقمي، ليست مجرد تطور علمي تقاني. هذه الإنجازات الجبّارة الأوقيانوسية، مثقال ذرة قياساً على أبعادها السياسية. يقول القلم: إن ما عجزت عنه الماركسية في نشر الاشتراكية، ومراميها النظرية الخيالية، الشيوعية، حققته الرأسمالية يوم أصدرت وزارة الدفاع الأمريكيّة سنة 1960، أمراً بإيجاد حلّ، في الحرب الباردة، للكارثة التي تحل بالولايات المتحدة، إذا ضُرب مركز الاتصالات بالقنابل النووية. فكانت فكرة «أنثرانيت» المتمثلة في تعددية مراكز الاتصالات عبر شبكة حواسيب. ثم اكتشفوا أن تواصل مراكز البحث العلمي والجامعات مفيد، وتوسعت الأواصر مع اليابان وأوروبا، واليوم شيوعية المعلومات.

على الشباب العربي أن يضع في الحسبان أموراً بسيطة، ولكنها جوهرية. على سبيل التوكيد لا التنكيد: إن مكامن قوة العالم العربي هي أسباب الإصرار على تقويضه. صحيح أن فرصة لملمة الشتات كانت سانحة في الحرب الباردة، ولكن «عبقرية» إضاعة الفرص في العقل العربي كانت الغالبة، والله الغالب. السوانح اليوم وغداً جوامح، ولا بدّ من اغتنامها. عجباً للغتنا الماهرة في النكاية الساخرة، وإلّا فما الذي أصابها حتى اشتقّت الاغتنام والأغنام من جذر واحد؟ لزوم ما يلزم: النتيجة اليقينيّة: الحتمية التاريخية القطعية هي عولمة ديمقراطية العلوم. ستكون الثقافة الوريثة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s4c6d8x

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"