جدار الحصن

00:48 صباحا
قراءة دقيقتين

حين تترك أبواب بيتك ونوافذه كلها مفتوحة طوال الليل والنهار، هل تشعر بأي راحة وأمان؟ هل تطمئن على سلامة أهل بيتك؟ هل تنعم بخصوصية في حياتك؟ هذا المشهد ينطبق على حالة الأطفال الذين يترك الأهل الهواتف المحمولة والآيباد بين أيديهم بلا أي رقابة، يتصفحون ويلعبون ويتلقون رسائل ويصورون أنفسهم وبيوتهم وأهلهم، وينشرون على وسائل التواصل الاجتماعي أي شيء وكل شيء.. كل شيء متاح ومباح نشره، وفي المقابل يتلقون رسائل ومقاطع فيديو، ويشاهدون أي شيء، سواء كان مناسباً لسنهم أم «للكبار فقط»!.

مهما حاولت الجهات الرسمية وضع قوانين، وملاحقة المجرمين والمتحرشين، وناشري المحتوى غير اللائق وغير القانوني، إلا أنها لن تتمكن أبداً من وضع رقابة لمنع الأطفال والمراهقين الصغار من مشاهدة صفحات، منها ما يدعو إلى الدعارة الإلكترونية، أو يعرض مقاطع مخلّة، كما لن تتمكن من منع مواقع وصفحات تبيع الوهم للناس، وتفتح مجال التواصل، وإنشاء صداقات بريئة في ظاهرها خبيثة في باطنها؛ هنا يأتي دور الوالدين وكل ولي أمر في تحمّل مسؤوليته.

البعض يمنع نفسه من مراقبة أبنائه صغار السن، بحجة احترام خصوصيتهم وتعليمهم مفهوم الحرية، هذا صحيح لو أنك تتنصت على مكالماتهم الهاتفية، أو تستغل نومهم لتفتش في هواتفهم، بينما المطلوب هو فتح باب الحوار والمصارحة دائماً بينك وبينهم، التحدث صراحة عن كل شيء وتوعيتهم باستخدام الكلام والعقل، ليفهموا أسباب مخاوف الأهل وتقنين الساعات المسموح بها.. إذا فهموا أصبحوا هم جدار الحصن، وتمكنوا بأنفسهم من مواجهة المخاطر والتصدي لها عن قناعة.

يحتمي البعض بمظلة الغرب، فيتوهمون أن الحرية هناك أفضل وتربية الأبناء على طريقتهم هي دليل التحضّر والارتقاء، ولا ينتبهون أن في الغرب من يدعو إلى التشدد في حماية الأبناء من مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي، توقيع حاكم ولاية فلوريدا رون دي سانتيس، على قانون من أجل «تقييد وصول القُصّر الذين تقل أعمارهم عن 16 عاماً إلى شبكات التواصل الاجتماعي»، بمعنى أنه لن يتمكن من هم أقل من 14 عاماً من فتح حساب على أي من شبكات التواصل الاجتماعي، بينما يحتاج من هم بين 14 و15 عاماً إلى موافقة الوالدين للتسجيل في هذه المنصات.. وقبل فلوريدا كانت الصين قد ألزمت شركات التكنولوجيا، اتباع نظام للحد من استخدام الصغار لوسائل التواصل بساعتين يومياً كحد أقصى.

لن يكون الحل أبداً بمنع الأطفال والمراهقين من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فهي أدوات عصرهم، لكن الحل الأمثل يكون بيد الأهل ووعيهم ومتابعتهم الدقيقة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/jp2kv5d2

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"