من الورقة إلى الشاشة

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

في عصر تطغى فيه الرقمية على كل جانب من جوانب حياتنا، يعلو صوت ينذر بأن عادة قراءة الكتب باتت تواجه خطر الاندثار، وأن عدد القراء في تناقص مستمر. الواقع المتسارع والتطور التكنولوجي قد يجعلان هذا الادعاء يبدو معقولاً للوهلة الأولى، لكن هل يعني هذا حقاً أن شغف الإنسان بالمعرفة ورحلة البحث عن الحقيقة قد أخذا في الاختفاء، أم أن الطرق التي نستقي بها المعرفة هي ما تغير فحسب؟ من المهم النظر إلى القضية من منظور أوسع، فالتقنية، بدلاً من أن تكون عدواً للقراءة، يمكن أن تصبح حليفاً قوياً في تعزيز العادات القرائية، خصوصاً بين الأجيال الجديدة. الأفلام الوثائقية، الكتب الإلكترونية، المدونات، وحتى «البودكاست»، كلها أدوات تقدم المعرفة بأشكال متنوعة تلبي احتياجات وتفضيلات القراء المختلفة، وبهذا نختصر القول بأنها تحوّل الأدوار وليس انقراض العادات.

إن إدماج التقنية في عملية القراءة والتعلم ليس فقط يجعل المعرفة أكثر إتاحة، بل يوسع أيضاً الطرق التي يمكن للمعرفة أن تنتقل بها من جيل إلى جيل. الأفلام الوثائقية، على سبيل المثال، تقدّم تجارب بصرية غنية يمكن أن تثري فهم القارئ (أو المشاهد) لموضوع معين بطرق لا يمكن للنص المكتوب أن ينقلها دائماً، كما أن الكتب الإلكترونية والموارد الرقمية تجعل القراءة ممكنة في أي وقت ومكان، مما يدعم فكرة أن القراءة يمكن أن تظل جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حتى في أكثرها ازدحاماً.

المهم في كل هذا هو إدراك أن رحلة البحث عن المعرفة لا تقف عند حد معين ولا تقتصر على طريقة واحدة، سواء كان ذلك من خلال قراءة كتاب تقليدي، مشاهدة فيلم وثائقي، الاستماع إلى «بودكاست» تعليمي، أو تصفح مقال على الإنترنت، الهدف يبقى واحداً: توسيع آفاقنا وتعميق فهمنا للعالم من حولنا.

قد يكون الادعاء بأن قراءة الكتب تواجه خطر الاندثار صحيحاً إلى حد ما إذا نظرنا فقط إلى الأرقام، لكن إذا نظرنا إلى جوهر القضية ورحلة البحث عن المعرفة ككل، نجد أن القراءة، بكل أشكالها ووسائطها، لا تزال حية ومتجددة، تتكيف مع التغيرات وتستفيد من التقنيات الجديدة لتستمر في إثراء العقل والروح على حد سواء.

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3hbw99zf

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"