«الجنائية الدولية».. وإسرائيل

00:53 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجة

خطوة كبيرة وذات دلالة، وتُعدُّ سابقة في تاريخ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، عندما قدّم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، طلبات للمحكمة لاستصدار أوامر اعتقال، بتهم ارتكاب جرائم حرب وإبادة ضد الإنسانية، شملت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف غالانت، وتحميلهما مسؤولية الجرائم في غزة، وحرمان الفلسطينيين بشكل ممنهج من أساسيات الحياة، والتواطؤ بالتسبب بمعاناة وتجويع المدنيين في القطاع.

وعلى الرغم من أن الطلب يشمل كذلك ثلاثة من قادة حماس، فإن وقعه على إسرائيل كان كالصاعقة وأكبر بكثير، فهو يعني انتهاء مرحلة إفلاتها من العقاب؛ إذ إنها كانت منذ فجر الصراع، ترى نفسها فوق القانون، وأن لا شيء يردعها عن تنفيذ ما تريده من سلب الأرض والقتل والتدمير، كما تنكرت لكل القرارات الدولية والإنسانية، ولم تعطِ اعتباراً لحقوق شعب يرزح تحت نير احتلالها.

هذه الخطوة تمثّل نهاية حقبة، بعدما أصبحت معظم دول العالم ممتعضة من تصرفات إسرائيل، التي لم يرقْ لقادتها القرار، فأكدوا استمرارهم بحربهم، في خرق فاضح للقانون، معتبرين قتل عشرات آلاف النساء والأطفال مبرراً وشرعياً؛ بل إنهم يعيبون على العالم مطالبته بوقف المجازر الدموية التي يسقط فيها يومياً مئات الضحايا.

الولايات المتحدة، وبعض الغربيين، الذين يكيلون بمكيالين انتقدوا طلب الجنائية، في مفارقة عجيبة؛ إذ إنهم دعموها سابقاً ضد روسيا، ما يؤكد انحياز واشنطن الأعمى ومن لف لفيفها إلى تل أبيب، وتغاضيهم عن جرائمها؛ بل وتوفير الغطاء لها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، عبر مدها بما تحتاج إليه في حربها المدمرة، ووصل الحال إلى تهديد كريم خان أكثر من مرة في حال استهدفت المحكمة الجنائية الدولية إسرائيل، الذي قال في إحدى مقابلاته الصحفية: إن أحد السياسيين الغربيين قال له: إن هذه المحكمة «أُنشئت من أجل إفريقيا ومن أجل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين».

إسرائيل في مكانها الطبيعي؛ أي مساءلتها على أفعالها، ورغم مقاومتها والغرب ذلك، فإن العالم تغيّر، ولم يعد مقبولاً عند الشعوب استمرار ذلك، إضافة إلى الكثير من الحكومات الغربية التي كان بعضها وما زال حليفاً لتل أبيب، حيث إنها باتت ترى أن الاعتراف بدولة فلسطينية ضرورة، ولجأت إلى خطوات عملية في هذا الصعيد.

إسرائيل تواجه أقسى عزلة في تاريخها، فالعالم ينفضُّ من حولها، شعبياً ورسمياً، فضلاً عن سقوطها في وحل الاستنزاف، وتكبدها خسائر فادحة مادياً واقتصادياً، قد لا تتعافى منها لزمن طويل، ورغم كل ذلك، فإن عقلية الثأر لا تزال مسيطرة على نخبها، ما ينذر بأن نزيفها سيتواصل، إذا لم تذعن لواقعها الجديد بأنها تحت القانون، ولابد من أن تسكت فوهات مدافعها وهدير طائراتها، فالإنسانية قالت كلمتها.. لا لقتل شعب وسحق هويته.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/489rxk97

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"